أكثر من الكلام.. الدعم العملى ضرورى للإيرانيين - من الفضاء الإلكتروني «مدونات» - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 11:54 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أكثر من الكلام.. الدعم العملى ضرورى للإيرانيين

نشر فى : الخميس 4 مايو 2023 - 7:30 م | آخر تحديث : الخميس 4 مايو 2023 - 7:30 م
نشرت مدونة صدى التابعة لمركز كارنيجى مقالا للكاتب الإيرانى كوروش زيابارى، تناول فيه ضرورة أن يترجم المجتمع الدولى دعمه للمعارضة الإيرانية إلى أفعال لا أقوال حتى يتمكن الشعب الإيرانى من تحقيق التغييرات التى ينشدها.. نعرض من المقال ما يلى.
دفعت الحركة التقدّمية التى التفّت حول الاحتجاجات التى قادتها نساء وشباب إيرانيون تحت شعار «المرأة، الحياة، الحرية»، بعدد كبير من السياسيين فى الديمقراطيات الغربية إلى التعبير عن دعمهم للشعب الإيرانى. وقد تعهّد القادة من الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو، بالوقوف إلى جانب المحتجّين الإيرانيين فى تحدّيهم لإملاءات الجمهورية الإسلامية. وطرحوا أيضًا أفكارًا عن كيفية تأديب الحكومة فى طهران على خلفية حملات القمع الهمجية التى شنّتها، وقد تمحورت هذه الإجراءات بصورة أساسية حول العقوبات الاستهدافية.
فى الأشهر الأخيرة، تراجعت التظاهرات فى الشارع، ولكن زخم الحركة يتواصل من خلال أفعال العصيان المدنى إلى جانب رفض النساء للحجاب الإلزامى. ولكن فى وقتٍ يرزح فيه الإيرانيون تحت الوطأة المزدوجة للعزلة الدولية وقبضة حكومتهم الحديدية فى الداخل، لم تتجاوز مظاهر الدعم الدولية، بصورة عامة، حدود الخطابات، ولم تُقدَّم مساعدات فى شكل دعم اقتصادى وإنسانى للمحتجّين المحاصرين.
التقاعس عن العمل
أولًا، وعلى مدى الأشهر العاصفة فى ذروة الانتفاضة فى إيران، لم تبادر القوى الأوروبية والولايات المتحدة إلى اقتراح مبادرات من شأنها تيسير الأمور للمواطنين العاديين الإيرانيين، بمن فيهم الطلاب والصحفيون ونشطاء المجتمع المدنى، من أجل دعم نضالهم فى سبيل الحرية وإنهاء حالة الحرمان العالمية التى لطالما فُرِضت عليهم. وفشلت المنظمات الدولية أيضًا فى ترجمة وعودها النبيلة إلى مساعدات وجهود إغاثة قابلة للقياس الكمّى، وتعرّضت منظمة الأمم المتحدة، على وجه الخصوص، لانتقادات حادّة من النشطاء لاكتفائها بالإدلاء بتصاريح متفرّقة تعبيرًا عن القلق بدلًا من اتخاذ خطوات ملموسة لمؤازرة الشعب الإيرانى.
لا بل فُرِضت قيود إضافية على اتصال الشباب الإيرانيين بالعالم الخارجى. على سبيل المثال، أعلنت وزارة الخارجية الألمانية خفض أعداد المراكز الثقافية ومعاهد اللغة الألمانية فى طهران ردًّا على العنف الذى مارسته الحكومة الإيرانية. فالطلاب الإيرانيون الذين يتطلّعون إلى حياة أفضل فى الخارج كانوا المستفيدين الأساسيين من هذه المؤسسات. ومن السذاجة الاعتقاد بأن خفض أعداد المراكز الثقافية التى تساهم فى تيسير التبادلات الأكاديمية هو عقابٌ للحكومة.
علاوةً على ذلك، وفى أوج حملة القمع حين كان المواطنون الإيرانيون يُعتقَلون بأعداد كبيرة ويُقتَلون فى الشوارع، لم تقترح أى حكومة مسارًا للهجرة الإنسانية بغية إجلاء المحتجّين والنشطاء ومنحهم اللجوء. ولم تبادر الحكومة الكندية إلى الإعلان عن تعديل قانون الهجرة ليتمكّن الإيرانيون الموجودون فى كندا من تمديد إقامتهم المؤقتة إلا فى أواخر فبراير، أى بعد مرور خمسة أشهر على بدء الاحتجاجات. ولا يزال على الإيرانيين الراغبين فى مغادرة بلادهم التخبّط فى متاهات أنظمة الهجرة الغربية، فى مشهدٍ يتناقض مع البرامج السخيّة التى قدّمتها الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبى للاجئين الأوكرانيين عقب اندلاع الحرب الأوكرانية.
أخيرًا، على الرغم من تدهور الأوضاع الحاد فى إيران، وخسارة الوظائف بسبب الانقطاع التام للإنترنت بقرارٍ من الحكومة، وإغلاق شركات يُعتقَد أنها مشارِكة فى الاحتجاجات، لم يوضَع عمليًا أى تصوّر تخفيفى يتيح تنفيذ العقوبات المالية والمصرفية بطريقةٍ تُمكّن المغتربين الذين لديهم أفراد من عائلاتهم داخل إيران من إرسال التحويلات إليهم من دون أن يشكّل ذلك انتهاكًا للإجراءات العقابية.
دعوة إلى التحرّك
لا يستطيع المحتجّون الإيرانيون أن يحلموا بالديمقراطية الانتقالية فيما يعانون الأمرّين لكسب لقمة عيشهم فى اقتصادٍ خاضع لعقوبات شديدة. لذلك، يجب، فى مرحلة أولى، إعادة النظر فى نظام العقوبات الأمريكية من أجل إفساح المجال أمام المهنيين الإيرانيين الشباب للتعاون مع جهات التوظيف الدولية فى الخارج والحصول على مصدر ثابت للإيرادات.
تزامنًا، وبما أن الإيرانيين الساعين إلى متابعة تحصيلهم الجامعى فى الغرب يجدون باستمرار صعوبة فى سداد رسوم تقديم الطلبات أو إيداعات القبول فى الجامعات بسبب العقوبات المصرفية، يجب تطبيق آليات لتمكينهم من تخطّى هذه العقبات الصغيرة، ومعاملتهم مثل مقدّمى الطلبات الآخرين بما يضمن المساواة فى الوصول إلى الفرص التعليمية. فضلًا عن ذلك، التحويلات المالية هى مسألة حيوية، ويجب الإفادة من الموارد الهائلة للإيرانيين فى بلدان الاغتراب من أجل انتشال الإيرانيين من براثن الفقر. فطالما أن العقوبات سيفٌ مصلت على أعناق الجاليات الاغترابية الإيرانية، لن يتمكّن الإيرانيون فى الخارج من إرسال الأموال إلى البلاد.
على الرغم من قيام الولايات المتحدة بتخفيف القيود على تأمين خدمات الإنترنت فى الخريف المنصرم، لا يزال الإيرانيون يعانون فى حياتهم اليومية من الانقطاع فى خدمة الإنترنت وتباطؤ سرعتها بصورة دورية. ينبغى على الحكومات الغربية العمل مع شركات التواصل الاجتماعى، وخدمات الرسائل الفورية وغيرها من مقدّمى الخدمات المستندة إلى شبكة الإنترنت ليتمكّن الإيرانيون من تخطّى أشدّ القيود وطأة.
من السابق لأوانه توقّع النتائج السياسية التى يمكن أو يجب أن يولّدها هذا الدعم المتزايد. ولكن حين يتوافر الدعم الدولى الملموس، سيتمكّن الشعب الإيرانى من تحقيق التغييرات التى ينشدها. يجب أن ينبثق التغيير الديمقراطى من داخل إيران، ولكن كى يتبلور هذا السيناريو، ينبغى أولًا تمكين الشعب الإيرانى من خلال الأفعال، بدلًا من الاكتفاء فقط بالأقوال.
النص الأصلى

التعليقات