دور الإخصائى النفسى فى الوزارة الجديدة - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دور الإخصائى النفسى فى الوزارة الجديدة

نشر فى : الأربعاء 6 أبريل 2011 - 10:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 أبريل 2011 - 10:00 ص

 أخبرتنى منذ شهور زميلتى فى العمل أن ابنتها تعانى انخفاضا فى التحصيل الدراسى على الرغم من ذكائها الذى يلاحظه الجميع، وعندما وصلت للشهادة الإعدادية حصلت على مجموع لا يؤهلها لاستكمال الدراسة فى مدرستها، فطلبت منى إجراء اختبار ذكاء لها يرفق مع طلب ستقدمه للمدرسة لاستكمال الدراسة رغم المجموع الضعيف.
البنت كانت تعانى صعوبات فى التعلم نتيجة لقصور شديد فى الانتباه، وهذا ما أظهره اختبار الذكاء، ما يعنينى فى هذا الأمر هو رد فعل المدرسة تجاه التقرير، وهو رد فعل أذهلنى بشدة وأسعدنى، إذ قامت مديرة المدرسة بتحويل الأمر للإخصائية النفسية التى أعدت تقريرا مفصلا عن البنت من مختلف النواحى النفسية والعقلية، وأوصت باستكمال البنت للدراسة فى المدرسة مع تصميم أساليب مختلفة لتعليمها وتنمية الانتباه لديها.


بالطبع وجود إخصائية نفسية فى مدرسة يدفع لها سنويا مبالغ كبيرة أمر متوقع، لكن من غير المتوقع أن يظل دور الإخصائى النفسى فى بعض المدارس الخاصة والحكومية مقتصرا على الرحلات وإرسال خطابات الفصل إلى أولياء الأمور.


أتذكر وأنا فى الإعدادى طردنى مدرس الفصل لأنى ضحكت فى حصته وأرسلنى إلى الإخصائية النفسية التى جعلتنى أمضى على إقرار بالفصل فى حالة ضحكى مرة أخرى فى الحصة.


الأمر لم يتغير كثيرا الآن، فمنذ سنتين ذهبت إلى إحدى المدارس الحكومية لأتحدث مع الإخصائية النفسية عن حالة إحدى البنات فى ملجأ للأيتام، والتى كانت تعانى أيضا صعوبات تعلم، ونقصا فى الانتباه، وكان النقاش مستفزا جدا وكانت تحاول إقناعى بأن قدرات الطفلة ستتحسن بالعقاب والتخويف وأن ذلك سيدفعها إلى المذاكرة بانتظام.


فى الواقع تذكرت كل ذلك وأنا أفكر فى الدور الذى يجب أن يلعبه وزير التعليم الجديد فى عصر ما بعد الثورة، إذا كنا قد أهملنا التعليم فى السنوات السابقة، فنحن بحاجة شديدة للنهوض به الآن، وبحاجة أشد للاهتمام بدور الإخصائى النفسى فى المدرسة والإعلاء من شأنه، وتكوين كوادر مدربة من الإخصائيين النفسيين فى المدارس، ووضع ميزانيات كافية تؤهله للعمل فى المدارس بكفاءة.


فى الحقيقة دور الإخصائى النفسى المدرب جيدا يمكن أن يغير من شكل المرحلة القادمة، فسيخرج لنا جيلا موظفا على حسب قدراته وإمكاناته، يستطيع أن يعبر جيدا عن مشاعره وعن احتياجاته، ولن يلجأ للعنف كبديل عن التعبير عن هذه الاحتياجات.


البنت التى تحدثت عنها فى بداية المقال بعد خمسة شهور من العمل مع الإخصائية النفسية حدثت طفرة فى مستواها الدراسى وقدراتها العقلية وتحسنت صورتها عن ذاتها، وتحمست كثيرا للمذاكرة بعد أن كانت تبذل الكثير من المجهود وتحصل على درجات منخفضة. الآن بنفس المجهود تحصل على درجات ممتازة.


صعوبات التعلم من أكثر الاضطرابات شيوعا فى المراحل الأولى من التعليم، ومن أكثر الاضطرابات التى تتم معاقبة التلاميذ عليها.


وجود إخصائى نفسى يمكن أن يعدل من شكل المناهج لتناسب طبيعة وسمات التلاميذ ذوى المشاكل الخاصة أمر مهم جدا.


الغريب أن لدينا كتبا كثيرة على المستوى النظرى تتحدث عن كيفية مساعدة الطلبة على التحصيل الجيد من خلال شرح المناهج بطريقة مختلفة، وخاصة ذوى صعوبات التعلم، لكن على المستوى العملى يعامل هؤلاء الأطفال بشكل يزيد من تدهورهم.


من المهم جدا والضرورى أن تحاول وزارة التربية والتعليم تبنى منظور نفسى لمواجهة أزمة التعليم ووضع مناهج تثير الإبداع لدى الطلاب، وخاصة فى المراحل الابتدائية.
فالمناهج بشكلها الحالى لا تثير إلا العديد من الاضطرابات لدى الطلبة، ولا تنمى فيهم أى حس نقدى أو إبداعى.


المرحلة الجديدة لن تبدأ إلا بتبنى اتجاهات مختلفة فى التعليم وتكوين جيل جديد لديه قدر من التماسك الداخلى يحميه من جميع المخاطر النفسية التى يمكن أن يتعرض لها.


والتماسك الداخلى مفهوم سبق وتحدثت عنه كثيرا فى مقالات سابقة وباختصار يعنى المهارات التى ستزرعها فى طفلك لمواجهة كم الضغوط المصوبة نحوه من البيئة والمجتمع الذى يعيش فيه، فإذا كنا بصدد تغيير المجتمع كله الآن فنحن بحاجة إلى بناء تماسك داخلى جديد لأبنائنا من خلال وضع مناهج مختلفة وتأكيد دور الإخصائى النفسى المدرب فى المدارس والإعلاء من قيمة الأنشطة الإيجابية التى سيمارسها الطفل فى المدرسة.

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات