الاتفاق الذى كاد يتم - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاتفاق الذى كاد يتم

نشر فى : الأربعاء 2 نوفمبر 2011 - 9:20 ص | آخر تحديث : الأربعاء 2 نوفمبر 2011 - 9:20 ص

يمكننا أن نضيف إلى كتالوج فرص السلام الضائعة فى الشرق الأوسط فصلا مثيرا ومحبطا أيضا: العرض السرى الذى تقدم به رئيس الوزراء الاسرائيلى ايهود اولمرت فى عام 2008 لاقامة دولة فلسطينية من شأنها أن توفر مراقبة دولية للأماكن المقدسة فى القدس المقسمة وهو تنازل قال كثير من الإسرائيليين إنه مستحيل.

 

●●●

 

وتناقش كونداليزا رايس اقتراح اولمرت فى مذكرتها الجديدة، «الشرف الرفيع». وقالت انها بينما كانت تستمع الى خطة اولمرت خلال زيارتها لإسرائيل فى مايو 2008، سألت نفسها «هل أستمع حقا لهذا؟.. ركزى. اكتبى هذا، لا تكتبيه. ماذا لو تسرب؟ لا يمكن ان يتسرب؛؟ فالأمر لن يخرج عن كلينا». وكما تروى رايس، وضع أولمرت خطة شاملة قدمها سرا لمحمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية فى صيف 2008. وبحلول سبتمبر تضمنت تفاصيل عرض أولمرت، ما يلى:

 

ــ تنقل إسرائيل السيادة على 94.2 فى المائة من الضفة الغربية الى الدولة الفلسطينية الجديدة. مع عرض المزيد من تبادل الأراضى، وممر يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما يجعل مجموع مساحة الأراضى الفلسطينية يساوى 100 فى المائة من حدود الضفة الغربية ما قبل 1967.

 

ــ صيغة لتقسيم القدس من شأنها أن تعطى الأحياء العربية للفلسطينيين والأحياء اليهودية لإسرائيل، بينما يكون وضع الأحياء المختلطة، محل بحث المفاوضين. ويكون القدس الشريف عاصمة كل من البلدين؛ حيث يتم تشكيل مجلس مشترك للمدينة يكون فيه رئيس بلدية اسرائيلى ونائب رئيس بلدية فلسطينى.

 

ــ تتم إدارة المدينة القديمة بواسطة لجنة دولية تضم ممثلين من إسرائيل، وفلسطين، والأردن والسعودية، والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة. ويتم تسوية مسائل السيادة فى القدس، حيث يرفض كل طرف مزاعم الطرف الآخر.

 

ــ يكون «حق العودة» محدودا بخمسة آلاف شخص. كما ينشأ صندوق بعدة مليارات من الدولارات، لتعويض اللاجئين الفلسطينيين الآخرين، تحت إدارة نرويجية.

 

ــ لن تتولى الولايات المتحدة حماية أمن إسرائيل بالقوة الأمريكية فحسب، ولكن عبر تدريب قوة أمن فلسطينية محل ثقة.

 

●●●

 

فماذا حدث لهذه الصفقة الرائعة؟ تعرفون الجواب لأن هذا هو الشرق الأوسط: ماتت! بينما الولايات المتحدة تقف موقف المتفرج تأمل وتصلى، غير أن أولمرت وعباس أضعف سياسيا من أن يقفزا هذه القفزة.

 

وجاء الانهيار فى اللحظة التى بدا أن الاتفاق أصبح حقيقة. وفى سبتمبر 2008، عرض أولمرت على عباس خارطة رسم حدود الدولة الجديدة. ووفقا لما تقول رايس، طلب أولمرت من عباس توقيع الاتفاق على الفور، ولكن الزعيم الفلسطينى تقاعس وطلب استشارة الخبراء الفلسطينيين أولا. ولم يسمح له اولمرت بأخذ نسخة من الخريطة، ولم ينعقد الاجتماع التالى لمناقشة الأمر أبدا.

 

وحاول الرئيس بوش إحياء الاتفاق عندما زار الزعيمان واشنطن كل على حدة، فى نوفمبر وديسمبر، ولكن بحلول ذلك الوقت كان أولمرت قيد التحقيق بتهم الفساد، ورأى عباس على ما يبدو انه يستطيع الحصول على صفقة أفضل مع رئيس من الحزب الديمقراطى. وكتبت رايس «كانت الظروف سانحة تقريبا من أجل التوصل الى اتفاق حسب ما نراه، ولكن ليس تماما».

 

فما الذى تلا هذا الفشل؟ هذا هو الجزء الأكثر إحباطا من القصة. التزمت رايس الصمت، لكنها أعطت الإدارة الجديدة تفاصيل عرض اولمرت، بما فى ذلك نسخة وزارة الخارجية من الخريطة. وأعربت عن أملها أن تستخدم الولايات المتحدة خطة اولمرت باعتبارها لبنة للمفاوضات وربما حتى تقديمها الى مجلس الامن الدولى.

 

ولكن الرئيس أوباما قرر أن تبدأ مفاوضات شاملة فى واحدة من أكبر اخطائه وطلب تجميد الاستيطان الإسرائيلى كاختبار للإرادات. وهو خطأ كبير. فقد كان بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاسرائيلى الجديد، أكثر دهاء. وبعد ثلاث سنوات، صارت عملية السلام جثة هامدة.

 

وتقول رايس إنها قررت أن تعلن خطة أولمرت الآن «لأننا نشهد تراجعا هائلا» حتى أن عملية السلام تبدو «قضية خاسرة». وقد أوضحت فى مقابلة إعلامية أن الدرس المستفاد من مناورة أولمرت «أن التوصل لاتفاق سلام إسرائيلى فلسطينى أمر ممكن، لكنهم لايستطيعون اللحاق بالفرص الضائعة.»

 

وكانت رايس قد تعرضت لانتقادات باعتبارها مفرطة فى التفاؤل، عندما تولت تنظيم مؤتمر السلام فى أنابوليس نوفمبر 2007.. ولكن كانت هناك مكاسب أكثر مما أدركه العديد من المعلقين. وأظن ان جميع الأطراف ستكون راغبة فى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.. إلى أنابوليس و على الأخص، الإسرائيليون.

 

●●●

 

وربما تكون خريطة أولمرت، التى تذروها الرياح الآن، أفضل صيغة سلمية توصلنا إليها، حتى الآن، من أجل إقامة الدولة الفلسطينية التى من شأنها أن تعزز امن اسرائيل نفسها.

التعليقات