دفع الهند للدخول في اللعبة - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دفع الهند للدخول في اللعبة

نشر فى : الثلاثاء 9 فبراير 2010 - 10:18 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 9 فبراير 2010 - 10:18 ص

 اعتاد الأدميرال مايك مولن القول بأن مفتاح كابول موجود فى إسلام أباد، أى أن النجاح فى أفغانستان يستحيل بدون مساعدة باكستان. لكن يقال إن لرئيس قيادة الأركان المشتركة زاوية إضافية؛ نظرا للتعقيدات السياسية فى هذا الجزء من العالم، يوجد مفتاح إسلام أباد فى العاصمة الهندية نيودلهى.

من هنا، كان الترحيب بالنبأ الذى أعلنه المتحدث باسم الحكومة الباكستانية، يوم الخميس الماضى، حول اقتراح الهند إجراء محادثات عالية المستوى مع باكستان، وهو ما يفتح السبيل أمام إجراء حوار تحتاجه المنطقة بشدة.
فكيف يمكن للهند القيام بذلك الدور البناء الذى يريده مولن وغيره من كبار المسئولين الأمريكيين؟ الإجابة بسيطة، لكن من الصعب للغاية وضعها موضع التنفيذ؛ إذ يمكن للهند أن تطمئن باكستان بأنها مثلما تعمل مع الولايات المتحدة لاحتواء تمرد طالبان على جبهتها الغربية، يمكن للجيش الهندى تخفيف الضغط على الحدود الشرقية.

وقد حدث الانفراج الهندى الباكستانى على الأرض بصورة محدودة خلال الشهور القليلة الماضية، من خلال تخفيض القوات العسكرية للبلدين بطول حدودهما المتوترة مع كشمير. ويأمل المسئولون الأمريكيون فى أن يتخذ البلدان من هذا التقدم الفعلى نقطة انطلاق للعودة إلى محادثات «سرية» جادة، لكنهم لا يتوقعون أن تسفر عن شئ.

وقد بذلت الهند قصارى جهدها كى تبقى بعيدة عن اللعبة الأفغانية الباكستانية، لأسباب مفهومة. فالرأى العام الهندى قلق من التورط فى نزاع إقليمى، ويخشى من المزيد من الإرهاب الباكستانى من نوع هجمات مومباى فى 2008. لكن بعض الشخصيات الهندية البارزة تقول سرا إن بلادهم قد تكون فى حالة قوة الآن تسمح لهم بالمجازفة بمساعدة جارتها الأضعف.

والمواجهة الهندية الباكستانية أشبه بأحاجى لعبة تنافسية يتحسن فيها موقف البلدين إذا ما تمكنا من التغلب على الشكوك وشرعا فى التعاون فيما بينهما ــ فى هذه الحالة ــ من خلال مساعدة الولايات المتحدة على نزع فتيل الأزمة فى أفغانستان. وإذا ما قبل زعماء الهند هذا التحدى، فسيكون بإمكانهم أن يدشنوا عهدا جديدا فى جنوب آسيا؛ أما إذا تقاعسوا، فستغوص باكستان وأفغانستان أكثر وأكثر فى هوة الفوضى، وتدفعان ثمن ذلك فى المستقبل.
فى حديث مؤخرا مع أصدقائى الهنود، أحسست بأنهم يقرون بأن الفرصة سانحة الآن. ويقول شيخار جوبتا، رئيس تحرير صحيفة إنديان إكسبريس فى دلهى: «الهند سعيدة ومرتاحة بما هى عليه. وحتى الآن، تتطلع الهند إلى من تثق فيهم داخل باكستان لتتحدث معهم».

وقد حدد الطرفان مبعوثيهما للمحادثات السرية. ويقال إن رياض محمد خان، وزير الخارجية الباكستانية السابق، هو مبعوث باكستان فى هذه المحادثات. ونظيره الهندى هو س.ك.لامباه، السفير السابق فى إسلام أباد. وكانت جولة سابقة من هذه المحادثات السرية قد حققت تقدما حقيقيا فى مسألة كشمير وغيرها من المسائل فى عام 2007، كما يشير ستيف كول من مجلة ذى نيويوركر. لكن هذا الزخم تبدد بسبب هجمات مومباى، ولم يحدث أى تحرك مهم منذ ذلك الحين.
وأخبرنى الطرفان برغبتيهما فى أن تدور العجلة ثانية، وهما يشيران إلى خطوات هادئة للتخفيف من حدة التوتر. فقد دفعت باكستان بقوات تقدر بـ100 ألف جندى باتجاه الغرب دعما لحملتها على طالبان فى سوات وجنوب وزيرستان؛ ومن جانبها، تقول الهند إنها سحبت30 ألف جندى من مناطق الحدود.

وإذا كانت هذا المؤشرات مشجعة، فهى لا تغير من اللعبة. وما تريده الهند هو دليل على جدية باكستان فى تفكيك جماعات إرهابية مثل عسكر طيبة التى نفذت هجمات مومباى. ومن جانبهم، يريد الباكستانيون التأكد من أن الهند لن تستغل الموقف لتحقق المكاسب، فى حال نجاحهم فى سحق المقاتلين المسلمين، مثل طالبان وحلفائهم فى أفغانستان.
ويخشى كلا البلدين (ولأسباب معقولة فى الغالب) من أن تستخدم مخابرات البلد الآخر أفغانستان كساحة للتخطيط لعملياتها. وتتسم هذه النسخة الهندوباكستانية من «اللعبة الكبرى» بالخطورة، والبلدان بحاجة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية المتصلة بالمخاطر المشتركة، بدلا من الدخول فى حروب الجواسيس.

المشكلة الهندوباكستانية، فى جانب منها، مصدرها التنافر السياسى. فالهند تتمتع بديمقراطية قوية، والجيش فيها قوى، لكنه خاضع للقيادة السياسية. أما فى باكستان، فالعكس صحيح: فالجيش هو أقوى شرائح النخبة الباكستانية. ويحيط بتغيير قيادة الجيش هناك الشائعات والقيل والقال، تماما كما لو كانت انتخابات. ويقول الهنود إن أملهم فى إحياء القناة السرية أُحبط، فى جانب منه، بسبب غياب جهة يوثق بها لاتخاذ القرار السياسى فى إسلام أباد.

المعروف أن الهند وباكستان انفصلتا منذ مولد الدولتين فى عام 1947، ومنذ ذلك الحين يعيش البلدان دائما على حافة الاقتتال. لكن يبدو أن البلدين لا بديل أمامهما إلا الالتفاف حول جذورهما ومصيرهما المشترك. ولن تعيش الهند فى أمان ما لم يتحقق هذا الأمان لباكستان، والعكس صحيح. ولن يعرف أى من البلدين الراحة ما بقيت أفغانستان ساحة للحرب. وفى ظل هذه المجموعة من المشاكل المشتركة، لابد من استغلال أى فرصة للتعاون، وأنباء عرض الهند لإجراء محادثات هى أفضل العلامات الممكنة.

(c) 2010, Washington Post Writers Group

التعليقات