الوقوع فى روتين الحرب الفارغة - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الوقوع فى روتين الحرب الفارغة

نشر فى : السبت 14 مارس 2009 - 7:46 م | آخر تحديث : السبت 14 مارس 2009 - 7:46 م

 بالنظر إلى الفوضى التشريعية التى تحيط بالأزمة الاقتصادية، نجد أننا مازلنا نعيش ما قد يشبه «الحرب الفارغة» phony war التى وقعت فى الفترة من 1939إلى 1940.

فقد أعلنت الحرب على الركود العظيم، ولكن كالعادة، كان الأمر فى إطار المجال السياسى. ولا يزال التضارب وسوء الإدارة اللذان ساعدا على خلق الأزمة متواصلين، حتى رغم انتخابنا الرئيس الذى وعدنا ببداية جديدة.

ينبئا التاريخ أن الحرب الفارغة لا نهاية لها، وأنها تنتهى عندما ينهار كل شىء. وقد بدأت الحرب العالمية الثانية رسميا مع الهجوم الألمانى على بولندا فى سبتمبر 1939، ولكنها ظلت لشهور مجرد مناوشات على الهامش.

وانتهى هذا التردد فى 10مايو 1940، عندما غزا هتلر بلجيكا وجيرانها. وخرج نيفيل تشامبرلين من الحكم كرئيس وزراء، وجاء وينستون تشرشل باعتباره أمير الانتقام.

ويمكن أن ندرك مما جرى هذا الموسم ارتباط الأحداث الوثيق بالسياسة، حيث حشد أوباما سياسيين ومسئولين حكوميين سابقين فى إدارته. وربما يظن المرء أن الرئيس فى ظل الأزمة المالية الضخمة سوف يحتاج إلى قادة من رجال الأعمال لهم خبرة فى إدارة المنظمات الكبيرة أثناء الأزمات.

ولكن ذلك ما لم يحدث فى مجلس وزراء أوباما الذى يبدو بعيدا عن عالم الأعمال، فنجد مسئولا حكوميا سابقا فى وزارة المالية، وعضوا سابقا فى مجلس الشيوخ فى وزارة الخارجية، وحاكما فى وزارة التجارة، ومسئولا حكوميا سابقا ورئيس جامعة فى وزارة الدفاع، وأستاذا سابقا فى وزارة الطاقة، وحاكما سابقا فى وزارة أمن الوطن، وحاكما سابقا فى وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، وعضوا سابقا فى الكونجرس رئيس موظفى البيت الأبيض، ورئيس جامعة سابق ومسئولا حكوميا مستشارين للشئون الاقتصادية.

وهؤلاء جميعا بلا شك أشخاص جيدون. ولكنهم ضئيلو الخبرة فى إدارة الأعمال التجارية وتحقيق المكاسب. وعلى الجانب الآخر ربما يرى أوباما أن رجال الأعمال غير مفيدين أو موقفهم ضعيف فى السلطة التنفيذية لانغماسهم الشديد فى الأزمة المالية.

لكن الواقع أن ثقافة تبنى إحداث تغيير سريع تبدأ من الكونجرس. فهؤلاء الأشخاص يعملون لمدة أربعة أيام فى الأسبوع، حيث لا يعلمون يوم الجمعة، ليمكنهم الذهاب إلى مواطنهم الانتخابية وإخبار الناخبين بمدى اجتهادهم. وربما يتحدثون عن الأزمة، ولكنهم لا يفعلون ما يجب عليهم بالفعل.

فالجمهوريون والديمقراطيون يصوتون وفقا لما تقتضيه أحزابهم فى قضايا أساسية متعددة. وكان الديمقراطيون متحمسين بشدة لدعم خطة التحفيز الاقتصادى من خلال المشروعات الصغيرة التى لن تعمل كحافز بصورة أكبر مما تعمل به حملة جمع التبرعات.

وقد اختلفوا فى التعامل مع بعض الناس على نحو تمييزى فتلك هى الإهانة الرمزية التى وعد أوباما بالقضاء عليها أثناء حملته. ولكن حال الجمهوريين ليس أفضل، حيث يتبعون إستراتيجية معارضة لخطط الانتعاش، على نحو أعطى شرعية لمقولة راش ليمبو «أتمنى أن يفشل».

ما الذى سوف يحدث إذا فشلت مساعى أوباما؟ أشعر بالقلق إزاء هذا السؤال بالفعل عندما أتأمل التاريخ فى فترة الثلاثينيات، حيث أخفق سياسيو أوروبا فى حل الأزمة الاقتصادية عبر الوسائل الديمقراطية العادية. ولذلك تحول الجمهور إلى مكان آخر.

إذ غضب الناس بشدة من كبار رجال البنوك والأعمال، وبتعبئة من أعضاء البرلمان، تحولوا إلى القادة السلطويين الذين وعدوا بإجراءات على المستوى الوطنى ــ واتخذ ذلك قالبا فاشيا. وربما يبدو هذا السيناريو الرهيب بعيدا عنا الآن. ولكن هناك مزاجا سيئا ينتشر، حيث بدأ الناس يبحثون عن أشرار يمكنهم توجيه اللوم إليهم بسبب الفوضى الاقتصادية.

يعيش مسئولو إدارة أوباما حالة عصبية يمكن فهم أبعادها، انتظارا لمفاجآت غير متوقعة طوارئ تلزم بإجراءات مالية يمكن أن تذهب إلى إعلان الإفلاس وتأميم شركات السيارات الكبيرة والبنوك العملاقة. وأتمنى أن يجدوا مقاربات أكثر إبداعا، حيث تقوم، اعتمادا على توجيه السوق، بتقسيم البنوك العملاقة بدلا من تجميعها معا فى ظل ملكية الحكومة.

ولكن لابد من انتهاء الحرب الفارغة؛ فالشعب يطالب بإجراء ما، وإذا لم تستطع هذه المجموعة من السياسيين القيام بما هو مطلوب، فربما يتحول الناس إلى إطلاق الشائعات المخيفة.

التعليقات