يخوض المسلمون فى الشرق الأوسط حروبا دينية. وعلى غرار المذابح بين البروتستانت والكاثوليك التى شهدتها ايرلندا الشمالية خلال الثلث الأخير من القرن العشرين، لا يمكن لأحد تغيير الأمر، مالم تتطلع الشعوب المحلية للسلام على نحو يدفعها لتحقيقه.
ويوضح التاريخ أن التدخل الخارجى لا يؤدى إلى تكثيف الغضب الطائفى. حيث يبدأ وقف الحرب الضروس من الداخل. ويعرض الرئيس باراك أوباما الأمريكيين للخطر من خلال محاولة استئصال خراج لا يمكن معالجته إلا من الداخل. ويتناقض أيضا قرار إعادة الانخراط فى العراق، والشرق الأوسط الكبير، مع هدف آخر، أكبر للرئيس: التوقف عن القيام بدور المربية.
وكانت آخر مرة اجتاح العدوان الدينى شبه قارة برمتها، خلال عصر الإصلاح قبل أربعة قرون، عندما أطلق المسيحيون العنان لكراهيتهم مثلما يفعل المسلمون فى الشرق الأوسط اليوم.
واليوم، تقاتل الدولة الإسلامية، أو«داعش» كما يصفها الرئيس، لاستعادة الخلافة. وقد قضى الكاثوليك والبروتستانت عقودا يتقاتلون بشأن قضايا مماثلة: هل ينبغى أن يقبل جميع المسيحيين نفس المذهب الدينى؟ هل ينبغى أن تكون جميع الدول تحت سيادة البابا؟
وتهدف المعارك الدينية أو الأيديولوجية عادة إلى إعادة رسم حدود وإسقاط حكومات. ولا يمكن للمتفرجين تنتهى هذه الصراعات – وهو ما ينبغى أن يكون الأمريكيون مدركين له. فلم تستطع بريطانيا ولا فرنسا وقف الحرب الأهلية الأمريكية، التى راح ضحيتها 700 ألف روح أمريكية، وهو أكبر عدد من الضحايا شهدته أى من الحروب التى تورطت فيها الولايات المتحدة.
ولا تزال العديد من الطوائف الدينية فى الشرق الأوسط تأمل فى أن يقتل المنشق أعداؤهم، فهم يتسامحون مع عنف حتى يقترب من عتباتهم ــ وبعد ذلك يلتمسون من الولايات المتحدة إصلاح الفوضى التى أحدثوها. وغالبا ما تستجيب واشنطن التى ابتليت بالضمير.
ويتعهد أوباما الآن، بعد التزامه بمعركة ضبابية أخرى، بالتشاور مع «الحلفاء فى الخارج والكونجرس فى الداخل» خلال «أسبوعين».
ولا شك أن واشنطن بحاجة إلى استراتيجية جديدة؛ تضع الولايات المتحدة أولا وتعترف بأن الدول الأخرى عليها أن تتحمل المسئولية عن نفسها ومشكلاتها ــ خاصة نزاعاتها الداخلية.
وكما لاحظت مجلة الإيكونوميست مرارا، فإن دولا مثل العراق وسوريا لن تستطيع منع مقاتلى داعش حتى تركز بشكل كبير على حل هذا الصراع الطائفى، بدلا من تأجيج الخصومات الداخلية.
ولا يمكن للولايات المتحدة أن تدفعهم للقيام بذلك، كما اتضح من تعاون واشنطن، بلا جدوى، لمدة 11 عاما مع الرئيس حامد كرزاى فى أفغانستان وثمانى سنوات مع الرئيس نورى المالكى فى العراق، اللذين أقاما السلطة على حساب المعارضين الدينيين والعرقيين.
ويجب أن يقرر الزعماء المحليون فى الشرق الأوسط اليوم، ما إذا كان السلام يستحق ثمن من لتسويات المكلفة.