تأمَّل فى ألغاز عام 2010 - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تأمَّل فى ألغاز عام 2010

نشر فى : الثلاثاء 5 يناير 2010 - 10:15 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 5 يناير 2010 - 10:15 ص

 تكشف عناوين نهاية العام عن المشاعر المبهمة التى يواصل العالم اجترارها: مؤامرات إرهابية على متن الطائرات، وضربات ضد معسكرات تدريب القاعدة، وبرنامج التسلح النووى الإيرانى الذى يتواصل رغم المساعى الرامية إلى منعه خلال ما يقترب من عقد.

ووفقا للمقولة، فإنه لا يمكنك عبور النهر نفسه مرتين. إذ يتحرك التاريخ ويتغير دائما. ولكن المشاكل التى واجهتها الولايات المتحدة فى العالم الإسلامى فى 2009 كانت عميقة وعسيرة، وأكثر استعصاء على الحل مما قد يأمل أوباما وإدارته.

نستطيع تذكير أنفسنا بأن تكيف الإسلام مع العالم الحديث كان إلى حد بعيد أقل دموية مما كانت عليه أوروبا فى القرنين التاسع عشر والعشرين. ولكن ذلك لا يقدم كثيرا من العون لنظام الأمن فى المطارات.

وتتضح الأمور من قراءة تعليق السيناتور ديان فينشتاين رئيس لجنة الاستخبارات فى مجلس الشيوخ حول مدى منع السياسات الأشد حزما تجاه مفجر قنبلة عيد الكريسماس عمر فاروق عبدالمطلب: «من أجل العمل لمصلحة حماية الناس، أفضل الأداء الأعلى مما ينبغى على رد الفعل الأقل مما يجب». وبالأمانة، أليس فى هذا شىء مما قاله ديك تشينى من قبل فى عام 2001؟

وإليكم بعض الألغاز التى سوف أحاول فهمها على نحو أفضل فى بداية العام:

ــ هل نبدأ فى حرب جديدة ضد الإرهاب فى اليمن؟ يبدو أن الإجابة نعم، ولكن إدارة أوباما اتبعت بحكمة نموذج أفغانستان عام 2001 من خلال استخدام قوات بالوكالة (وهى الحكومة اليمنية فى هذه الحالة) لمهاجمة القاعدة. وتلك فكرة أفضل كثيرا من إرسال قوات مقاتلة أمريكية.

الشراكة مع اليمن واهية، وكان ذلك سببا فى عدم ذكر مسئولى الولايات المتحدة شيئا عنها. ولكن هناك برنامجا أمريكيا متناميا من أجل دعم قوات اليمن المضادة للإرهاب، ومن الواضح أن الأسلحة الموجهة بدقة استخدمت فى هجوم 17 ديسمبر على ثلاثة مخابئ للقاعدة، حيث قتلت 34 من رجال القاعدة. وهذا تحديدا ما كان ينبغى على أمريكا فعله ضد أسامة بن لادن فى التسعينيات قبل الحادى عشر من سبتمبر، وهى السياسة الصحيحة الآن.

تمثل اليمن مسرحا لحرب ثانية بالوكالة، تتم هذه المرة بواسطة القوات السعودية واليمنية ضد المتمردين الحوثيين على طول الحدود الشمالية، الذين يحصلون على دعم إيرانى. ومرة أخرى، يتمثل الاتجاه الحكيم للولايات المتحدة فى مساعدة الآخرين فى خوضهم للحرب.

ــ هل يمكننا كبح جماح البرنامج النووى الإيرانى؟ كان من المفترض نفاذ المهلة عشية ليلة رأس السنة وفقا للجدول الزمنى الذى حدده الرئيس أوباما للتعامل مع القضية. ولكن الإدارة توفر قليلا من الوقت الإضافى من خلال ترك الباب مفتوحا من أجل المحادثات قبل التصويت على عقوبات الولايات المتحدة الجديدة، التى قد تكون فى مارس أو أبريل.

لا يتضح أن هناك أملا كبيرا فى المساعى الدبلوماسية من أجل وقف طهران، ولكن ليس هناك كذلك أمل فى أى شىء آخر يمكن فعله. ولذلك شجعت الإدارة مساعى الوساطة التركية لإيجاد حل وسط بشأن خطة 1 أكتوبر الخاصة بتخصيب الوقود الإيرانى خارج البلاد، التى بدا أن طهران قبلتها ثم عادت ورفضتها بعد ذلك. وقد وافق البيت الأبيض أيضا على فكرة السيناتور جون كيرى لزيارة طهران، ولكن كيرى تخلى بحكمة عن ذلك فى الوقت الراهن، حيث يقاتل النظام الإيرانى المحتجين.

هل يلوح تغير للنظام فى طهران؟ ربما أحيت مظاهرات آخر الأسبوع الماضى هذا الأمل، ولكن الأمر مازال سابقا لأوانه. إذ يوسع النظام شبكة القمع الخاصة به بينما لا تزال المعارضة ــ التى تفتقر إلى قائد قوى ــ غير قادرة على تصعيد احتجاجات منظمة طويلة الأمد.

ــ هل تمثل ديمقراطية العراق عام 2010 قصة نجاح كبيرة؟ عندما زرت محافظة الأنبار منذ عدة أسابيع مضت واستمعت إلى محافظ الرمادى يتحدث عن خططه الكبيرة للتنمية، وجدت نفسى أتساءل عما إذا كانت لقصة العراق القاسية من نهاية سعيدة بعد كل شىء. إذ كانت تلك هى المحافظة التى أعلنت القاعدة فيها إمارتها الأولى، منذ أعوام قليلة فقط، والآن يلقى المحافظ بتقرير خاص للفاينانشيال تايمز حول فرص المشروعات التجارية هناك.

عندما أقابل العراقيين هذه الأيام، أجدهم جميعا يقبلون على حديث السياسة: أى حزب سوف يتقدم فى انتخابات البرلمان فى مارس؟ هل يستطيع وزير الداخلية جواد البولانى أو نائب الرئيس عادل عبد المهدى إقالة نورى المالكى الذى يشغل منصب رئيس الوزراء؟ إنه نوع من النقاش السياسى الطليق لا يمكن أن تجده فى أى مكان آخر فى العالم العربى. أود تصديق إنه حقيقى، حتى ولو كانت القنابل الإرهابية تواصل الانفجار فى بغداد والمدن الأخرى.

ما أعرفه عن 2010 أنه سوف يكون عاما آخر من المد والجزر فى الشرق الأوسط. وسوف يكون عاما آخر من حروب التدخل السريع الأمريكية، والتفجيرات المعادية للأمريكان. وثمة علامة إيجابية واحدة تلوح فى الاتجاه العكسى، وبما يتفق مع معظم العقد الماضى، فسوف تسقط أيديولوجيا القاعدة المتطرفة. ذلك أن لدينا عدوا يرتكب من الأخطاء ما يفوق تلك التى نرتكبها.

c) 2009, Washington Post Writers Group

التعليقات