مصر عبر عدسة أوباما - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر عبر عدسة أوباما

نشر فى : الأحد 6 فبراير 2011 - 10:35 ص | آخر تحديث : الأحد 6 فبراير 2011 - 10:35 ص

 يقال إن الرئيس أوباما، استعاد ذكريات صباه فى إندونيسيا أيام كان يحكمها مستبد فاسد أطاحت به حركة إصلاح وهو يتابع أحداث الأسبوع الفائت فى مصر، والعالم العربى.

وينظر أوباما إلى الدراما المصرية عبر عدسات غير عادية. فقد شهد بنفسه الديكتاتورية، فى عالم «يغتصب فيه القوى أرض الضعيف»، مثلما كتب فى سيرته الذاتية نقلا عن زوج أمه الإندونيسى. وشب الرئيس على قراءة كتابات فرانز فانون وغيره من مفكرى التغيير الراديكالى. وأحيانا ما يوصف بأنه رجل «ما بعد التمييز العنصرى» ولكن من المفيد أيضا اعتباره رجل «ما بعد العصر الاستعمارى».

خلال الأسابيع العديدة الماضية، كانت قرارات أوباما السياسية يدفعها شعور بأن التصدعات فى المجتمعين المصرى والعربى كانت تتراكم منذ فترة طويلة، وأن «هذا ليس شيئا يمكن إعادته للوراء».

وفى حين يؤمن الرئيس الأمريكى بأهمية حماية المصالح الأمريكية، وسط الاضطرابات، فإنه يعتقد أن الولايات المتحدة كدولة ديمقراطية، لا يمكن أن تكون استجابتها تشبه استجابة دولة مثل الصين، على سبيل المثال. ويقال إنه اختتم عدة اجتماعات فى غرفة العمليات خلال الأسبوع الماضى ناصحا بالتفكير مليا فى عملية التغيير الجارية الآن، وربط السياسة الأمريكية بهذه القضايا الأوسع نطاقا.

وقد تعلم أوباما من التجارب التى شكلت حياته أن التغيير فى البلدان النامية لا يمكن صده، وإن باستطاعة الإصلاح النجاح فى أغلب الأحوال.

ويعتقد أوباما أنه ليس من الضرورى أن تتحول كل حركة شعبية إلى كارثية، كما فى الثورة الإيرانية عام 1979. وهناك نماذج إيجابية، من بينها حركة «سلطة الشعب» التى حلت محل فرديناند ماركوس فى الفلبين عام 1986، وسقوط حائط برلين فى 1989 والإطاحة بالرئيس الإندونيسى الديكتاتور سوهارتو فى 1998، وهو ما يتذكره أوباما من طفولته.

وشكلت الخبرات الشخصية تفكير أوباما بأكثر مما فعلت الأيديولوجية: فعندما يتحدث إلى نشطاء حقوق الإنسان فى بلاد العالم، غالبا ما يتذكر شكل الحياة فى ظل دولة استبدادية؛ حيث ينتشر الخوف والتوتر فى كل مكان، حتى فى الأوقات التى تبدو هادئة. وذات مرة أقر زوج أمه الإندونيسى، لولو، أنه شاهد مقتل رجل «لأنه كان ضعيفا.»

ويتمثل الدرس الذى تعلمه أوباما من ثورة إندونيسيا الديمقراطية فى أنه عندما تخف قبضة الحكومة المستبدة، لا يمكن استعادتها: حيث يمكن لتنفيس الغضب، بمرور الوقت أن يؤدى إلى إدارة أفضل للحكم ونمو اقتصادى.

وإذا لم يكن أوباما أوضح هذه الأفكار العريضة مؤخرا، فهذا يرجع على نحو ما إلى تسارع الأحداث فضلا عن طبيعته المتحفظة. فهو ليس بالرجل الذى يحكم على الأمور بناء على روايات. ويرى نقاد أن أوباما أبطأ للغاية فى احتضان حركة الاحتجاج المصرية. بيد أنه يبدو مقتنعا حقا أن التغيير أمر يخص المصريين وليس الأمريكيين، وأن أى ضغط أمريكى قوى يمكن أن يأتى بنتائج عكسية.

ومن المفيد إعادة قراءة خطاب أوباما فى القاهرة يوم 4 يونيو 2009، للتعرف على الأفكار الاستراتيجية التى تقود الرئيس الأمريكى الآن. فقد كانت مقدمة ذلك الخطاب الحافل توضح أن علاقة الولايات المتحدة مقطوعة مع العالم الإسلامى. وقال أوباما: «جئت إلى القاهرة سعيا إلى بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم، تعتمد على المصلحة المتبادلة والاحترام المتبادل». ولا يزال ذلك هو الأساس، ولكن من الإنصاف القول إن خطاب القاهرة زاد التوقعات فى العالم العربى من دون الوفاء بها. وربما يكون ذلك بالفعل عاملا متواضعا فى «ثورة التوقعات المتزايدة» التى نشهدها فى شوارع تونس والقاهرة وصنعاء وعمان.

ويتيح تاريخ أوباما الشخصى له فرصة متميزة للاتصال بجيل الشباب الذى يصنع هذه الثورة المتقلبة. غير أن ذلك يجعل الرئيس الأمريكى عرضة للاتهام بأنه يضع الأمن الأمريكى فى المرتبة الثانية بعد آماله فى عملية تغيير سريعة يمكن أن تكون كارثية على المصالح الأمريكية. وقد استدعت مشاهد شباب المحتجين وهم يحرسون الحواجز فى ميدان التحرير، روايتى «البؤساء» أو «د. زيفاجو». غير أننا نعرف أن هاتين القصتين تحولتا سلبا ضد الأخيار.

والتحدى أمام أوباما هو استخدام خبرته الحياتية وقدرته غير العادية على التواصل لدعم عملية التغيير. حيث يمكنه أن يتعاطف مع المتمردين الشباب فى الشوارع، ولكن عليه أيضا طمأنة العالم إلى أن القوة الأمريكية مستقرة فى زمن الاضطراب.

التعليقات