ثقة يشوبها القلق فى الصين - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثقة يشوبها القلق فى الصين

نشر فى : الإثنين 13 ديسمبر 2010 - 12:29 م | آخر تحديث : الإثنين 13 ديسمبر 2010 - 12:29 م

 فى مؤتمر عقد مع المسئولين الصينيين هنا، ظهرت المفارقة الخاصة بالصين الصاعدة؛ فهى بلد يريد أن يلعب دورا أكبر فى الشئون العالمية، لكنه يعانى من مزيج من الفتور ورهبة المسرح.

وخلال الاجتماع، أعلن أحد كبار المسئولين الصينيين أن «الصين ينبغى أن تكون أقل من مراقب وأكثر من فاعل» فى قضايا كبرى مثل كوريا الشمالية، وتسويات العملات. وأضاف أنه «عندما نكون على المسرح، فلا يجب أن ندير ظهرنا للجمهور، كما لو كنا جزءا من هذا الجمهور».

بل إنه عندما تعلق الأمر باقتراح حلول خلال اجتماع عقد الأسبوع الماضى مع زائرين أمريكيين وأوروبيين، التزم الصينيون الحذر. ولم يعارض المسئولون اعتبار كوريا الشمالية ومظاهر الخلل فى الاقتصاد العالمى مشكلتين كبيرتين. لكن توصياتهم تركزت على النقاش بدلا من التحرك، للدرجة التى بدا فيها الحديث المتسق غاية فى حد ذاته.

وقد أعقب الاجتماع مؤتمر صحفى، فقال يون فو العميد التنفيذى لكلية الإدارة الحكومية فى جامعة بكين إن الوصفة التى تقترحها الصين للتعامل مع كوريا الشمالية هى: «الحوار، والحوار، والحوار». وقد أحبط هذا النهج موظفى وزارة الخارجية الذين ظنوا أن بكين ضجرة من السياسة المغامرة التى تتبعها كوريا الشمالية، وفقا لبرقية خاصة بوزارة الخارجية كشف عنها موقع ويكيليكس.

وكان المؤتمر محاولة استثنائية لاستكشاف مجالات الاهتمام المشترك وربما أيضا القيام بعمل موحد. وقد عقد فى ضيافة المدرسة المركزية للحزب، وهى مركز للتدريب على القيادة يرأسه تشى جين بينج، المقرر أن يكون الرئيس المقبل للصين. أما الراعيان الآخران للمؤتمر فهما آسبن استراتيجى جروب (وأنا عضو فيها) ومعهد آسبن فى إيطاليا.

وقال نيكولاس بيرنز، وكيل وزارة سابق بوزارة الخارجية يعمل الآن أستاذا بجامعة هارفارد ومدير آسبن استراتيجى جروب أنه «لا يبدو أن لدينا القدرة على العمل معا» بالرغم من وجود «قدر مدهش من المصالح المشتركة». ولاحظ بيرنز أنه فيما يتعلق بكوريا الشمالية، فإن الصين تتمتع بالنفوذ الأكبر، ولكن «يبدو أنها تحجم عن استخدامه» كما أنها «لم تُخْتبر بعد» كشريك أمنى.

وقد عُقد المؤتمر بحرم مدرسة الحزب فى ضواحى بكين؛ حيث تتباين ساحات المدرسة المتواضعة مع المبانى المبهرجة فى وسط المدينة الجديد المحاط بفنادق فخمة ومتاجر فاخرة.

وكشف موضوع نشرته صحيفة تشاينا ديلى صباح يوم اجتماعنا المخاوف التى تصاحب الثروة الجديدة فى الصين؛ حيث أظهر ميل الأثرياء الجدد فى البلاد إلى تعيين حراس شخصيين. ويبدو أن اكتساب الثروة لم يؤد إلا إلى زيادة توتر الناس خشية فقدانها.



وأوضح عدة مسئولين صينيين حضروا الاجتماع، أن جانبا من حذر الصين بشأن السياسة الخارجية يعود إلى أن اهتمام المسئولين يتركز على الحفاظ على النمو الاقتصادى المحلى، وإرضاء الجماهير التى يتوقع أن تثير اضطرابا.

وقال مسئول كبير معترفا بأن بكين تهتم بمشكلاتها الداخلية فى المقام الأول «أنا لا أعنى أن الصين أنانية». ففى حالة كوريا الشمالية، تتخوف الصين من أن الضغط على بيونج يانج من شأنه دفع اللاجئين اليائسين إلى النزوح عبر الحدود.

وقد أسفرت النقاشات عن بضعة دلائل على تحريك المواقف. فقد بدأ أستاذ فى مدرسة الحزب برفض المناشدات الأمريكية بتعديل العملة الصينية. ولكن بعد المزيد من النقاش، قال الأستاذ إن الصين ربما تستطيع تخفيض الفائض فى ميزانها التجارى عبر رفع مستويات الأجور، وبذلك يستطيع العمال شراء واردات أكثر من الولايات المتحدة. بل إنه اقترح «آلية تنسيق» لتشجيع التجارة المتوازنة.

والأمر الذى يسبب إحباطا للمسئولين الأمريكيين، أن الصين تبدو أحيانا أكثر ارتياحا لاستيعاب ولايات متحدة قوية، كما فعلت فى العقود الماضية، بدلا من الشراكة مع أمريكا أقل نفوذا. وقد وجه أحد المندوبين الأمريكيين انتقادا للصينيين بسبب التعامل مع التنازلات التى قدمتها إدارة أوباما فى أوائل عهدها باعتبارها علامات ضعف، وبسبب ادعائهم المتشدد أن بحر الجنوب الصينى يمثل «مصلحة جوهرية» للصين.

وقال جوزيف ناى، الأستاذ بجامعة هارفارد وعضو المجموعة الأمريكية، إن المسئولين الصينيين هنا حاولوا تهدئة المخاوف الأمريكية عبر إعلان أنه كان هناك «سوء فهم» للتصريحات الصينية بشأن بحر الجنوب.

وكان تعليق كل من الصينيين والأمريكيين على السواء: «نحن فى نفس القارب»؛ ويبدو هذا مشجعا. لكن القارب يجنح هذه الأيام، إن لم يكن بسبيله للغرق، ويتعين على الطرفين البدء فى التجديف بتناغم تام.

لقد خرجت من الاجتماع بنفس الانطباع المختلط الذى لمسته خلال جولتى فى الصين قبل شهر فمع كل هذا الازدهار والثقة البادية فى البلاد، ينصب اهتمام قادتها على مشكلات النمو الداخلى والاستقرار السياسى. وهم يرون النقاشات السياسية مع الغرب من خلال هذه العدسة الضبابية.

التعليقات