قرضاى: عليك بالإصلاح وإلا... - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قرضاى: عليك بالإصلاح وإلا...

نشر فى : الأحد 8 نوفمبر 2009 - 9:51 ص | آخر تحديث : الأحد 8 نوفمبر 2009 - 9:51 ص

 مع إعادة انتخاب حامد قرضاى إذا كانت هذه الكلمة تنطبق على العملية التى شهدت تزويرا فى الأصوات وإلغاء لجولة الإعادة تواجه الولايات المتحدة الآن اللغز الأصعب فيما يتعلق بأفغانستان، وهو كيف يمكن لها أن تقوم بتطوير نظام الحكم هناك وهو الأمر الذى يتفق معظم الخبراء على أهميته من أجل الإطاحة بطالبان نهائيا دون الحد من سيطرة المسئولين الأفغان.

لقد اتخذ الرئيس أوباما أول خطوة على هذا الطريق المحفوف بالمخاطر يوم الاثنين الماضى، حينما اتصل هاتفيا بقرضاى لتهنئته بالفوز. وكانت هذه المكالمة فى الوقت نفسه صفعة بظهر اليد لقرضاى، حيث حث أوباما الرئيس الأفغانى على القيام «بجهد أكثر جدية لاستئصال الفساد من جذوره». ورد قرضاى على ذلك يوم الثلاثاء بالتعهد بأنه سوف «يقضى على هذه الوصمة»، دون أن يحدد طرق القيام بذلك.

إنها معضلة أمريكية كلاسيكية.. فكيف يمكن لقوة عظمى إصلاح المشكلات فى بلد بعيد، دون أن تقوم بإملاء السياسيات بطريقة تؤدى فى النهاية إلى إضعاف الناس أنفسهم الذين تسعى هذه القوة العظمى لمساعدتهم؟ الحقيقة إننا، على مر السنين، أخطأنا فى القيام بهذه المهمة فى فيتنام والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية.

وتبرز قضية رشادة الحكم فى كل حوار تقريبا مع المسئولين الأمريكيين فى أفغانستان. ويرجع جزء من المشكلة إلى فساد حكومة قرضاى ذاتها وافتقارها إلى الكفاءة والفاعلية، بينما يرجع جزء آخر إلى الحالة البدائية والمتردية للمؤسسات القانونية والسياسية فى هذا البلد. ويرغب الأمريكيون بشدة فى التغلب على هذا الضعف، لكنهم ليسوا واثقين على الإطلاق بشأن كيفية حل هذه المشكلة.

ويفضل الكثيرون تدخلا أمريكيا ضخما يجبر قرضاى على القيام بالإصلاحات الضرورية. غير أن بعض واضعى السياسة يخشون من أن هذه المحاولة لفرض السياسات سوف تجعل الأمور أكثر سوءا فحسب، وذلك عبر إهانة الأفغان وتقويض الجهود الواهية الرامية إلى جعلهم يحكمون أنفسهم بأنفسهم.

ويؤكد أحد كبار المسئولين الأمريكيين أن «فكرة أنه بوسعك أن تأمر قرضاى فحسب فكرة خاطئة. فهو يجب أن يشعر أن هذه هى فكرته هو».

ويجرى تداول العديد من المقترحات بشأن كيفية مواجهة فوضى الحكم. ويُعد أحد المقترحات فى هذا الشأن تشكيل «مجلس حكماء» يتضمن شخصيات أفغانية ودولية بارزة، تقدم العون لقرضاى. وتوجد فكرة أخرى هى إنشاء مناصب استشارية عليا، مثل مستشار للأمن القومى ومستشار اقتصادى. وتقوم فكرة ثالثة على عقد مؤتمر دستورى لتوسيع الدائرة السياسية وتحديد قواعد جديدة للحكم.

لكن يبقى السؤال الرئيسى، هل قرضاى قادر على الإصلاح فعلا؟ يقول بعض الخبراء الأمريكيين إن حكومة قرضاى هى فى واقع الأمر مشروع إجرامى متخفى فى صورة شرعية، وبالنسبة للولايات المتحدة فإن الوضع الراهن يهدد بالمخاطرة بمليارات الدولارات. ذلك أن إجمالى رسوم الجمارك التى يتم جمعها بصورة شخصية عند بوابة معبر طورخام المعبر الحدودى الرئيسى مع باكستان تبلغ 13 مليون دولار فى الشهر. كما أن جزءا من المليارات التى تتدفق فى صورة مساعدات اقتصادية وعسكرية يتعرض للنهب. وأخيرا، هناك تجارة المخدرات، حيث توجد كارتلات متمرسة تكسب المليارات فى السنة الواحدة.

ويؤدى الفساد إلى تعزية تمرد طالبان ليس بسبب الإيرادات غير المشروعة التى يتم الحصول عليها فحسب، لكن أيضا عبر تشويه سمعة المطالبات الأمريكية بشأن تفعيل حكم القانون. ويحذر الخبراء من أن التأييد الذى تحظى به طالبان فى المستويات القاعدية يعود إلى أنها تقدم نموذجا تقشفيا يتناقض مع الشبكة التى تشبه المافيا فى كابول ومسانديها من الأمريكيين.

وعند زيارتى لعدد من القواعد الأمريكية الأسبوع الماضى، سمعت عن خطط لتطوير الحكم المحلى فى كل محطة توقفت فيها. ويعقد الجنود الأمريكيون وعمال الإغاثة أسبوعيا اجتماعات تشاورية مع المجالس المحلية والإقليمية لمعرفة ما يريده الناس. غير أن أحد منسقى الإغاثة يحذر من أنه فى الوقت الراهن، لا توجد صلات بين هذه الجهود المبذولة على المستوى المحلى وبين الحكومة الوطنية.

إن إقامة «الحكم الرشيد» صناعة متنامية فى أفغانستان. وكل من يقدم عرضا بشأن منطقة محلية ما يميل إلى المبالغة فى الحديث عن كيفية قيام وحدته ببناء الثقة والمساعدة فى ظهور متخذى القرار المحليين. لكن بصراحة، هناك حالة من عدم الواقعية فى بعض هذه العروض. فهناك خطة لتدريب عشرة آلاف أفغانى سنويا كى يكونوا موظفين حكوميين أكفاء، وأخرى لتجنيد 3500 جندى نزيه كل شهر، وثالثة لزيادة عدد المجندين فى الجيش الأفغانى بمقدار الضعف تقريبا. وتدعو الخطط إلى تعبئة 32% ممن هم فى سن الخدمة العسكرية من الذكور.

غير أن عرض هذه الأهداف على باور بوينت هو شىء، وتحقيق هذه الأهداف على أرض الواقع هو شىء آخر.

وعندما تخوض الولايات المتحدة حربا بهذا الحجم فى أفغانستان، فإنها تخلق نوعا من الواقع البديل. ذلك أن أمريكا تُعد دولة كبيرة وقوية للغاية (ومتغطرسة فى كثير من الأحيان) إلى الحد الذى يجعل معظم الناس يسبحون مع التيار، تاركين للعم سام مهمة إنجاز الأشياء. ويقوم عدد قليل ممن لديهم الجرأة بالاحتجاج على الاحتلال الأجنبى عبر ارتداء السترات الملغومة وزرع القنابل على جوانب الطرق. ويعد ذلك عَرَضا من أعراض التبعية والغضب التى تواجههما الولايات المتحدة الآن فى أفغانستان ويجب عليها القضاء على ذلك.

ولعله أفضل رسالة يمكن توجيهها إلى قرضاى هى الحقيقة التالية: إذا لم يقم بتطوير نظام حكمه، فإن الجهد الجبار الذى تبذله الولايات المتحدة لن يستمر لأكثر من سنة أخرى. فلا يمكننا القيام بالأشياء نيابة عنه. وفيما يتعلق بنظام قرضاى، تعتبر الحسبة السياسية بسيطة إلى حدود مؤلمة: فإما الإصلاح أو الموت.

Washington Post Writers Group

التعليقات