من الصعب فعل ذلك مرة أخرى - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من الصعب فعل ذلك مرة أخرى

نشر فى : الأربعاء 3 مارس 2010 - 9:22 ص | آخر تحديث : الأربعاء 3 مارس 2010 - 9:22 ص

 أقصى أمنياته كطفل فى العاشرة من عمره أن يذهب مع ابن خاله إلى المعسكر الصيفى، الذى يقيمه النادى فى إحدى المدن الساحلية، يعرف جيدا أنه لن يستطيع الذهاب، ففى المساء يتبول على نفسه وهو نائم، حتما ستكون فضيحة كبرى، يقول لأمه إنه لن ينام فى المساء وسيظل مستيقظا حتى لا يغفو ويفعلها مرة أخرى.

يعانى الكثير من الأطفال من مشكلة التبول اللاإرادى، يشعر الأهالى بالفزع الشديد خاصة عندما يضبطون الأطفال التبول فى السن الطبيعى لذلك، ثم يفقدون السيطرة فجأة.

عادة ما يبدأون فى عقاب الطفل كمحاولة أولى للتغلب على هذا الطارئ الجديد، وغالبا ما تبوء محاولاتهم بالفشل.
أثناء تدريبى فترة فى أحد المستشفيات الحكومية كان قسم الأطفال ممتلئا بعشرات الحالات يوميا التى تعانى من التبول اللاإرادي، وكان العلاج يتمثل فى عقار اسمه «توفرانيل» يستسهل معظم الآباء والأمهات إعطاءه للطفل وبمجرد أن يتوقفوا عن فعل ذلك يعود الطفل للتبول مرة أخرى.

هناك سببان رئيسان لهذه الحالات، أحدهما عضوى ويتعلق بمثانة الطفل ويستلزم طبيبا، والسبب الآخر نفسى ويستلزم المزيد من التفهم وإخصائى نفسى، لكن فى كل الحالات يجب زيارة الطبيب أولا لاستبعاد السبب العضوى وعدم أخذ ردود فعل هوجاء تتسم بالعنف. يجب أن نسأل أنفسنا: ما الذى حدث ليتحول الطفل إلى ذلك؟ عادة ما تصيب هذه الحالة الأطفال الحساسين كرد فعل لبعض الظروف الجديدة التى تطرأ عليهم، مثل قدوم طفل جديد إلى الأسرة والغيرة الشديدة منه والشعور بأنه ما عاد محبوبا ومقبولا وسطهم، كما أنه فى بعض الحالات يكون رد فعل تجاه تحرش جنسى حدث للطفل، وشعور بالخوف الشديد وعدم الأمان، أو نتيجة لشىء ما حدث فى المدرسة أفقده الثقة فى نفسه، أو أنه يتعرض لإهانات بالغة، معظم الحالات يحدث لها ذلك بعد دخول المدرسة، وكأن المدرسة حدث ضاغط جدا على الطفل ولا يستطيع التعامل أو التوافق معه.

هنا التبول يمثل إشارة مهمة لعقد صلة مع الطفل، كأنه هنا يصرخ ويقول: «أنا وحدى ولا أستطيع التكيف فأنقذونى!» وبدلا من العقاب يجب أن نفهم الطفل ونعرف تلك الأحداث التى لا يتحملها، بالإضافة لعمل برنامج لضبط التبول يقوم على التدريب والتشجيع.

أتذكر بنتا فى العيادة لديها اثنى عشر عاما وبدأت فى التبول مرة أخرى بعد طلاق أمها وأبيها وتركها وحيدة عند جدتها، كان هذا بمثابة ألم شديد يضاف إلى ألمها، عندما جاءت مع الأم ظلت الطفلة خجلة جدا من الاعتراف بمشكلتها، وظلت طوال الجلسة صامتة، لم تهدأ إلا عندما أشعرتها بالقبول وأن ذلك يحدث لكثيرات غيرها وأنها ليست الوحيدة التى تمر بذلك.. مهم جدا أن يعرف الطفل أن هناك من هم فى مثله ويمرون بالخبرة نفسها، لأن الرسالة التى يريد الوالدان دوما أن يعطوها للطفل أنه الوحيد الذى يفعل ذلك، وتدعم تلك الفكرة من خلال ملاحظاته لدائرته، فيشعر بالمزيد من العجز والوحدة.

أيضا من الأسئلة المهمة: هل يحدث التبول أثناء الليل فقط أم أن ذلك يحدث بالنهار أيضا والطفل مستيقظ؟ فذلك أسوأ كثيرا.

من البرامج السلوكية التى تمت تجربتها مع الكثيرين ممن يعانون من التبول اللاإرادى، ذلك البرنامج الذى يقوم على تدريب المثانة وتشجيع الطفل، خلال هذا البرنامج يتم الاتفاق مع الطفل على كل التفاصيل باعتباره شريكا فى العملية العلاجية، ولابد من موافقته، وغالبا ما ينجح ذلك فى معظم الحالات، وخاصة فى ظل تفاهم الأهل.

فى البدء كما قلت يجب أن يفهم بأنه ليس الوحيد الذى يمر بمشكلة، ونحكى له قصص نجاح آخرين تغلبوا على هذه المشكلة، ونشجعه ونؤكد قدرته على تجاوز هذه المشكلة، ونبدأ فى الاتفاق على مجموعة من الأشياء منها مثلا أن نمتنع عن تناول المشروبات قبل النوم بساعتين، وأنه عندما يريد ذلك عليه أن يأتى ويصرح برغبته، وبدلا من توبيخه نذكره بالمزايا، التى سيشعر بها فى حال تغلبه على ذلك، ونشجعه على الاستمرار، ونتفق على جدول تدعيمى سنضع فيه نجمة فى اليوم الذى لن يتبول فيه، بالإضافة إلى أننا سنتفق معه على الاستيقاظ كل ثلاث ساعات لدخول الحمام وهو أمر مجهد جدا على الطفل والأم خاصة فى فصل الشتاء، ونشجعه فى الصباح بشدة أنه استطاع فعل ذلك.

بدائل العقاب كثيرة فى ضبط التبول لدى الأطفال، هناك الكثير من برامج ضبط التبول يمكن لأى إخصائى نفسى أن يعلمها للأهل.

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات