نظرة من الداخل على سياسة أوباما الباكستانية - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نظرة من الداخل على سياسة أوباما الباكستانية

نشر فى : الثلاثاء 12 مايو 2009 - 7:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 12 مايو 2009 - 7:35 م

 عقد الرئيس أوباما اجتماع أزمة بالبيت البيض، الأسبوع الماضى للاستماع إلى تقرير من الأدميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان المشتركة الذى عاد لتوه من أفغانستان. وشرح مولن الموقف المقلق هناك، مع اقتراب مقاتلى طالبان من العاصمة، إسلام أباد.

وأوضح مولن فى مقابلة معه «لقد أصبح الوضع أسوأ مما كنت أتوقع بعد التراجع عن اتفاق سوات». وكان يشير إلى الهدنة التى تم التوصل إليها فى فبراير فى وادى سوات، الذى يبعد 100 ميل إلى الشمال من إسلام أباد. وكان الجيش الباكستانى يتوقع التزام مقاتلى طالبان بوقف إطلاق النار. لكن المقاتلين المسلمين تقدموا، بدلا من ذلك، نحو حى بونر، عند مشارف العاصمة.

وكان يستمع إلى تقرير مولن بالبيت البيض اثنان من كبار المسئولين وزير الدفاع بوب جيتس والمبعوث الخاص ريتشارد هالبروك اللذين كانا يخدمان بالحكومة فى 1979، عندما أطاح التمرد بالحكومة الإيرانية، وما ترتب عليه من نتائج ضارة لازالت تداعياتها مستمرة حتى اليوم. وتحدث السياسيان المحنكان، حسبما يشير مسئول كبير شارك فى اجتماع البيت الأبيض، عن «أهمية دراسة النموذج الإيرانى».

وبعيدا عن صخب تهنئة النفس بما تحقق فى المائة يوم الأولى من حكم أوباما، كان هذا أسبوع باكستان بالنسبة لفريق الإدارة للسياسة الخارجية. وفى المؤتمر الصحفى الذى عقد يوم الأربعاء، قال أوباما إنه «قلق بشدة بشأن الوضع فى باكستان». وقال إن قلقه الكبير يعود إلى أن «الحكومة المدنية هناك لاتزال هشة حتى الآن».

ويشبه التحدى فى باكستان بصورة غريبة ما واجهته إدارة كارتر مع إيران: كيف نشجع الجيش على القيام بتحرك حاسم ضد التمرد الإسلامى دون الإطاحة بالديمقراطية الوليدة فى البلاد. كما أن هناك عاملا نفسيا أكثر عمقا: كيف تمارس الولايات المتحدة قوتها بطريقة فعالة دون أن تثير رد فعل السكان المسلمين المتفاخرين والمتحفزين، الذين يؤلمهم ما يرونه تاريخا من التدخل الأمريكى.

وقال مولن «تدلنى خبرتى على أن توجيه النقد العنيف لهما (الحكومة والجيش الباكستانيين) لن يفيد. وكلما تزايد ضغطنا كان ابتعادهما أكبر». فنجاح الحملة على طالبان، على حد قوله، «رهن بإرادتهما، لا بإرادتنا».

وما يشجع المسئولين الأمريكيين هو أن الأحداث كانت بمثابة دعوة لإيقاظ النخبة الباكستانية كى ترفض تهديد طالبان. وقال أحد كبار المسئولين: إنه أقل قلقا الآن من ثلاثة أسابيع مضت، لأن قادة الجيش والزعماء المدنيين فى إسلام أباد يدركون الخطر الذى يواجهونه.

وقد بدأ الجيش الباكستانى بذل جهده لدحر طالبان، حتى لو أدى ذلك إلى نتائج متناقضة. وقد ردت طالبان بعنف على هجوم الثلاثاء على بونر، حيث استولت على ثلاثة مراكز للشرطة، وخطفت العشرات من قوات الجيش والشرطة.

وقال مولن: «إن أكبر همومى هو ما إذا كانت (الحكومة الباكستانية) ستواصل هذا». وأخبر نظيره الباكستانى، الجنرال أشفق كيانى: «إننا على استعداد للمساعدة وقتما شاءوا». وخلال زيارته الأخيرة، تفقد مولن اثنين من معسكرات تدريب قوات مكافحة الإرهاب الباكستانية وأبدى إعجابه بما رأى.

وقال مولن: إنه يأمل فى أن يتبنى الباكستانيون إستراتيجية تقليدية من ثلاث نقاط لمكافحة الإرهاب وتطهير المناطق الواقعة تحت سيطرة طالبان، ووضع ما يكفى من القوات فى تلك المناطق بحيث يشعر السكان المحليون بالأمان، ثم البناء عبر التنمية الاقتصادية، بمساعدة الولايات المتحدة.

وعلى المستوى السياسى، تتطلع الولايات المتحدة بصورة متزايدة إلى رئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذى تهيمن رابطته الإسلامية على إقليم البنجاب الحيوى. ويشير مسئولون إلى أن 60% من سكان باكستان يعيشون فى البنجاب، وأن شريف يتمتع بشعبية تتجاوز الـ80% هناك.

والرئيس آصف على زردارى ضعيف سياسيا للغاية، وهذا يقلق الإدارة. وسيقوم بزيارة لواشنطن هذا الأسبوع لمناقشة الأزمة مع أوباما.

ويبحث المسئولون الأمريكيون سبل تخفيف الضغط على زردارى بسبب هجمات الطائرات بدون طيار على ملاجئ القاعدة فى المناطق القبلية. ويعارض الباكستانيون هذه الهجمات باعتبارها انتهاكا للسيادة، برغم مباركة حكومة زردارى لها سرا. ويمكن تخفيف هذا التوتر عبر صيغة معلنة للتعاون الثنائى.

ويوضح مسئول كبير بإدارة أوباما الأمر على النحو التالى: «نحن نتطلع إلى ما يمكن أن يوصلنا إلى طريق مشترك حيث يمكن للباكستانيين الاستفادة من الدعم».

ويفرض شيوع عقلية الأزمة فى واشنطن تهديده الخاص للتوصل إلى سياسة سليمة تجاه باكستان. فقد يؤدى هذا إلى رطانة أمريكية متعجلة وفقدان الولايات المتحدة لصبرها وهذا، بالمقابل، لن يؤدى إلا إلى المزيد من القلق للباكستانيين. والنجاح يعتمد على اعتراف إسلام أباد بأن المشكلة مشكلتها، وأن عليها التصرف بطريقة حاسمة.

(c) 2009, Washington Post Writers Group

التعليقات