2025.. عام أم كلثوم.. كيف أثّرت كوكب الشرق فى الغرب؟ - مواقع عربية - بوابة الشروق
الإثنين 10 مارس 2025 11:29 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

2025.. عام أم كلثوم.. كيف أثّرت كوكب الشرق فى الغرب؟

نشر فى : الإثنين 10 مارس 2025 - 7:40 م | آخر تحديث : الإثنين 10 مارس 2025 - 7:40 م

نشر موقع درج مقالًا للكاتب حسام فران، تحدث فيه عن تحول أم كلثوم إلى رمز ثقافى عالمى لا عربى فحسب، بل أصبح صوتها مادة تدرس فى الجامعات الغربية ويخضع للبحث والتحليل.. نعرض من المقال ما يلى:

 

«أنا أستمع إلى الموسيقى العالمية أيضًا»، يقول بوب ديلان فى مقابلة شهيرة له مع مجلة «بلاى بوى» فى عام 1978، ويتابع: «أحب الموسيقى الآتية من الشرق الأوسط كثيرًا»، «مثل من؟»، تسأله المجلة، فيجيب: «أم كلثوم»، تسأل المجلة: «من هذه»، فيجيب ديلان: «هى كانت مغنية مصرية عظيمة.. سمعت بها لأول مرة عندما كنتُ فى القدس».

يستطرد ديلان، قائلًا: «أعتقد أنها مشهورة فى جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفى إسرائيل أيضًا. وهى تغنّى فى الغالب أغانى الحب والصلاة (يقصد الأغانى الدينية) مع مرافقة الكمان والإيقاعات. كان والدها يردد تلك الصلوات، وأعتقد أنها كانت جيدة جدًا حينما حاولت الغناء من خلف ظهره، إلى درجة أنه سمح لها بالغناء بشكل احترافى. وهى ماتت الآن، لكن لم تُنسَ أبدًا.. إنها رائعة حقًا، رائعة حقًا».

ليس بسيطا هذا الرأى بأم كلثوم من شخص نال لاحقا (2016) جائزة نوبل للآداب عن كلمات أغنياته التى كتبها بنفسه. وإذا كان صحفى «بلاى بوى» الذى أجرى المقابلة مع ديلان، لم يسمع بأم كلثوم حينذاك، أى فى نهاية السبعينيات، فإن الأمر تغيّر تماما فى التسعينيات.

فى تسعينيات القرن العشرين، اكتسبت أم كلثوم جمهورا عابرا للقارات، أكبر بكثير مما كان عليه خلال حياتها. هذا ما تقوله الباحثة فرجينيا دانييلسون فى كتابها «صوت مصر»، الذى خصصته لـ«كوكب الشرق» أم كلثوم. تشير دانييلسون إلى أن أم كلثوم بحلول عام 1990، لم تعد مجرد رمز موسيقى عربى، بل أصبحت جزءًا من السرديات الثقافية العالمية، حيث دُرّست فى الجامعات، وأُعيد إنتاج موسيقاها فى أعمال غربية، وتُرجمت قصتها إلى لغات متعددة، كما أُدخلت أغانيها إلى مناهج دراسية، وتُباع تسجيلاتها فى متاجر دولية، وأصبح الإنترنت وسيلة جديدة لجذب مستمعين جدد إليها، ما جعل إرثها أكثر انتشارًا مما كانت تتخيله فى حياتها.

امتدّ تأثير أم كلثوم إلى الجامعات الغربية، حيث باتت موضوعًا للبحث والدراسة فى مجالات الموسيقى، الدراسات الثقافية، ودراسات الشرق الأوسط. وفقًا لمصادر أكاديمية، تمّ تحليل صوتها وتقنياتها الغنائية فى أبحاث جامعية فى أكسفورد، والسوربون، وهارفارد، كما يتم تدريس موسيقاها فى مقررات عن الموسيقى العربية فى جامعات مثل كولومبيا وبرينستون.

فى جامعة أكسفورد، أُجريت دراسات تحليلية لصوت أم كلثوم باستخدام تقنيات متقدّمة، حيث تمّ البحث فى بنيته الطيفية، وكشفت النتائج عن غنى صوتها، ما يمنحه دفئًا وعمقًا نادرين فى عالم الغناء. هذا النوع من الدراسات يُثبت أن إرثها الموسيقى لم يعد محصورًا بالعالم العربى، بل أصبح مرجعًا عالميًا فى دراسة الصوتيات والغناء الكلاسيكى الشرقى.

تقوم دانييلسون فى كتابها القيم عن «الستّ»، بتحليل أسباب تفوّق أم كلثوم الصوتى والتقنى، فتؤكّد أن صوت أم كلثوم لم يكن مجرد موهبة فطرية، بل كان نتيجة تدريب مستمر، ومقدرة على التحكّم بالنفَس، واستخدام تقنيات غنائية متقدّمة. امتلكت أم كلثوم مدى صوتيًا واسعًا وقدرة استثنائية على التحكّم فى طبقات صوتها، ما مكّنها من الغناء لفترات طويلة من دون أن تفقد النقاء أو القوة. تشير دانيلسون أيضًا إلى أن أم كلثوم لم تعتمد فقط على قوة صوتها، بل امتلكت حساسية عالية فى التعبير، حيث كانت تغيّر فى نبرات صوتها لتعكس المشاعر الكامنة فى الكلمات.

بالعودة إلى ديلان، انتشر له قبل سنوات تسجيل من مقابلة إذاعية، يعود إلى عام 1979، يقول فيه عن أم كلثوم: «بعد سنوات على رحيلها، ما زال العرب يعتبرونها أهم مغنّياتهم وأفضلهن. حين تُوفيت شارك فى جنازتها أربعة ملايين شخص، وزحف خلف النعش بضعة ملايين، وداروا فى الشوارع طوال ثلاث ساعات، قبل أن يعودوا بالنعش إلى المقبرة». كما يدعو فى التسجيل إلى ضرورة الاستماع إلى أم كلثوم لاستكشاف صوتها وأسلوبها فى الغناء. وكان يتوجّه إلى الجمهور الغربى، رغم معرفته أن أحدًا لن يستطيع فهم كلمات الأغانى.

كانت أم كلثوم رائدة فى تقنية التطريب، حيث تُعيد تكرار الجمل اللحنية بطرق مختلفة، وعلى مقامات مختلفة مع تمكّن احترافى من هذه المقامات الموسيقية العربية، وقدرة على التنقّل بينها بسلاسة، ما يجعل كل أداء حى لها من حفلاتها فريدًا وغير متكرر، كما تشرح لنا دانييلسون فى كتابها.

ومع أنها لم تغنِّ إلا باللغة العربية، فقد استطاعت أن تخترق ثقافات أخرى، وتتسلل إلى قلوب أشخاص لا يفهمون معنى ما تغنيه، لكن صوتها يؤثر فيهم، تمامًا كما حدث مع النجم الأمريكى مارلون براندو، الذى يقول فى تصريح يعود إلى عام 1967، إن صوت أم كلثوم ينفذ إلى أعمق أعماقى، مع أنى لا أفهم اللغة، وأنا أحتفظ بين مجموعة أسطواناتى بعدد كبير من أسطواناتها.

 

النص الأصلى:

 

التعليقات