بتريوس يعيد صياغة لعبة القتال فى أفغانستان - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بتريوس يعيد صياغة لعبة القتال فى أفغانستان

نشر فى : الأربعاء 3 نوفمبر 2010 - 9:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 3 نوفمبر 2010 - 9:55 ص

 يبدو أن الجنرال ديفيد بتريوس يُجرى تحولا إستراتيجيّا فى أفغانستان، حيث يضفى على مهمته الأساسية كقائد عسكرى دور المحارب ورجل الدولة فى آن واحد، الدور الذى سبق له القيام به فى العراق، حينما كان قادرا على المزج بين العناصر العسكرية والسياسية للحملة الأمريكية هناك.

ومنذ فترة طويلة، يُعتبر بتريوس واحدا من دعاة الفكر، التى ينادى بحتمية مزج الحوار بالقتال فى المجتمعات القبلية. فبينما كان يقوم بقصف المتمردين السُنة والشيعة فى العراق، كان يفتح قنوات جديدة تمكِنَهم من إيجاد سبيل للتوافق مع الحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة.

والآن يتبنى القائد العسكرى الأمريكى نهجا ثنائيا مشابها فى كابول، بعد قضائه أربعة أشهر فى منصبة كقائد لقوات حلف الناتو فى أفغانستان. ويقوم بتريوس حاليا بتكثيف الضربات، عبر زيادة حملات العمليات الخاصة والقصف الذى يستهدف قادة طالبان. لكنه إلى جانب ذلك يتحاور أكثر مدعما المحادثات، التى يجريها الرئيس حامد قرضاى مع المسئولين فى طالبان بغرض المصالحة، وضامنا لسلامتهم أثناء ذهابهم إلى كابول ومجيئهم منها كعربون للثقة.

وتُعد جميع هذه الخطوات من إبداعات بتريوس، وتُعتبر مثالا على كيفية استخدامه مبعوثين غريبى الأطوار من أجل بعث رسائل مصالحة بينما يُصعِّد تواتر الهجمات. وحينما كان بتريوس فى بغداد، ظل محتفظا بشبكة خلفية من المساعدين العرب، الذين يمكنهم القيام بزيارات فى منتصف الليل إلى رئيس الوزراء نورى المالكى وغيره من المسئولين، من أجل التودد إليهم كى يوافقوا سرّا على ما رفضوا قبوله علنا. ويتناسب هذا النهج مع المجتمعات، التى تُعتبر فيها مساعدة الآخرين على حفظ ماء الوجه بعدا مهما فيما يخص التوصل إلى توافق وحسم الصفقات. وفى ظل تولى بتريوس مقعد القيادة السياسية العسكرية، فبوسعه قيادة عملية تهدف إلى الضغط على جماعات طالبان اليائسة فى اتجاه التسوية السياسية.

ويعتمد الجانب الدبلوماسى من هذه اللعبة على قدرة بتريوس على قرع من يقاومون باستخدام قوات عسكرية مهلكة. ولهذا السبب ظل بتريوس يضغط بقوة على باكستان كى تُصعِّد من عملياتها ضد شبكة حقانى، التى تتخذ من منطقة القبائل فى الشمال الغربى مأوى لها، وضد مجلس «شورى كويتا»، الذى يُسيِّر عملياته من بلوشستان فى جنوب غرب باكستان.

ومن الجدير بالاهتمام أنه بينما يمضى بتريوس قُدما فى هجومه القائم على الحوار والقصف معا، لم نعد نسمع الكثير حول إستراتيجية مجابهة التمرد، التى تمثل مساهمته الكبرى فى المبادئ العسكرية. بالرغم من أن بتريوس ساعد فى صياغة هذا النهج عام 2006، حينما كان فى جولة داخل الولايات المتحدة حينما كان قائد فورت ليفينورث، فإن ذلك النهج كان أكثر بساطة من الإستراتيجية الماكرة التى استخدمها، سواء فى العراق أو فى أفغانستان.

ولنأخذ على سبيل المثال مبدأ «حماية السكان». فلا يزال بتريوس ونوابه يطبقون هذا المبدأ الذى يضع السكان فى مركز الاهتمام فى إقليمى قندهار وهلماند، بالرغم من تأكيد كبار المسئولين العسكريين على محدودية النجاح الذى حققته هذه الإستراتيجية حتى الآن.

لكن العمل العسكرى الحقيقى كان يقوم على «التركيز على العدو» عبر تصعيد العمليات الرامية إلى أسر قادة طالبان أو قتلهم، جنبا إلى جنب مع دعم محاولة كرزاى للتوصل إلى صفقة سياسية معهم. والآن يرى الرئيس أوباما الذى صدَّق فى ديسمبر الماضى على نهج مواجهة التمرد قائده ينفذ إستراتيجية تستمد نجاحها الأساسى من تكتيكات مواجهة الإرهاب كحملات منتصف الليل وعمليات اقتحام المنازل الوحشية، التى تقوم بها القيادة المشتركة للعمليات الخاصة (JSOC).

ويعبر هذا الخليط ذئب مقاتلة الإرهابيين فى زى حَمَل مجابهة التمرد عن طبيعة بتريوس المتلونة. فوفقا لما قاله أحد رجال القوات الخاصة، أظهر تقرير عن العمليات العسكرية أُعد مؤخرا بناء على طلب بتريوس أن 90% من العمليات الناجحة فى أفغانستان قام بها 5% من القوات وبشكل أساسى الفرق السرية المرتبطة بفرق القيادة المشتركة للعمليات الخاصة.

ومن البداية، كان الوقت هو التحدى الأكبر الذى يواجهه بتريوس، وكان واضحا عدم ارتياحه للجدول الزمنى، الذى تبناه أوباما حول تحديد يوليو2011 كموعد لبدء انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. ولم تكن الخطة فى حد ذاتها هى مصدر قلق بتريوس، بل الرسالة، التى سوف تبعث بها هذه الخطة إلى طالبان وما يمكن أن تسفر عنه من إضعاف لإستراتيجيته السياسية ــ العسكرية. فلماذا يتنازل الأعداء القبليون أمام قوة عظمى تعلن عزمها على الرحيل؟

وقد توصل بتريوس ومستشاروه إلى حيلة بارعة للتعامل مع مشكلة يوليو 2011، ترتكز إلى قيامه بحث الناتو من خلال قمته المزمع عقدها فى هذا الشهر فى لشبونة على التركيز على الجدول الزمنى، الذى اقترحه كرزاى بنقل السيطرة الأمنية إلى الأفغان بحلول عام 2014. ويلقى هذا الاقتراح ترحيب بتريوس لأنه يضيف ثلاث سنوات إلى الوقت المتاح له، ويضفى المزيد من المصداقية على مقولته بشأن وجوب صعود طالبان قطار المصالحة مع كرزاى.

وقد أوضح تقرير كئيب أُرسل إلى الكونجرس الشهر الحالى أن إستراتيجية الإدارة الأمريكية لا تسير بطريقة جيدة حتى الآن. ومن ثم، فمن الطبيعى أن يقوم بتريوس بتجربة خلطة أخرى.

التعليقات