رؤية إيرانية للتوصل إلى اتفاق - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رؤية إيرانية للتوصل إلى اتفاق

نشر فى : السبت 2 يونيو 2012 - 8:25 ص | آخر تحديث : السبت 2 يونيو 2012 - 8:25 ص

إنها حالة كلاسيكية للتفاوض على حافة الهاوية: إيران والغرب، الذى يسعى كل منهما لاعتصار التنازلات من الآخر، يقرران مد مفاوضاتهما النووية لجولة أخرى تبدأ فى 17 يونيو، قبل أسابيع قليلة من سريان جولة جديدة من العقوبات.

 

فى وصفها لهذا الإخفاق، قالت كاترين آشتون، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى والمتحدثة باسم الغرب، فى ختام جلسة المفاوضات التى اختتمت الخميس فى بغداد: «من الواضح أن كلا الطرفين لديه الرغبة فى تحقيق تقدم، وهناك أرضية مشتركة بقدر أو بآخر. لكن لا تزال هناك خلافات أساسية مهمة».

 

●●●

 

ما مدى احتمال أن يؤدى هذا إلى صفقة مقبولة؟ سيقول المشكك إن الفرصة ربما كانت محدودة، بسبب مستوى انعدام الثقة المتبادلة وقناعة كلا الطرفين بأن أفضل السبل للتوصل إلى اتفاق هو إحكام المسامير. لكن لأن المواجهة العسكرية تقبع على الطرف الآخر من الفشل الدبلوماسى، فإن الطرفين يتمسكان بالدبلوماسية.

 

وفى محاولة لتخيل ما يمكن أن يكون عليه الحل العملى، تحدثت بعد ظهر الخميس إلى سيد حسين موسوى، العضو السابق بفريق المفاوضين النوويين الإيرانيين والباحث الزائر حاليا بجامعة برنستون. كما قرأت كتابه الرائع الجديد، «الأزمة النووية الإيرانية: مذكرات»، والذى سيصدر الشهر المقبل.

 

الفكرة الأساسية عند موسوى تتركز فى أن التوصل إلى اتفاق أمر ممكن، فقط فى حالة الاعتراف بحقوق إيران بوصفها عضوا بمعاهدة منع الانتشار النووى. ويعنى هذا فى التطبيق أن يتراجع الغرب عن مسعاه لمنع إيران من تخصيب اليورانيوم، المسموح به بمقتضى المعاهدة، بدلا من التركيز على ضمان عدم قيام إيران بإنتاج السلاح النووى.

 

ويستشهد موسوى بالعهد الذى أخذه على نفسه المرشد الأعلى على خامنئى فى 2004: «سأستقيل إذا حرمت إيران لأى سبب من حقها فى التخصيب».

 

وبرغم أننا كنا نتمنى أن يكون الأمر مختلفا، فإن موسوى محق فى أن السماح لإيران بقدر من أنشطة التخصيب شرط ضرورى من أجل التوصل إلى اتفاق. وما إن يقر هذا الحق، ستوافق إيران، كما يعتقد موسوى، على «التخلص من مخزونها» من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%. وستقوم إيران بتصدير مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، الفائض عن احتياجاتها للأغراض المدنية المحلية، كإجراء مؤقت «لبناء الثقة».

 

والنقطة الأعمق التى يشير إليها موسوى هى أن إيران لن توافق على أى شىء تبدو مكرهة عليه. وهذا يتناقض مع الحكمة الراسخة فى واشنطن، التى تعتقد أن إيران لم تأت إلى الطاولة إلا لأن العقوبات بدأت تلحق بها الضرر.

 

ويبدو لى أن الضغوط كان لها بعض التأثير، لكنى أتفهم أيضا قول موسوى بأن إيران «لن تقدم تنازلات أساسية تحت التهديد». فالمفاوضات الدبلوماسية الناجحة هى دائما عملية يمكن أن يدعى فيها كل طرف أنه حقق قدرا من النجاح.

 

●●●

 

ومن المفيد أن ننظر إلى تاريخ التفاوض الحالى من المنظور الإيرانى. وهذا المنظور يتضمن: فى 2005، رفع خامنئى الحظر الذى سبق أن فرضه على التفاوض مع أمريكا، وفى 2009، عرضت إيران تصدير مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى الولايات المتحدة، وأعادت العرض بتحديد أكبر فى 2010 و2011، وقبلت إيران باقتراح روسيا يوليو الماضى بوقف إقامة منشآت تخصيب جديدة وكذلك بـ«البروتوكول الإضافى» للوكالة الدولية للطاقة الذرية للتفتيش المفاجئ. ويعتقد الإيرانيون بأنهم لم يحصلوا مقابل هذا سوى على المزيد من العقوبات.

 

وكلما حاول الغرب اعتصار إيران، لجأ الإيرانيون تحديدا إلى ما من شأنه إثارة حفيظة الغرب. وقد يكون هذا عائدا إلى أنهم مصممون على امتلاك القدرة على إنتاج السلاح النووى، أو لأنهم يرفضون أسلوب الضغط. وسواء كان هذا أو ذاك، فقد أثبتت الجهود الحالية للضغط على إيران فشلها.

 

ويرى موسوى أن الاتفاق النووى، الذى يقوم على ركيزتى حقوق إيران بمقتضى توقيعها على معاهدة منع الانتشار النووى وفتوى خامنئى بحظر السلاح النووى، قريب المنال. لكن على إيران والولايات المتحدة الدخول فى مفاوضات ثنائية موازية إذا أرادا التوصل إلى الأمن الحقيقى، كما يرى موسوى.

 

وكأجندة لهذه المحادثات الاستثنائية، يقترح موسوى موضوعين افتتاحيين تتطابق فيهما مصالح البلدين: تحقيق استقرار أفغانستان تحت سيطرة حكومة غير تابعة لطالبان والقضاء على تجارة المخدرات فى المنطقة. وكدليل على استعداد إيران، يستشهد بدعوة وجهت فى فبراير 2011 فى السويد إلى مارك جروسمان، الدبلوماسى الأمريكى الرفيع المختص بأفغانستان، لإجراء محادثات فى طهران. وقال مصدر أمريكى إن واشنطن اقترحت بدلا من ذلك محادثات فى أفغانستان، لكن إيران رفضت.

 

●●●

 

فما الذى يمكن أن يصمد فى التطبيق مما قاله موسوى؟ إن المفاوضات هى الاختبار الأفضل، وهناك طرفان أعطى كل منهما الآخر مهلة شهرا آخر لاستكشاف سبل الابتعاد عن حافة الهاوية.

التعليقات