طقوس ضبط النفس - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

طقوس ضبط النفس

نشر فى : السبت 3 نوفمبر 2012 - 8:40 ص | آخر تحديث : السبت 3 نوفمبر 2012 - 8:40 ص

وجدتنى متورطة بشكل خاص فى موضوع ضبط النفس لأسباب ذاتية تماما ، أعرف أننى أتسم بقدر من تدليل الذات، و عادة ما ألجأ إلى محايلة نفسى للقيام بأمور عدة وغالبا ما ينجح ذلك معى ، فبشكل أو بآخر يصلح التشجيع معى فى القيام بمهام كثيرة. لكننى كثيرا ما أعانى من جراء ذلك، فأنا أعرف عن نفسى أن كثرة التدليل تضفى قدرا من الأنانية علىَّ فأصبح فى بعض الأوقات مثل الطفل الأنانى الذى يهتم كثيرا بمقدار ما سيحصل عليه من أشياء، ويظل يلح فى الحصول على كل هذه الأشياء التى يبتغيها.

 

لا أعرف لما وقفت لنفسى بالمرصاد وخاصة عند سرقة الأيفون الخاص بى، إذ وجدتنى مندفعة لشراء آخر بمنتهى الاستهتار، مما لا يتناسب مطلقا مع ظروفى المادية هذه الأيام. وظللت متفرغة لطقوس ضبط تلك النفس الطفولية والتى تتسم بقدر  كبير من الأنانية، ووجدتنى منشغلة بالبحث عبر الدراسات عن هذا المفهوم واستراتيجيات إدارته.

 

وفى الحقيقة وجدت العديد من الدراسات التى تقع تحت مجال علم النفس الإيجابى والتى تتحدث عن استخدام تلك الاستراتيجيات لمزيد من ضبط النفس والعيش بطريقة أفضل، وأولى هذه الفرضيات التى انطلقت منها هو أننا نسعى إلى التغيير عندما نشعر بأن سلوكنا يقودنا إلى المزيد من التوتر. فى الحقيقة تم تطبيق هذا المفهوم على سلوك الريجيم، عندما يظل الشخص متوترا ومحبطا من جراء سلوكياته التى تؤدى به إلى المزيد من البدانة ويفتقر إلى ضبط الذات ليمكنه التحكم فى وزنه.

 

لكننى عندما أخذت أتأمل سلوكياتى وسلوكيات الكثيرين وجدت أن الأنانية لا تشعرنى بالتوتر، بل على العكس ترضينى تماما. وبتأمل هذه الحقيقة وجدتنى انشغلت بالتفكير حول «متى يشعر الإنسان أنه بحاجة إلى التغيير؟» ووجدت أن الإجابة تنحصر فى سببين: أولهما عندما يشعر الفرد بأنه متوتر بسبب كم الخسائر التى بات يجنيها من وراء سلوكه، والسبب الثانى هو الوعى بما سيئول إليه سلوكه فيما بعد رغم المزايا التى ما زال يحصل عليها، وأظن أن ذلك هو ما دفعنى لتجربة ضبط النفس.

 

أعرف أن لدىَّ وعى جيد بنفسى، ووعى بما سيحدث من جراء سلوكيات بعينها، لذا قررت عدم شراء موبايل فى مثل هذه الظروف والاستمرار بتليفون قديم حتى تتحسن ظروفى المادية... رفضت كذلك عرض أختى لاستخدام تليفونها الحديث واستبداله بالتليفون القديم رغم اعجابى الداخلى بالفكرة، لكننى كنت أعرف أننى بحاجة إلى تربية الذات.

 

وأولى خطوات هذه البرامج هى تصنيف المشكلة وتحديد السلوكيات التى تعانى منها وتنوى تغييرها، وفى حالتى مثلا هى السلوكيات التى تتسم بالأنانية... وأخذت أضع قائمة بالسلوكيات الأنانية التى أنوى تغييرها مستخدمة فى ذلك المراقبة الذاتية.

 

تشير بعض الدراسات إلى أنه من الممكن الاستعانة بصديق ليساعدنا على تحديد السلوكيات التى ننوى تغييرها. وبعد الانتهاء من إعداد القائمة ننتقل إلى الخطوة التالية وهى وضع أهداف محددة يمكن قياس مدى التغير من خلالها. وهنا أمسكت القائمة ووضعت أهدافا محددة، وكان أول هذه الأهداف بالنسبة لى «عدم شراء موبايل جديد إلا بعد مرور شهر بشرط الحصول على مبلغ كاف لا يتعارض مع أى احتياجات أخرى أو أولويات»، وبعد التأكد من نفاد إجراءات النيابة والمحضر الذى قمت به لتتبع الجهاز. وبالطبع صغت هذا الهدف بشكل محدد يصلح للقياس، لأننى إذا اشتريت جهازا آخر قبل هذه الشروط أكون قد تخليت عن الهدف العلاجى.

 

ثالث الخطوات بعد ذلك كانت اختيار استراتيجية تتعامل من خلالها، وهنا اخترت لنفسى استراتيجية سلوكية تتمثل فى التأجيل والتحكم فى السلوك، وقد يستخدم آخر بعض الاستراتيجيات المعرفية مثل مناقشة الأفكار أو تخيل تحقيق الهدف أو التفكير فى الإيجابيات الممكنة. وهنا ننتقل بين الاستراتيجيات لنختار الأنسب لنا وللسلوك المراد تغييره. أما رابع الخطوات فهى إجراء المزيد من مراقبة الذات ومراقبة مدى تحقيقك للأهداف واستمراريتك عليها. فى الحقيقة ستشعر بمشاعر إيجابية جدا جراء دخولك إلى مثل هذه الدوائر، عن نفسى أشعر بالإنجاز كلما استطعت تحقيق هدف من القائمة التى وضعتها فى البداية.

 

أرى أننا مجتمع لا يقوم بالضبط الذاتى لأى من سلوكياته، فننتج فى النهاية مجموعة من السلوكيات العشوائية... فنحن نحتاج لضبط ذاتى وضبط قانونى على السواء. نحن نعيش فى دولة، رغم وجود العديد من المشكلات بها ورغم وجود دوافع للتغيير، إلا اننا لا نستخدم أى استراتيجية للقيام بهذا التغيير .. أظن أن الدولة  تحتاج  إلى ما يحتاجه المدمن للتغيير، وهو أن يشعر بقاع سلوكياته ويتدهور بشدة كى يسعى للتغيير، وأستعجب من أننا لم نصل بعد إلى قاع التدهور !!

 

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات