الحلفاء يرتبون للعودة فى سوريا - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحلفاء يرتبون للعودة فى سوريا

نشر فى : الأربعاء 12 سبتمبر 2012 - 8:15 ص | آخر تحديث : الأربعاء 12 سبتمبر 2012 - 8:45 ص

تنتقل الولايات المتحدة وحلفاؤها فى سوريا نحو برنامج لمساعدة المتمردين سرا، يبدو مشابها للغاية لما فعلته أمريكا وحلفاؤها لأفغانستان فى الثمانينيات.

 

•••

 

وتبدو أوجه التشابه مثيرة. ففى سوريا، مثلما فى أفغانستان، يعمل ضباط وكالة الاستخبارات الأمريكية على الحدود (من الأردن وتركيا غالبا فى هذه الحال) لمساعدة المنشقين السنة  على تحسين تحكمهم وسيطرتهم، فضلا عن أنشطة أخرى. وتأتى الأسلحة من أطراف ثالثة (كانت تأتى لأفغانستان غالبا من الصين ومصر، بينما فى سوريا يجرى شراؤها من السوق السوداء). وأخيرا تعتبر السعودية ممولا رئيسيا للمتمردين فى البلدين.

 

بل إن هناك شخصية مهمة تربط بين الحملتين: الرئيس بندر بن سلطان، الذى قام فىa الثمانينيات بتمويل ودعم الـ«سى.آى.إيه» فى أفغانستان عندما كان السفير السعودى لدى واشنطن، وهو الآن ــ كمدير للمخابرات السعودية ـ يشجع العمليات فى سوريا.

 

فإلام تشير هذه المقارنة التاريخية؟ على الجانب الإيجابى انتصر المجاهدون فى حربهم، وأطاحو بالحكم المدعوم من الروس (نعم، هذا تشابه غريب آخر). وعلى الجانب السلبى، فتح هذا النصر المدعوم من الـ«سى آى إيه» الطريق لعقود من الفوضى والتطرف الجهادى، الذى لا يزال يهدد أفغانستان، وجيرانها، بل والولايات المتحدة.

 

ويحسب لإدارة أوباما، أنها تقر بالأخطار المقبلة. وهو من أسباب النهج  الحذر الذى اتبعه أوباما فى هذه الحرب، ويرى نقاد، أنه كان نهجا فاترا وغير فعال. قد كانت الإدارة تتخذ خطوات ضعيفة لأن الطريق لم يكن واضحا أمامها. ولكن من طبيعة هذه الحروب أن القليل من التدخل يؤدى إلى تدخل أكثر.

 

•••

 

فما هو الدرس الذى يعلمنا التاريخ إياه بشأن هذا النوع من التدخلات، وربما يكون مفيدا فى الحالة السورية؟ هناك عدة نقاط يتعين وضعها فى الاعتبار، مع تصاعد المعركة ضد الرئيس السورى بشار الأسد:

 

ــ ينبغى على الولايات المتحدة أن تكون حذرة من دعم استراتيجية سعودية، تهدف حتما لمصلحة السعودية الذاتية. ومن المفهوم أن السعوديين يفضلون أن يشن السنة الذين يعارضون الحكم الاستبدادى حربهم بعيدا عن المملكة، ودمشق مكان أكثر أمنا بكثير من الرياض.

 

ــ يجب على الولايات المتحدة أن تكون حذرة بشأن تبنى منهج السنة مقابل الشيعة فى الحرب السورية. كان الغضب ضد الشيعة ورعاتهم الإيرانيين دعامة مفيدة للولايات المتحدة وإسرائيل فى حشد المعارضة السنية ضد الأسد، الذى ينظر اليه كعلوى باعتباره جزءا من الهلال الشيعى. ولكنها معركة طائفية سامة ويمكن أن تكون مدمرة، من النوع الذى دمر تقريبا العراق ولبنان ويغرق سوريا الآن فى الجحيم. نعم، يريد السعوديون قتال الشيعة، على مسافة أبعد من البحرين، أو القطيف فى المنطقة الشرقية فى المملكة. ويتعين على الولايات المتحدة ألا تؤيد العنصر الطائفى فى هذا النزاع.

 

ويتعين على الولايات المتحدة العمل بجد (إن كان ذلك سرا) لمساعدة العناصر الأكثر عقلانية فى المعارضة السورية، والحد من تأثير المتطرفين. وقد تم تجاهل هذه السياسة فى أفغانستان، حيث سمحت الولايات المتحدة لباكستان (بمساعدة الأموال السعودية) بدعم ما تريد من المتمردين ــ فصاروا من بين أكثر الجماعات تطرفا وخطورة. وما زالت أمريكا تحاول التراجع عن الفوضى الناجمة عن تلك العملية فى السياسة الواقعية. لا تفعلوا ذلك مرة أخرى.

 

وأخيرا، على الولايات المتحدة استخدام كارت القبلية بمهارة، فقد يكون حاسما فى سوريا كما كان الحال فى العراق. كما أقسم العديد من زعماء القبائل السورية يمين الدم بالانتقام من الأسد ولعل نفوذ هذه القبائل من الأسباب التى تجعل القوات المحركة للتمرد ريفية، ومحافظة، وسنية. ولكن العراق أوضح أن زعماء القبائل يمكن أن يكونوا أفضل وقاية من نمو تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات المتطرفية.

 

•••

 

والمخيف، فيما يتعلق بسوريا، أن عناصر بالمئات من تنظيم القاعدة تقاتل بالفعل هناك. حيث تقوم خلايا فى الموصل وأجزاء أخرى من شمال العراق بإرسال مقاتلين عبر الحدود السورية العراقية، بينما تعمل الخطوط الجهادية الآن فى الاتجاه المعاكس. وقد ذكرت لى مصادر استخبارات عربية إن المعارضة السورية تحارب ضد نفوذ تنظيم القاعدة: فقتلت المعارضة مقاتلأ من القاعدة يدعى وليد البستانى، حاول إعلان «إمارة» فى بلدة قرب الحدود مع لبنان، بل هدمت أيضا خلية رفعت علم تنظيم القاعدة الأسود بالقرب من باب سلامة، على طول الحدود التركية. وبعبارة أخرى، فإن مقاتلى المعارضة السنية ليسوا بالضرورة من المتعصبين لتنظيم القاعدة.

 

ويستحق المتمردون الذين يحاربون الأسد تأييدا أمريكيا محدودا، يماثل التأييد للمجاهدين ضد السوفييت. ولكن علينا أن نكون حذرين: ففى هذا الطريق يكمن الفوضى والتطرف بما يمكن أن يدفع إلى ضياع جيل من الزمان، ما لم تتصرف الولايات المتحدة وحلفاؤها بحكمة.

 

جماعة كتاب الواشنطن بوست كل الحقوق محفوظة

 

 

 

التعليقات