عملية حماس.. ومستقبل الصراع العربى الإسرائيلى - من الفضاء الإلكتروني «مدونات» - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 3:11 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عملية حماس.. ومستقبل الصراع العربى الإسرائيلى

نشر فى : الأربعاء 11 أكتوبر 2023 - 11:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 11 أكتوبر 2023 - 11:20 م
نشرت مدونة ديوان التابعة لمركز كارنيجى مقالا لوزير خارجية الأردن الأسبق، مروان المعشر، أكد فيه أن عملية طوفان الأقصى أثبتت فشل الاتفاقات الإبراهيمية والتفوق العسكرى الإسرائيلى فى حسم الصراع. كما رأى الكاتب أن الأكثر احتمالا ــ بشأن مستقبل الصراع العربى الإسرائيلى ــ هو استمرار العنف دون الوصول إلى أفق سياسى فى المدى القصير... نعرض من المقال ما يلى.
أظهرت عملية حماس الأخيرة القدرة المهنية العالية التى تتمتع بها على إلحاق خسائر غير مسبوقة فى الأرواح والبنية التحتية لإسرائيل منذ العام 1973، وأعادت الأمل لجيل فلسطينى فقد الأمل بقيادته، والمجتمع الدولى لتحقيق آماله الوطنية، فقرر أخذ الأمور بيده، بتخطيط دقيق لم يعهد العالم العربى الكثير منه منذ أمد طويل.
عدة أسئلة تطرحها هذه العملية وما بعدها للمجتمع الدولى، من المفيد التوقف عندها واستخلاص الدروس المناسبة. يتعلق السؤال الأول بدرجة الدهشة غير المفهومة التى أبداها هذا المجتمع من العملية. قد يكون حجم العملية وتوقيتها ومدى مهنيتها وفاعليتها مصدر دهشة للجميع، ولكن لا ينبغى أن يستغرب أحد من حصولها. فبعد عقود من الحصار الخانق لفلسطينيى وفلسطينيات غزة، وغياب أى أفق سياسى يطرحه المجتمع الدولى لسنوات طويلة، إضافةً إلى الغطرسة والعنصرية اللتَين تبديهما إسرائيل، خاصة فى ظل الحكومة الحالية، من المستغرب عدم حصول هذه العملية وليس العكس.
بعبارة أخرى، لا يستطيع المجتمع الدولى الاستمرار فى تجاهل إعطاء الشعب الفلسطينى حقوقه القومية والسياسية والإنسانية المشروعة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى، ثم يتوقع أن يبقى الجانب الفلسطينى قانعًا خانعًا. الحقيقة الساطعة اليوم، أن الشعب الفلسطينى لن يقبل بالاحتلال والعنصرية والأبرتهايد الإسرائيلى مع مرور الزمن، بل هو اليوم يثبت أن عامل الزمن سيعمل لصالح تحقيق تطلعاته الوطنية والقومية وليس العكس.
السؤال الثانى يتعلق بالاتفاقات الإبراهيمية. تثبت هذه العملية بوضوح أن تركيز المجتمع الدولى على هذه الاتفاقات، بما فى ذلك المفاوضات السعودية الأمريكية لدخول المملكة هذه الاتفاقات، مع استمرار تجاهل جوهر الصراع العربى الإسرائيلى، وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وتحقيق الشعب الفلسطينى لتطلعاته الوطنية، هى سياسة قاصرة لن يُكتب لها النجاح. لقد أسقطت هذه العملية الحجة الإسرائيلية التى ينادى بها نتنياهو صباح مساء، أن السلام مع الشعب الفلسطينى ليس ضروريًا ما دامت إسرائيل تستطيع التطبيع مع الدول العربية، من دون التوصل إلى حلٍّ مع الجانب الفلسطينى.
ماذا عن المستقبل؟ علّمنا الماضى أن أزمات الصراع العربى الإسرائيلى أدت إلى عمليات سياسية. فحرب أكتوبر 1973 أفضت إلى اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، وأدت الانتفاضة الأولى وحرب الخليج الأولى إلى مؤتمر مدريد للسلام ثم أوسلو، لكن الظروف مختلفة فى الوقت الراهن. فالحكومة الإسرائيلية اليوم فى ذروة تطرفها وعنصريتها، وليست فى وارد أى مفاوضات جدية. أما السلطة الفلسطينية، فسيزداد ضعفها أمام ما قامت به حماس، ولن تستطيع ادّعاء تمثيلها الحقيقى للشعب الفلسطينى. يُضاف إلى ذلك أن الولايات المتحدة منشغلة بالانتخابات الرئاسية، وليس فى واردها إطلاق أى جهد سياسى يؤدى إلى إنهاء الاحتلال.
نحن إذًا أمام حالة جديدة من الصراع، لا يشعر فيها الجيل الفلسطينى الجديد بأى أفق سياسى، ولذا فإن السيناريو الأكثر احتمالًا هو المزيد من العنف، تعبيرًا عن حالة الإحباط الشديدة التى يشعر بها الشعب الفلسطينى، من دون أن يؤدى ذلك إلى عملية سياسية فى المدى القريب. أما فى المدى البعيد، فسيفرض البعد الديموغرافى نفسه بشكل إيجابى لصالح الجانب الفلسطينى.
لقد أثبتت عملية حماس الأخيرة أن التفوق العسكرى الإسرائيلى لن يحسم الصراع، كما لن تحسمه كل الاتفاقيات العربية الموقعة مع إسرائيل. يفرض الشعب الفلسطينى اليوم نفسه بشكل جلى، ما يؤشر إلى عدم إمكانية الرجوع إلى مرحلة ما قبل هذه العملية. قد ينجح نتنياهو اليوم فى الحصول على دعم المعارضة الإسرائيلية مرحليًا، ولكن إسرائيل خسرت الكثير سواء من ناحية صورتها المتفوقة عسكريًا، أو من ناحية محاولة القفز فوق الجانب الفلسطينى وإعطاء الانطباع بأن السلام ممكن فى المنطقة، من دون الوصول إلى اتفاق مع الشعب الفلسطينى.
النص الأصلى:

التعليقات