والشاطرة تغزل برجل حمار - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 6:54 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

والشاطرة تغزل برجل حمار

نشر فى : الخميس 4 أبريل 2024 - 7:30 م | آخر تحديث : الخميس 4 أبريل 2024 - 7:30 م

ارتفاع الأسعار أصبح أمرا لا يطاق خاصة من قبل المنتمين للطبقتين الوسطى والدنيا. فمعدلات التضخم فى ارتفاع متواصل، وجشع المحتكرين فاق كل تصور، فى ظل الرغبة المحمومة فى ابتكار كل جديد للإفلات من القانون. الكسب والإرباح السريع هو ديدن عديمى القيم والإخلاق، هؤلاء الناس لا يعنيهم على الإطلاق أية مواعظ أو نصائح حول ما ينتظرهم يوم الدين بسبب نهب أموال الناس، واستغلال الفرص. كل ما يهم هؤلاء تجميع المال، وتركه لأبناء لن يكونوا مسئولين عن سبل جمعه، يتمتعون به فى الدنيا، أما من استحوذ وجمع الثروة بحيل ودهاء فيتمتع بنار جهنم.
واحد من أهم سبل مواجهة هؤلاء هى المقاطعة، والبحث عن بدلاء. سبيل آخر هو جهد الدولة فى تعديل التشريعات الخاصة بمنع الاحتكار وحماية المنافسة. أفضل التعديلات على القوانين الخاصة بذلك يتحتم أن تشتمل على غلق النشاط والسجن، ومضاعفة الغرامات. د. جودة عبدالخالق أستاذ الاقتصاد وعضو مجلس أمناء الحوار الوطنى ووزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق، يطرح مسألة مهمة وهى تحويل الجرم الخاص بالمحتكر إلى جرم مخل بالأمانة الشرف، ما يمنع صاحبه من ممارسة حقوقه المدنية والسياسية إلى جانب كل ما سبق من تصعيد فى الغرامة وسنوات السجن وغلق النشاط.
أمر آخر متصل بالمواجهة وهى الأبتكار نفسه. بمعنى أن المستهلك بالنسبة لشراء السلع المصنعة، من المهم أن يعرف كيفية صناعتها إن أمكن، بحيث يقوم المستهلك بتركيب السلعة المرادة فى المنزل بأقل التكاليف الممكنة. هذا الأمر يحد من الاستهلاك بداية، ويعطى المستهلك الفرصة لادخار قوت يومه بأقل التكاليف. بالطبع وسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية المختلفة حبلى بالعديد من الوسائل الخاصة بكيفية تركيب المنتج وصناعته بعد إرشاد القارئ على المحتوى والمكونات. من هنا يقوم البعض بتصنيع الجبن والصابون وأدوات الزينة ويتبعون طرائق عديدة لعدم استهلاك المزيد من الزيوت ناهيك عن صناعة الدواجن والأشجار المثمرة فى حدائق المنازل حاصة فى الريف، وكلها وسائل بديلة عن انتشار محلات الدليفرى والمطاعم مرتفعة الأثمان.
أبرز الأمثلة التى يمكن للإنسان أن يحتاجها اليوم على وجه التحديد، هو ما يحتاجه المستهلك فى ختام صيام شهر رمضان، وهو كحك العيد، وهو عادة مصرية قديمة، يستحيل أن يستغنى عنها المصريون على اختلاف شرائحهم.
منذ عقدين أو أكثر اشتهر بين الناس والتجار مسألة صناعة الكحك بالوسائل الحديثة، وبيعه فى المحلات بأسعار تصل إلى أربعة أو خمسة أضعاف المصنع بالمنزل. وبسبب التضخم المستمر، ولاعتماد تلك السلعة على سلع أخرى كالدقيق والسكر والسمنة والغاز، فإن أسعار الكحك فى ارتفاع متواصل، خاصة وأنها سلعة ليست مرنة، بسبب إدراك التجار والمصنعين أنها سلعة يحتاجها الجميع تقريبا بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية.
فى البحث فى أسعار الكحك هذا العام، يظهر أن الكيلو الواحد من تلك المخبوزات قد يصل إلى ما فوق 400 جنيه فى بعض الأحيان. واحد من أهم وسائل مواجهة ذلك العودة لتصنيع تلك المخبوزات بالمنزل، وكما يقول المثل الشعبى الشاطرة تغزل برجل حمار، فالعادة التى اعتادها الناس تمت، وتم التحايل على الغلاء والمستغلين. فكما كان يحدث فى السابق كانت السيدة المصرية وبأقل التكاليف تقوم بشراء الدقيق والسمنة والسكر، وتقوم بإعداد «صاجات الكحك» وذلك بالاعتماد على الفرن المنزلى أو الأفران المجاورة. بالتأكيد الأسعار أرخص والكم أكبر ومستوى النظافة أفضل والمذاق مختلف.
غاية القول أنه فى كل شىء من الأشياء الممكن تصنيعها يمكن بالتأكيد التغلب على الأسعار وعلى الغلاء، وهذا لا يقلل من أهمية تدخل الدولة للضرب على يد المحتكرين.

عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات