الحدود في الزواج - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحدود في الزواج

نشر فى : الأربعاء 10 مارس 2010 - 11:57 ص | آخر تحديث : الأربعاء 10 مارس 2010 - 11:57 ص

 يأمل كل شخصين رومانسيين فى علاقاتهما أن يصبحا واحدا، أن ينصهرا داخل بعضهما البعض، فى الحقيقة كنت أظن أن ذلك مستحيل، وغير صحى إلى أن قرأت كتاب «الحدود فى الزواج» لهنرى كلود وجون تاونسند، (ترجمة زكريا فاخورى)، يصدمنى الكتاب منذ البدء بقوله «إن تصير حياتان واحدة.. فذلك هو الزواج المثالى، إلا أنه قد يكون القول أسهل من الفعل».

الكتاب يقدم سيمفونية رائعة ستستمتع بها حقا وأنت تقرأه، يقدم لك عبر صفحاته الثلاثمائة وصف مفصل لكيفية بناء حياة صحية فى الزواج، تقوم على أساس وضع الحدود وتضمن لك ذلك الانصهار والرومانسية.

استمتعت للغاية بالكتاب، لدرجة قرار إهدائه للأصدقاء المقربين، يبدأ المؤلفان كتابهما بتوضيح أعتقد أنه مهم فيتحدثان عن أن فكرة الحدود فى الزواج لا تتعلق بإصلاح أو تغيير، أو معاقبة شريك حياتك. فإذا لم تستطع التحكم فى نفسك فإن الحل ليس هو أن تتعلم التحكم فى شخص آخر، بل الحل أن تتعلم ضبط نفسك.

أعتقد أن هدف العديدين من جلسات المشورة الزواجية أن يغيرا الطرف الآخر، يدخل كل منهما إلى المشورة وفى عقله كيفية تغيير الطرف الآخر، ابتسم عندما يدخل الزوج بعد أكون قد جلست مع الزوجة منفردة ليسألنى «هل اقتنعت بالتغيير؟» ثم تدخل هى بعد أن أكون قد جلست معه لتسألنى نفس السؤال.. نادرا ما نجد أناس ينظرون فى أنفسهم وكيفية تغييرها.. ليس هناك من يشك فى نفسه ويسأل بأمانة: «هل أنا السبب فى ذلك؟».

فى الصباح وأنا أقرر الكتابة عن هذا الكتاب كنت أناقش نفسى فى جدوى هذه الكتابات، هل ما يقدمه هذا الفرع من علم النفس «علم النفس الإيجابى» مجرد مثاليات لا ترقى لأرض الواقع، وهل نحن المختصون فى هذا المجال نبيع للقراء أوهاما تزيدهم إحباطا؟!

أفكر بجدية شديدة فى ذلك، لكننى أرى يوميا مشكلات فى الحياة لن تحل إلا بالتغيير، قصص جميلة بين أزواج تنتهى لأنهما لم يؤمنا بالتغيير، ربما يكمن سبب إعجابى بهذا الكتاب أنه حاول الإجابة عن عدة تساؤلات خاصة حول حياتى الشخصية وحياة كثيرين ممن أعرفهم.

يرجع الكاتبان انهيار الزيجات إلى اختفاء الحدود فيقولا فى بعض الحالات الأخرى قد لا تكون هناك أى مشكلات ولكن العلاقة الزوجية لم تعد كما كانت فى بداية الزواج، قد يتوافر الالتزام الشديد لدى الطرفين، ولكن يختفى الحب والود والتبادل العميق فى المشاعر.

ويؤكدان أنه خلال عملهما مع الأزواج لعدة سنوات لاحظا أنه مع المحاولات العديدة المستمرة لإيجاد الحب وتحقيقه تظهر قضية مرارا وتكرارا وهى الحدود. فعندما لا تؤسس الحدود فى بداية الزواج أو حينما تنهار فإن الزواج أيضا ينهار.

فالحدود تساعدنا على تحديد من مسئول عن ماذا؟ فإذا عرفنا من هو المسئول فإننا نعلم من الذى يجب عليه أن يتحملها، يجب أن يعرف كل منا أن ردود أفعاله هى مشكلته هو وليس مشكلة الطرف الآخر، وهى نقطة مهمة يؤكدان عليها فى هذا الكتاب، فإذا ما اكتشفنا من هو المسئول عن المشكلة سيكون لدينا فرصة للتغيير فإن أمكننا رؤية أن تلك المشكلة هى مشكلتنا وبأننا مسئولون عنها لأمكننا امتلاك دفة التغيير.

ومن المقولات المهمة فى الكتاب أن الزواج سينهار حين يكون الزوجان آملين فى أن ذلك الزواج سيكملهما كأشخاص، فيرى كل من د.كلود ود.تاونسند أن الزواج لم يقصد منه أن يكون مكانا لاكتمال شخصية الطرف الآخر، فهو المكان الذى ينمو فيه الأشخاص الكاملون ويبنون كلمة نحن وهى كلمة أفضل من قول أنا، فعندما يقول زوجان «نحن متوازنان جدا معا» قد يكون ذلك جيدا إذا كان هو يؤدى عمله جيدا وهى تفعل ذلك أيضا، لكنه لا يعتبر جيدا إذا كان ذلك يعنى أنها لا تستطيع المناضلة والعيش فى العالم الحقيقى بدونه، فالعنصر الحاسم لكى يصير الاثنان واحدا أن يكونا كاملين فى نفسيهما وبنفسيهما، يجب أن يكونا ناضجين قبل أن يتزوجا، وأعتقد أن ذلك ما يجعل الكثير من الزيجات تنهار وهو تأجيل النضج إلى ما بعد الزواج.

الكتاب بالفعل يستحق القراءة، وأود أن أشكر دار الكلمة التى تقوم بتبنى مثل هذه الموضوعات وتترجمها لتقدمها الى المكتبة العربية وللقارىء العربى.

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات