إنه الطلاق مرة أخرى - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إنه الطلاق مرة أخرى

نشر فى : الثلاثاء 6 ديسمبر 2011 - 9:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 6 ديسمبر 2011 - 9:25 ص

هناك أكثر من سبب يدفعنى إلى الحديث مرة أخرى عن الطلاق، تلك الأعداد المتزايدة التى أراها يوميا فى العيادة من حالات خلافات زوجية تصل إلى الطلاق أو بنات دمرن بسبب الطلاق أو رجال مكتئبين وقلقين أثناء اتخاذهم لقرار الطلاق.

 

فى العام الماضى كتبت عن الطلاق فى السنة الأولى، وتحدثت عن أن نسبة الطلاق وصلت إلى 40%، فى الحقيقة وأنا أطالع بعض التقارير عن نسب الطلاق فى مصر مؤخرا، ذهلت من زيادة النسبة التى وصلت إلى 51%، هذه الزيادة تعنى ان أكثر من نصف من يتزوجون يصلون لقرار الطلاق بمنتهى السهولة، وبالطبع فهناك نسبة لا بأس بها لم تتخذ القرار، وقررت العيش بتعاسة فقط من أجل الأبناء أو من أجل حسابات أخرى، هذا خلافا لنسب المنفصلين والتعساء من المتزوجين المسيحيين والذين لا يضمهم التقرير.

 

عندما أتأمل فى أسباب الطلاق فى الحالات التى تأتينى للعيادة أو من كلام بعض الأقارب والصديقات، فى كثير منها لا أجد سببا مقنعا. أكثر حالة أدهشتنى وأشعرتنى بالعجز الشديد، حالة مريض جاء يناقشنى فى قراره بتطليق زوجته.. فى الحقيقة لم يكن لديه أى سبب مقنع نهائيا للطلاق سوى أنه يشعر بالاكتئاب من كونه متزوجا، وأنه يعرف جيدا أن زوجته جيدة لكن فكرة الطلاق أصبحت مسيطرة عليه مما يجعله طوال الوقت غير متقبل لها ومتصيدا للأخطاء التافهة التى قد تثير مناكشات وليس أكثر من ذلك. ما استفزنى بشدة هو أن زوجته ظلت تقبل قدميه كى لا يطلقها، وبعد تدخل الأهل قرر أن يؤجل الطلاق إلى حين لكنه سيطلقها فى النهاية لأنها كما يقول ستخطئ بعد قليل.

 

المشكلة المثيرة للتأمل من وجهة نظرى هى أسباب الطلاق التى بدأت تأخذ منحى مختلف تماما، فالزوجان لا يطلقان لعدم التوافق أو لاختلاف الطباع، أصبحت هناك ظاهرة، وهى الطلاق فى الشهور الأولى للزواج، وليس بعد عام أو أكثر.

 

الطلاق كفكرة مسيطرة على أحدهما، ولأسباب فى غاية التفاهة، تدل على عدم نضج مبالغ فيه.

 

عندما كنت أستمع إلى كلام من نوعية تأثير الفضائيات ورؤية المسلسلات الأجنبية ومشاهدة الممثلات الأجانب ومقارنة الرجال والنساء لشركائهم واحباطهم، كنت أشعر أن ذلك كلام فضفاض غير علمى بالمرة، لكن فى الحقيقة وللأسف هذا الكلام صحيح جدا. ففى دراسة صدرت للدكتورة عزة كريم ضمن اصدارات المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عن الطلاق وأسبابه فى مصر، وجدت أن من بعض أسباب الطلاق أغنيات «الفيديو كليب» التى تعرضها الفضائيات باستمرار وتركز على الغرائز الجنسية وإبراز صور المرأة بالشكل الذى يثير الرجل بأساليب مستفزة، بداية من الكلمة، مرورا بالحركات الإيحائية الجنسية، ونهاية بمرحلة تصوير الكليبات داخل غرف النوم.

 

وأكدت الدراسة أن العديد من الزوجات يشعرن بالاستفزاز من الفيديو كليب، ويعانين من مشكلة مقارنة أزواجهن المستمرة بينهن وبين فتيات «الموديلز» اللائى يظهرن فى الكليبات من حيث شكل الجسم وطريقة حركة المرأة.

 

وأشارت إلى أن السيدات يشتكين من اتهام أزواجهن لهن بافتقاد الأنوثة، وأن المرأة الجميلة هى التى يشاهدونها على الشاشة، مما أدى إلى حدوث الكثير من المشاجرات الزوجية. فى الحقيقة هذا الكلام سمعته فى الجلسات بتكرار، فتقول السيدة مثلا إنه يطلب منى أن أكون مثل «فلانة فى المسلسل الأجنبى» أو أننا تشاجرنا لأن قمصان نومى ليست شبه «فلانة فى المسلسل».

 

فى كثير من الحالات الأزواج يدخلون إلى العلاقة الزوجية، كما لو أنهم داخل بلاتوه تصوير وينتظرون انتهاء المسلسل.

 

نسب الطلاق المتزايدة خصوصا فى الشهور الأولى تنتج كائنات مشوهة، كمطلق أو مطلقة، كلاهما يريد الزواج بسرعة لإثبات أنه لم يكن الطرف المخطئ فى العلاقة، ومن ثم إعادة الخطأ نفسه.

 

هذا المسلسل الذى نبتغى تصويره فى بلاتوه والمسمى «الزواج»، كل منا يحضر له بشراء عشرات الفساتين وقمصان النوم التى تشبه ما ترتديه البطلات فى المسلسلات و«البرفانات» الفظيعة وعشرات الأشياء الأخرى، لكن أحدا لا يفكر فى حضور دورة تدريبية لإعداده لهذا الحدث الجلل، لذا عندما قرأت عن الدورة التدريبية التى يقيمها د.أوسم وصفى بعنوان «صنفرة للزواج السعيد»، والتى ستقام بجمعية الصعيد برمسيس 27 نوفمبر، شعرت بالأمل، وشعرت أن الزواج كمؤسسة مهمة تستحق أن نفهم أنفسنا والشريك الآخر، أن نتخذ خطوات سواء ارتبطنا أم لا، لنفهم كيف نختار الشريك المناسب وكيفية فهم الجنس الآخر.

 

الزواج ليس بلاتوه تصوير ستشارك فيه «جوليا روبرتس» أو ستشاركين فيه «مهند» بل هو مؤسسة من المفترض أن تستمر مدى الحياة مع من اخترت.

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات