ايهم اكثر رعبا.. رفع علم للاعلان عن حقوق المثليين ام مشهد مصور في احد اكبر الاسواق التجارية لشخص يتحرش جسديا بطفلة بعمر السبعة أعوام؟!.
الحادثة الأولى تبدو ضخمة مهيبة لكن هل لأن الحدث مشين والاكثر رعبا ام لانه مختلف وصادم لمستوي جرأتنا علي الإعلان وتحدي المجتمع؟.
بينما حادثة التحرش بطفلة رغم انها عند كل الأسوياء هي الاكثر ايلاما والأعمق خدشا، لم تكن صادمة للكثير كرفرفة علم الرينبو داخل حفلة، لم تثير ما أثاره من أعاصير بعدها، لأنها ببساطة ليست حادثة غريبة علي المجتمع الفاضل، فجميعنا شاهدناها من قبل في ظروف وملابسات مختلفة او سمعنا عنها او مررنا بها بالفعل، بل ونتوقعها طول الوقت، وتدفع بأمنيات من داخل القلب بألا يتعرض أطفالنا لمثل هذا الحظ العثر عندما اختبرنا هذا الظرف الكئيب في لحظة ما.

"نسبة الأطفال المعرضين للعنف النفسي في مصر تصل الى 50%،والذين تعرضوا للعنف الجنسى نتيجة ممارسات مختلفة تبلغ نسبتهم 55%" وفق إحصائيات العام الماضي لليونيسف.

لذلك ايهم الاكثر كشفا لمجتمع يحفل بالشذوذ الفكري والجنسي المرئي والمعايش منذ سنوات، والشذوذ هنا لا يقتصر علي المثلية - مع اختلاف الرؤية غير النمطية لبعض حالتها- ولكن فعل هذا الرجل الخمسيني بجسد طفلة سبع سنوات هو الأكثر شذوذا من المثلية التي يمكن أن تنبع من مواطن علل جسدية أو نفسية.

حفلة الرينبو اثارت دهشتي وحيرتي لكن لم تجعلني انكمش بروحي واهرول الي ابنتي احتضنها في رعب، لم تحيي في ذاكرتي العديد من الحوادث التي تمنيت تخطيها ونسيانها طوال مرحلة طفولتي ومراهقتي من أشخاص عابرين لم يضعوا حدودا لأفكارهم وتخيلاتهم الجنسية وحولوها لحوادث مشينة بالفعل اول القول تنتهك ستر طفولتي وصديقاتي او زميلاتي اللاتي كانوا لا يستطيعون البوح إلا لبعضهن، حيث لم يألفوا اطلاع الأهل لشعور غير واقعي بالذنب او الخوف.

الكارثة الأهم هي الخلل الذي يؤدي لحوادث فادحة تفرض علي أطفالنا في الشارع او النادي او المنزل او حتي المدرسة، بدون انذار ومن اشخاص يمكن ان يكونوا في مستوى الاقرباء او الاصدقاء بخلاف العابرين، كهذا الحقير الذي لم يمنعه شيطان راسه من اخذ المجازفة بالتحرش وسط ماركت كبير للسلع الغذائية يعج بالأشخاص وبالقرب من والدة الطفلة الضحية.

هناك خلل بالمجتمع لا يمثله اتساع قاعدة المثليين فقط، ولكن يمثله السكوت علي جرائم العنف الجنسي والجسدي التي يتعرض لها الأطفال في مصر، والمسكوت عنها بحكم العادة والجهل وتتسع قاعدتها للمستوي الذي يجعلني لا أأمن علي ابنتي في الشارع أو النادي او المدرسة او اي مكان لا اشرف عليه بنفسي او لا يتواجد به من أثق بهم.

خلل يصعب مهمتنا كأمهات لتربية اطفالنا اناثا وذكورا و يجعلنا في توتر ورعب دائم من ماهو قادم او مايمكن ان نتعرض له إذا غفلت اعيننا لحظة، لان من بين عشرة أطفال هناك خمسة أو اكثر يتعرضون للإيذاء الجسدي والجنسي بعلمنا أو بدونه.

ابحثوا عن أسباب هذا الخلل قبل أن تبدأوا محاسبة ومحاكمة أفكار مغايرة يتجنبها الصواب ولكن يمكن أن نصل معها إلى نقطة التقاء بالتحاور.
ابحثوا عن الأسباب التي تجعل مراهقينا ينجذبون دائما للأفكار المعادية للثابت والمجتمعي في تعبير واضح عن كرهه للمجتمع او علي ابسط تعبير معاداته له، فهناك احتمال ان تجدوا السبب في مشاكل لم نواجهها جيدا كالتحرش الجنسي والعنف الأسري، او لعل تجدوا في بعض هذه الأفكار صوابا لم نحالفه .