طريق الخروج من أفغانستان يمر بخيمة - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

طريق الخروج من أفغانستان يمر بخيمة

نشر فى : الخميس 8 أبريل 2010 - 10:20 ص | آخر تحديث : الخميس 8 أبريل 2010 - 10:20 ص

 إذا كان القادة العسكريون الأمريكيون على حق، فهكذا يبدأ طريق الخروج من أفغانستان: بضع عشرات من الفلاحين البشتون الذى بدت على ملامحهم آثار الزمن يجلسون على سجاد تحت خيمة نُصِبت بشكل مؤقت. وبعد مرور 45 يوما من اجتياح قوات المارينز الأمريكية والقوات الأفغانية لمعقل طالبان، يجتمع الآن الرجال الأكبر سنا بالبلدة فى مجلس الشورى.

ويقدم أحد زعماء القبائل، ويدعى الحاج عبدالسلام قائمة طويلة بالمطالب: مدارس، وعيادات، وطرق، وأموال للاستعاضة محصول الخشخاش، الذى أزهر فى الحقول، بمحاصيل أخرى. ويسرف أحد حكام المقاطعات الأفغانية، ويدعى جولاب مانجل فى الوعود بتقديم المساعدات؛ وفى الخلفية يحوم المسئولون العسكريون والمدنيون الأمريكيون الذين سيتولون تسديد الفواتير.

هذه هى الطريقة التى تنتهى بها الخلافات فى أفغانستان: يبوح الأفغان بشكاواهم ويتوصلون فى النهاية إلى اتفاق. ويتم تسليم الأموال ويستعاد الشرف. وغالبا ما يتواصل القتال فى الخلفية، لكن غالبية الناس يعودون إلى بيوتهم لحين اندلاع الصراع التالى. وقال الأدميرال مايك مولن، رئيس قيادة الأركان المشتركة، الذى كان يتابع مجلس الشورى هنا بحماس: «تشير كل الظواهر إلى أن كل ما يريده الناس فى مرجه هو مواصلة حياتهم». كما قال فى لقاء تم فى وقت لاحق مع الصحفيين الأفغان فى كابل: «نريد جميعا لهذه (الحرب) أن تنتهى بأسرع ما يمكن».

بالكاد بدأت النسخة الوطنية من هذه العملية، لكن جريم لامب، الضابط البريطانى المتقاعد برتبة لفتنانت جنرال المسئول عن تنسيق عملية المصالحة وإعادة الدمج التى يتولاها التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة، هو الذى رسم خطوطها العامة. وهو يستعين بأحد مبادئ الاستراتيجية العسكرية لشرح مهمته: «هدف الحرب هو تحقيق السلام العادل».

يرى لامب أن الدلائل الأولى على الطريقة التى ستنتهى بها هذه الحرب يمكن أن نراها فى التلميحات الفضفاضة وغير المكتملة أحيانا التى تشارك فيها العديد من أطراف الصراع الأفغانية، ودول الجوار مثل باكستان، والتحالف الذى تقوده الولايات المتحدة. وهو يشبِّه هذا الحوار الناشئ بـ «بوتقة» تنصهر فيها القبائل والقوميات والمصالح المختلفة.

ويقول لامب إنه لا يستطيع حتى الآن تحديد شروط للتفاوض، وهذه، فى كل الأحوال، مسألة تخص الأفغان. «لم نصل إلى مرحلة المفاوضات، نحن فى مرحلة محاولة الفهم».

بدأت بالفعل المناورات بشأن الطريقة التى ستعمل بها أفغانستان بعد انتهاء القتال ورحيل الأمريكيين. وشرع الرئيس حامد قرضاى فى محادثات مع قلب الدين حكمتيار، قائد إحدى الفصائل المتحالفة مع طالبان. ويضغط الباكستانيون من أجل حصول وكلائهم السريين فى شبكة حقانى على مقاعد على طاولة المباحثات. كما يتوق الجيران الآخرون إيران والهند والصين إلى القيام بدور ما.

وستحصل العملية العشوائية على دفعة أخرى للأمام الشهر المقبل عندما يعقد قرضاى «مجلس السلام» لمناقشة توسيع الدائرة السياسية بحيث تضم طالبان.

وقد كسبت القوات الأمريكية مؤخرا بعض المعارك، كما حدث هنا فى مرجه، لكن لا ينبغى لهذه الانتصارات العسكرية أن تخفى التحدى الحقيقى، المتمثل فى نقل السلطة الملتبس إلى الأفغان. وللوصول إلى هذا مخرج الطوارئ المنحدر هذا، ينبغى على الولايات المتحدة بناء قوات الأمن الأفغانية وهيئات الحكم التى يمكنها معا السيطرة على الأوضاع عندما يبدأ الأمريكيون رحيلهم فى يوليو 2011.

وللأسف، ليس هناك الكثير من الأدلة التى تؤكد أن هذا الانتقال سيتم وفق جدول زمنى. وحتى الآن، لا يمكن للجيش الأفغانى والحكومة الأفغانية القيام بهذه المهمة، وهناك مسحة من عدم المعقولية التى تتسم بها بعض برامج التدريب والحوكمة الأمريكية.

ونظرا لضعف الحكومة المركزية فى كابل، يعمل القادة الأمريكيون على اصطفاف القوة الأمريكية مع البنى السياسية الأساسية، وهى مجالس الشورى القبلية. ويقول الأدميرال جريجورى سميث، كبير المتحدثين باسم الجيش الأمريكى هنا: «هذا البلد يفلح من الناحية الثقافية. فالجالسون معا يمكنهم حل كل شىء تقريبا».

يرى قائد أمريكى رفيع المستوى أن مفتاح هذا السباق نحو المصالحة هو الاستمرار فى قصف الأعداء وتفادى المواقف التفاوضية غير الناضجة. وهو يقول إن «أسوأ ما يمكن أن يفعله المرء هو وضع خطوط حمراء على الطاولة. فلتكن خطوطا زرقاء غير واضحة»، حتى يمكن للأطراف التفاوض على الخطوط الحمراء النهائية لأى لاتفاق.

وقد أثار قرضاى الرعب مؤخرا بين الأمريكيين بسبب خطابه المستقل الذى يتسم بالتحدى ودعوته الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد لزيارة كابول. لكن لا ينبغى أن تخيفنا العبارات الأفغانية الخاصة بالسيادة. ففى هذه المرحلة من السباق، من المحتم أن يتحدث قرضاى مع كل جيرانه. وكلما ازداد ثقة بنفسه كانت لحظة خروج الولايات المتحدة أقرب. ويرى لامب أن الخط الفاصل بين القتال والمحادثات غير واضح بالقدر الذى يعتقده الغربيون أحيانا: «كان كلاوزفيتز محقا، لكنه لم يكمل جملته: إذا كانت الحرب امتدادا للسياسة، فلابد لها إذن من العودة إلى السياسة».

التعليقات