مستعد لأداء المهمة - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مستعد لأداء المهمة

نشر فى : الإثنين 11 يوليه 2011 - 8:47 ص | آخر تحديث : الإثنين 11 يوليه 2011 - 8:47 ص

 ما هو نوع الأجندة التى سوف يتبعها ديفيد بتريوس كمدير لوكالة الاستخبارات الأمريكية (سى آى إيه) بعدما يغادر أفغانستان الشهر الحالى. كان قد طرح خارطة طريق عند إدلائه بشهادته فى 23 يونيو. وربما أمكننى ان أضيف بعض العلامات الإرشادية بعدما أمضيت أسبوعا مع مرافقى بتريوس فى كابول.

يعلم بتريوس أن الوكالة تحتاج قائدا قويا يستطيع أن يحفز بيروقراطية سرية عنيدة أحيانا، ويفرض عليها الانضباط أيضا. كما يعرف أيضا أن ثقافة السى آى إيه انعزالية ــ تجيد التعاون مع العناصر الخارجية التى تفضلها، والقضاء على من لا تفضلهم. ولكنه تعامل مع ثقافات قوية مماثلة داخل الجيش، ولا يبدو قلقا بشأن السهام المسمومة التى قد تعترض طريقه.

ويستشعر بتريوس أيضا أن عليه أن يرفع مستوى أدائه كى ينجح فى الوكالة، فيعمل كما لو كان مديرا تنفيذيا فى شركة عالمية أكثر منه قائد لتنظيم عسكرى هرمى التنظيم. ففى الجيش، تستطيع أن تصدر أوامر وتتوقع تنفيذها، لكن مدير السى آى إيه يحتاج نوعا من أنواع التواصل الأكثر دهاء.

ومن ناحية السى آى إيه، فإن أفضل ما فى الأمر أن بتريوس يريد المنصب بالفعل. فعندما تحدث فى نوفمبر الماضى عن مستقبله مع بوب جيتس وزير الدفاع، ولم تفتنه عروض نشر الكتب أو عروض العمل فى الشركات، مهما كانت مغرية. فقد أراد أن يظل فى المشهد العام، وتبدو وظيفة السى آى إيه تحديا هائلا، يستطيع أن يتمتع به مدة طويلة، فى حالة إعادة انتخاب الرئيس أوباما.

ومن شأن منصب بتريوس فى سى آى إيه ــ ضمن أمور أخرى ــ أن يتيح له مواصلة المعارك فى العراق وأفغانستان، المتوقع أن تتحول إلى مهمات استخبارية شبه عسكرية، بمجرد أن تغادر القوات العسكرية النظامية.

وعندما تحدث بتريوس عن الوظيفة الجديدة أثناء إدلائه بشهادته، كانت نبرة صوته مختلفة نوعا ما عن نبرته المألوفة من شهادته السابقة بشأن العراق وأفغانستان. ومن المتوقع أن يكون بتريوس فى الوظيفة الجديدة أكثر مرونة من ناحية الأسلوب ويمتلك أفقا أكثر اتساعا من الناحية الاستخباراتية. وربما يظل فى حقيبته مؤشر الليزر إلى جانب الصور المركبة ببرنامج باور بوينت ليستخدمها فى الشرح المبسط على الشاشة.

ولن ينصب جدول أعمال مدير السى آى إيه على إعداد خطة لشن حملة، ولكن فى المساعدة لإعداد مفاهيم الحملة. فالعديد من القضايا مازالت صفحات بيضاء أمامه: التطور السياسى فى إيران والسعودية، ومسار الربيع العربى، والأهم من ذلك كله، اللغز الصينى. الذى يعتبر وليمة دسمة بالنسبة لشخص يمتلك نهما استخباراتيا مثل بتريوس.

ويدرك بتريوس أن العاملين فى سى آى إيه، مثلما أوضح أحد أعضاء مجلس الشيوخ «يشعرون بتوتر» إزاء فكرة أن يديرها أحد كبار النجوم فى الجيش. فهى وكالة تعرضت للعديد من الضربات، وجرحتها سنوات من انتقادات الرأى العام، وتحتاج إلى قائد وليس ضابطا صارما.

وقد طمأن بتريوس لجنة الاستماع إلى أنه سيكون منفتحا على العاملين، بمن فيهم كذلك المعارضون والمتذمرون داخل الوكالة. وهو يعتزم مواصلة الرد على الرسائل التى ترد إلى بريده الإلكترونى (وفقا لمشورة محامى الوكالة)، بل وأخبر أعضاء مجلس الشيوخ أنه يود تناول الطعام فى الكافيتريا بعض الأيام (ولم يكن معروفا عنه مثل هذه اللقاءات غير الرسمية عندما كان فى الجيش).

ويتمثل التحدى الذى يواجه مدير الاستخبارات، فى وضع مسافة فكرية بين الخطط العسكرية والأوراق السياسية، حتى يستطيع أن يقدم للرئيس تقييمات مستقلة. وقد طمأن بتريوس أعضاء مجلس الشيوخ من حيث المبدأ إلى أنه من الممكن أن يتراجع وعلى حد قوله «أقيم عملى بنفسى» فى العراق وأفغانستان.

ولكن هذا الانفصال الفكرى لا يحدث بسهولة لواحد من أكثر القادة العسكريين شهرة فى التاريخ الأمريكى الحديث. فقد كان لدى أفضل مديرى السى آى إيه الذين التقيتهم مثل ريتشارد هيلمز و(فى السنوات الأولى) وليام كيزى، القدرة على التغاضى عندما تصبح المناقشات الداخلية شائكة للغاية، والقول «دعونا نتجاوز هذا الأمر»، كما كان هيلمز يحب أن يردد. ولم يحاول هؤلاء التدخل فى كل مشكلة. وسوف يحتاج بتريوس إلى مثل هذا التجاهل.

ويميل بتريوس إلى فكرة أن تقليص حجم الوكالة سوف يكون أفضل؛ بمعنى أنه لا ينبغى أن تحاول الوكالة تقديم كل الخدمات الاستخبارية لجميع العملاء. وسوف يكون محظوظا فى هذا الصدد، إذا كان لديه نظام موازنة ثابتة مع تقلص قوة العمل. وربما يكتشف أن وكالة أصغر حجما تعمل بها نخبة سوف تقدم أداء أفضل.

وقد استطاع أفضل مديرى السى آى إيه تخطى القدرات المتوسطة التى يمكن أن تتطور داخل جهاز بيروقراطى مغلق وتطلعوا إلى التفوق. وأتمنى أن يتمكن بتريوس من ذلك أيضا. فأمريكا تحتاج إلى هيئة استخبارات كبرى، وسوف تشهد قريبا مديرا تواكب طموحاته مهمة الوكالة.

التعليقات