استراتيجية التصفية فى ليبيا - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استراتيجية التصفية فى ليبيا

نشر فى : الخميس 7 أبريل 2011 - 9:34 ص | آخر تحديث : الخميس 7 أبريل 2011 - 9:34 ص

 اعتمد العقيد معمر القذافى دائما على مصدر استراتيجى واحد، هو المال، للحفاظ على الارتباط الوثيق لحكومته. ولكن بينما يشتد ضغط الائتلاف المدعوم من الأمم المتحدة، يفلس القذافى تدريجيا، وتبدى حاشيته علامات أولية على الانهيار.
وقد خطط مسئولو البيت الأبيض لحملة ضغط تعمل على الاستيلاء على أرصدة القذافى، وقصف جيشه، وعقد اتصالات سرية مع كل من المتمردين وأعضاء من حكومته. ويعتقد المسئولون الأمريكيون أنه مع اشتداد هذه الحملة الخانقة، من المتوقع أن ينهار نظام القذافى من حوله أو أن يضطر هو إلى الفرار.

وتعتمد هذه الاستراتيجية المتعلقة بليبيا على الآمال والتوقعات، وليس على تصور نهائى تفصيلى. وهى، بهذا المعنى، ما زالت تفتقر إلى ذلك النوع من الوضوح الاستراتيجى الذى يود منتقدو أوباما أن يروه. ولكن بالمقارنة مع الزوابع الأخرى التى تهب على أنحاء الشرق الأوسط، خاصة فى سوريا واليمن، يبدو أنها تسير فى الطريق الصحيح.

ولعل أوضح دلائل نجاح هذا الضغط، انشقاق موسى كوسا وزير الخارجية ورئيس مخابرات القذافى لزمن طويل. وقد فر يوم الأربعاء إلى بريطانيا بعد ما قال مصدر فى المخابرات إنه لجأ إلى حيلة ادعى فيها كوسا أنه ذاهب إلى تونس لإبرام صفقة سرية لبيع منتجات تكرير النفط. وتوضح القصة التى استخدمها للتغطية على هروبه، مدى حاجة القذافى الماسة للمال.

ويقول مسئولون أمريكيون إن كثيرين غيره من حاشية القذافى أجروا اتصالات مؤخرا مع الولايات المتحدة أو حلفائها. ومن بين هؤلاء رئيس المخابرات الحالى، عبدالله السنوسى، الذى ساعد فى تأمين إخلاء السفارة الأمريكية فى طرابلس فبراير الماضى، وغيره من الوزراء. كما أجرت الولايات المتحدة أيضا اتصالات غير مباشرة مع أفراد من عائلة القذافى، تردد أنهم غير راضين عما يحدث ويبحثون عن مخرج.

ومع رحيل كوسا، ربما تتحول قطرة الانشقاق إلى فيضان. فقد فر على عبدالسلام التريكى، وهو وزير خارجية سابق إلى مصر يوم الخميس. ويقال إن مسئولا حكوميا آخر يبحث تفاصيل مغادرته البلاد. ويتردد أن هذا المسئول قال لوسيط: «أنا أنتمى إليكم الآن، قل لى ما ذا علىَّ أن أفعل».

وتقوم وكالة الاستخبارات الأمريكية بإرسال فرق سرية إلى ليبيا للمساعدة فى تحقيق المزيد من إضعاف القذافى. ولا يوجد حاليا هناك سوى عدة عشرات من العملاء، من بينهم ضباط حالة بدوام كامل من قسم الأنشطة الخاصة؛ الذى يدير تحركات سرية، يكملها ضباط سابقون، يطلق عليهم داخل الوكالة «الكوادر»، الذين يعملون بتعاقدات مباشرة. وتتضمن مهامهم توفير روابط اتصال سرية للمعارضة الليبية، والاتصال بالمتمردين وتقييمهم، وتوفير الأموال والمساعدات الأخرى لليبيين حتى يقطعوا علاقتهم بالقذافى.

وقد تساعد فرق الاستخبارات أيضا قوات الناتو عند استهدافها الفلول المتبقية من جيش القذافى، مثل مخازن الذخيرة، ومراكز القيادة والسيطرة، والدبابات والمدرعات. ويقال إن هجوما جويا منسقا، نجح فى سحق صف دبابات على الطريق السريع قرب بلدة سرت مسقط رأس القذافى. وقد اكتسبت الوكالة بعض الخبرة فى ليبيا بفضل أعمال سرية سابقة هناك، منها عملية أطلق عليها الاسم الكودى «سباق الجرى».

وأمامنا مهمة غير سارة لكنها ضرورية، وهى توفير مصادر أموال بديله لزعماء القبائل الذين ظل القذافى يرشونهم طوال 40 عاما من حكمه، ومنهم زعماء قبيلته «القذافة». فإذا أمكن القيام بذلك، سوف تنهار آخر أعمدة الدعم القوية للزعيم الليبى.

وجاء أحد مقاييس الضعف المتأصل فى ليبيا من كوسا نفسه، حيث يقال إنه أخبر ضباط الاستخبارات الأمريكية قبل سنوات، بعد الإطاحة بصدام حين، إلى أى مدى. ويفترض أنه قال «نحن شاطئ (لفظا بذيئا)».

ومثلما كان الحال فى العراق، سيكون التحدى الحقيقى فى ليبيا هو تجميع حكومة مستقرة جديدة. ويتوقع مسئولو الولايات المتحدة أن يشرف على العملية هذه المرة الأمم المتحدة وممثلها الخاص فى ليبيا، عبدالإله الخطيب، وهو دبلوماسى أردنى، مسئوليته الأساسية تنسيق الاتصالات بين المتمردين والنظام. ويأتى الغطاء العربى أيضا من قطر، التى ستستضيف اجتماع «لجنة الاتصال» المشرفة على العمل ضد القذافى القادم.

وربما لا يسير الكثير من الأمور على مايرام. ففى الماضى، عندما كان القذافى يجد ظهره للحائط، كان يلجأ إلى الإرهاب للرد. ويقال إن لديه أسلحة كيماوية وربما أدوات أخرى غير تقليدية. لكن أدواته تحتاج إلى المال، وقال مصدر استخباراتى أن ما لديه من مال سوف يبقيه شهرين أو ثلاثة أشهر. ومن هذا المنظور المالى، يمكن توصيف القذافى بأنه ديكتاتور فى سبيله للتصفية.

التعليقات