الأمريكى الهادئ - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأمريكى الهادئ

نشر فى : الأربعاء 12 أكتوبر 2011 - 9:20 ص | آخر تحديث : الأربعاء 12 أكتوبر 2011 - 9:20 ص

إذا كنت تتساءل عما يمكن أن يفعله الدبلوماسيون فى عصر تقويض القوة العسكرية، والاتصال الفورى، تأمل حالة روبرت فورد، سفير الولايات المتحدة لدى سوريا. لقد كان يجتمع مع المعارضة السورية فى مختلف أنحاء البلاد، مخاطرا بعنقه ــ وأثناء ذلك أغضب نظام الرئيس بشار الأسد. ويعتبر فورد مثلا للدبلوماسية الحرة التى ستحتاجها الولايات المتحدة وهى تسحب قواتها من الحربين فى العراق وأفغانستان. فهو يبرز القوة الأمريكية بهدوء عبر تقديم المشورة للمحتجين و الربط بينهم بدلا من محاولة لف المعارضة بالعلم الأمريكى، وهو ما من شأنه أن يكون قبلة الموت لهم.

 

وفى الأسبوع الماضى، تحدثت مع فورد تليفونيا، وهى حاليا للأسف الوسيلة الوحيدة أمام معظم الصحفيين الأمريكيين للحديث معه. وقد عرض النصيحة الأساسية التى قدمها فى اللقاءات مع قادة المعارضة، وهى الحفاظ على السلمية، ومقاومة الانزلاق نحو العنف الطائفى. ولخص فورد رسالته بالشكل التالى: «لا تكونوا عنيفين. تلك مسألة حاسمة. فسيكون ذلك فى صالح الحكومة». وكما يلاحظ فورد، فالقتل الطائفى «يسير على قدم وساق فى سوريا. وهى دائرة مرعبة من الهجوم والانتقام، تذكرنا بفوضى السنة والشيعة التى أحاطت بالعراق فى عام 2006».  ويجرى العداء الدموى هنا بين الأغلبية السنية فى سوريا والأقلية العلوية التى حكمت منذ  تولى الأسد الأب فى 1970.

 

وتصدر تقارير شنيعة، من كل من الجانبين: تقوم قوات الأمن السورية باعتقال المعارضين وتعذيب بعضهم. وتتصدى قوات المعارضة بأعمال القتل الانتقامية. وتقول مصادر حكومية غربية وسورية على حد سواء: إن الجنود الذين تم القبض عليهم تقطع رءسهم بعض الأحيان، وتمزق أوصالهم؛ وتم اقتلاع عيون بعض الأسرى العلويين. وخشية تصاعد العنف، بقيت «أغلبية صامتة» سورية على الحياد مؤلفة من كبار رجال الاعمال من السنة والمسيحيين وبعض العلويين.

 

ويهتف المحتجون «سلمية.. سلمية». غير أن مسئولين أمريكيين وسوريين يؤكدون تقريرا نشر مؤخرا فى نيويورك تايمز عن أن مدينة حمص فى وسط سوريا، التى كانت مرتع الاحتجاج، تنزلق نحو حرب أهلية، حيث تمثل نقاط التفتيش مناطق الصراع. وللحصول على وصف حى للمشهد، انظر إلى الأجزاء الثلاثة من سلسلة تقارير الصحفى الأمريكى الحر، نير روزن على موقع الجزيرة. حيث نقل عن متظاهر فى حمص قوله: «يظن الغرب أننا إسلاميون لأننا نخرج من المساجد، ولكن هذا هو المكان الوحيد الذى يمكن أن يتجمع فيه الناس».

 

ويزعم المتشددون السوريون أنهم ينشئون جناحا عسكريا، على غرار الثورة الليبية، بل إن البعض يطلب من الناتو أن يفرض منطقة حظر طيران. وهناك توقع غربى أيضا أن الجيش التركى يمكنه أن يخلق ملاذا على غرار بنغازى على طول الحدود الشمالية. ولكن فى الوقت الحالى، يعتبر مثل هذا الحديث عن الكفاح المسلح محض خيال. فيستطيع الأسد احتلال أى منطقة فى يوم واحد إذا أراد ذلك.

 

وكانت مهمة فورد تشجيع المعارضة الداخلية على إنجاز مهمتها سياسيا.  وتعتبر أكبر مجموعتين من متظاهرى الشوارع «اللجان المحلية للتنسيق» وترأسها محامية حقوقية اسمها رزان زيتونه، والمنظمة العامة للثورة السورية بزعامة سهير الأتاسى، ابنة عائلة سياسية بارزة. وينبغى أن يساعد الدور البارز  لهاتين السيدتين فى تخفيف المخاوف الغربية من أن هذه الحركة من صنع الإخوان المسلمين.

 

وتحتاج المعارضة السورية إلى مساحة سياسية لتنضج فيها؛ وتطور مقاومة موحدة غير عنيفة للأسد. وللأسف صوت كل من روسيا والصين فى الأسبوع الماضى ضد قرار لمجلس الأمن كان من شأنه توفير مراقبين داخل البلاد.

 

وقد تحمل فورد مخاطر شخصية هائلة من أجل الالتقاء بالمتظاهرين. عندما تحدى الحكومة بشجاعة وسافر إلى المدينة المحاصرة حماة فى يوليو، وأمطر المحتجون سيارته بالورود امتنانا. بينما رشقه الغوغاء الموالون للحكومة بالبيض والطماطم، عندما زار زعيم المعارضة فى دمشق أواخر الشهر الماضى. وتعرضت السفارة الأمريكية نفسها لهجوم الشبيحة الموالين للحكومة فى يوليو.

 

ويطالب فورد، أينما ذهب، بمسائل عملية ــ الضغط على النشطاء بشأن تقديم حوافز للاستثمار السورى، أو إصلاح موازنة الحكومة. كما أنه يقدم المشورة للمتظاهرين بشأن العمل العسكرى الذى لن يؤدى إلا إلى حرب أهلية شرسة. وهو يعتقد أن الوقت ليس فى صالح الأسد، إذا استطاع المتظاهرون تجنب فخ الصراع الطائفى. ولا شك أن فورد يسير فى حيز ضيق. ولكن من الجيد أن نشهد دبلوماسيا أمريكيا يقود التغيير، بدلا من الجيش الأمريكى.

التعليقات