عشرة على عشرة لا تعني الذكاء! - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عشرة على عشرة لا تعني الذكاء!

نشر فى : الأربعاء 7 أكتوبر 2009 - 10:10 ص | آخر تحديث : الأربعاء 7 أكتوبر 2009 - 10:10 ص

 كلما رأيت طفلا فى السابعة من العمر يبكى على شىء يريده، أتأكد من أنه لم يتعلم بعد التعبير عن احتياجاته وأنه يفتقر إلى الذكاء الوجدانى، يظن البعض أن كون الطفل ذكيا يعنى أنه أيضا ذكى وجدانيا، وهو أمر ليس صحيحا بالمرة. فالذكاء الوجدانى هو ذكاء المشاعر، أن يستطيع التعبير عن احتياجاته بالكلام، أن يتفهم هذه الاحتياجات ويعبر عنها، ولا يكبتها ويبكى باستمرار. أتذكر طفلة رأيتها كانت تبكى باستمرار، البنت كان لديها حساسية زائدة وكثير من المشكلات، كلما تم إحباطها أو خافت تبكى، ربما هذا مقبول فى الأعمار الصغيرة جدا، لكن طفلة لديها عشر سنوات وتفعل ذلك هو أمر يعنى الافتقار إلى الذكاء الوجدانى. فتعليم أبنائنا مهارة التعبير عن المشاعر هو أمر فى غاية الأهمية، وعادة ما يتعلمون ذلك منا، فأتوقع عندما تعانى الأم من الافتقار إلى هذه المهارة لن تتمكن من تعليم أبنائها.

فكثير ممن لا يستطيعون التعامل مع مشاعرهم، كل المشاعر لها نفس الاسم لديهم «شعور بالزهق» لكن هناك مئات من المشاعر المختلفة التى يحياها الإنسان والتى يجب أن يتعلم كيفية التعبير عنها سواء بمساعدة الكتب المتخصصة التى تتحدث حول التعبير عن المشاعر أو الذكاء الوجدانى وهى كثيرة، أو بحضور الدورات التدريبية فى هذا المجال.

الحوار مع الطفل فى السن الصغيرة والاستماع له بإصغاء واهتمام يساعده على بناء الثقة بنفسه وبأنه مرغوب فيه وأن الآخر يمكن أن يستمع له باهتمام.

يجب أن تساعد الطفل منذ الصغر على التمييز بين المشاعر المختلفة باستغلال المواقف وتسميتها، فمثلا من خلال موقف فرح قريب لكم يمكن أن تعبر عن استخدام أكثر من تسمية للمشاعر كالفرح والإعجاب والفخر والحزن على فراق أحدهم.

من خلال حكى القصص يمكن أن تستخدم تسميات مختلفة لمشاعر أخرى كالغضب والافتقاد والحسرة وغيرها من المشاعر. كذلك وأنت تخاطبه عبر عن مشاعرك التى تكنها له فى هذا الموقف.. فمثلا عندما يخطئ الطفل فى تصرف ما فقل له إنك تحبه لكنك غاضب منه فى كذا وكذا.. وبهذا الشكل سيتعلم هو كيفية التعبير عن مشاعره.

أتذكر ابن صديق يبلغ من العمر خمس سنوات، كلما شعر بالغضب من أبيه خبط على صدر أبيه بعنف إلى أن علمه أبوه وسيلة أخرى للتعبير عن الغضب، وهى أن يقول «بابا أنا متغاظ منك فى كذا» وبالفعل لم يعاود الطفل استخدام طريقة الضرب مرة أخرى.

يجب أن يعتاد الطفل على الحديث عن مشاعره، وهذا لن يحدث فجأة، فكما قلت سابقا عندما تستمع إليه وهو يبدأ فى التخبط بكلماته الأولى وتفرح لها وتنتظرها. وعندما يأتى من الحضانة صغيرا جدا محملا بعشرات الحكايات الصغيرة التى لا تعنى لعالم الكبار شيئا وتستمع لها سيتعلم أن يحكى معك مشاعره، وبالتالى سيتعلم مهارة الاستماع إلى الآخرين.

إحدى صديقاتى فى مجال علم النفس لديها بنت يضرب بها المثل فى الذكاء الوجدانى، كانت أمها تستمع إليها بإخلاص وحب وتعلمها كيفية التعبير عن مشاعرها وتفصح لها عن مشاعرها هى الأخرى. الآن هذه البنت تبلغ من العمر حوالى 14 سنة ويمكنها أن تساند أحدا وتسمعه بإخلاص وتساعده فى تعلم كيفية التعبير عن مشاعره.

الذكاء الوجدانى أيضا ليست له علاقة بالذكاء العقلى، فيمكن أن يتفوق أحد الأطفال ويحصل على الدرجات النهائية، لكنه إذا أجرى له اختبار نفسى لتحديد موقعه على الذكاء الوجدانى فسيحصل على درجات منخفضة جدا، وهو ما لا يهتم به الوالدان.

يبدأ الوالدان بالاهتمام بالذكاء الوجدانى إذا أثر على قدرات الطفل، بمعنى افتقاره الذكاء الوجدانى وعدم قدرته على التعبير عن مشاعره بالإضافة لمشكلات أخرى أدت إلى إحباطه وانشغاله وبالتالى معاناته من بعض صعوبات التعلم فبالتالى يبدأ الأهل فى البحث عن السبب.

دوما يريد الآباء لأبنائهم أن يكونوا على قدر عال من الصحة النفسية والذكاء الوجدانى والعقلى المرتفع، كنت أقرأ بالأمس فى كتاب بعنوان: «هل يختبئ طفلك خوفا.. أم يسعى بثقة؟» لجيمس دوبسون ووجدت عبارة أعجبتنى للغاية، تقول: «بأى حق نطالب أن يكون أطفالنا كاملين ونحن أنفسنا أشخاص عاديون».

بالفعل نحن نرهق الطفل بكم المهارات التى نريده أن يتعلمها وأن يكون متميزا فيها ونحن بالأساس لم نبذل أى مجهود فى تعلمها.

من المهارات المهمة التى تحدث عنها هذا الكتاب أيضا هى كيفية إخراج مشاعر الطفل إلى النور ومساعدته ليعبر عنها بالكلام، فمثلا عندما يتصرف أمام الكبار بطريقة سخيفة محاولا إضحاكهم أو جذب انتباههم من الأفضل أن تحتضنه بين ذراعيك وتقول له «ماذا حدث؟، هل أنت بحاجة إلى بعض الاهتمام؟»، وبالتدريج سيتعلم الطفل مثل هذه الكلمات ليعبر بها عن مشاعره.

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات