دعوة أوباما لإلقاء خطاب جديد فى القاهرة - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دعوة أوباما لإلقاء خطاب جديد فى القاهرة

نشر فى : الإثنين 14 مارس 2011 - 10:25 ص | آخر تحديث : الإثنين 14 مارس 2011 - 10:25 ص

 بعد أسابيع من المشاهد المبهجة القادمة من ميدان التحرير، تدخل مصر مرحلة تظهر مدى الصعوبة التى سيكون عليها الانتقال نحو الديمقراطية فى العالم العربى؛ إذ سيكون المكوِّن الأساسى هو ثقافة التسامح وروح الوحدة التى تمحو الخلافات السياسية والدينية وغيرها.

وقد طفت على السطح خلال الأسابيع الأخيرة فى مصر سياسة التمييز القبيحة القديمة فى ثلاث مواجهات دراماتيكية؛ «تحرش» المارة بالمشاركات فى مسيرة نسائية، وصدام بين أقباط ومسلمين عقب حرق كنيسة، نتج عنه 13 قتيلا، واستيلاء المحتجين على ملفات جهاز أمن الدولة الكريه، ليعثروا على وثائق تفضح النظام القديم، أو ربما جيرانهم.

ودور ثقافة الديمقراطية هو إيجاد متنفس بنَّاء لهذه التوترات الحقيقية التى لا مفر منها. وكان هتاف «سلمية» هو ما حقق للمتظاهرين وحدتهم فى ميدان التحرير، وهم أحوج ما يكونون إليه الآن فى مرحلة ما بعد مبارك. وكانت حركة التحرير مؤلفة من مجموعات متباينة؛ اشتراكيون ورأسماليون، رجال ونساء، مسلمون وأقباط لكنها تمكنت من الوصول إلى لغة مشتركة، وأرجو ألا تفقد الحركة ذاكرتها.

ويكمن الخطر فى أن الديمقراطية الوليدة يمكن أن تتحول إلى شقاق فوضوى، يتبعه القمع من جديد، وهو أمر شائع فى تاريخ ما بعد الثورات. فقد أفسحت مثالية الثورة الفرنسية الطريق أمام إراقة الدماء التى تولتها لجنة الحماية العامة، الذى كان سببا، بالمقابل، فى حملة ترميدور. ويستطيع الشباب الديمقراطى فى مصر وتونس وليبيا تفادى هذه الدورة المأساوية إن هم تحلوا بروح التسامح.

ولنأخذ مثال مؤسسات الأمن فى مصر الجديدة. فالشرطة أصبحت عدو المتظاهرين فى ميدان التحرير، ولا يزال هناك الكثير من الغضب المكبوت من دولة مبارك القمعية. لكن المصريين يريدون أيضا القانون والنظام، وسيحتاجون إلى شرطة حديثة وكفؤة لا تتحرش بالناس أو تعذبهم، وسيحتاجون كذلك إلى استخبارات نشطة لهذا الغرض.

فكيف يمكن مساعدة العرب فى بناء قوات أمن حديثة؟ بعد سقوط الشيوعية، ساعدت الولايات المتحدة شعوب شرق أوروبا فى إقامة هذه المنظمات، مع وضع القواعد لها وتوفير الرقابة المناسبة عليها. وليست الولايات المتحدة البلد المناسب للمساعدة فى إعادة بناء أجهزة الأمن المصرية الجديدة (بعد أن تورطنا كثيرا فى مفاسد الأجهزة القديمة)، لكن ما القول فى بعثة من بولندا، أو جمهورية التشيك أو غيرهما من البلاد التى أقامت وكالات للشرطة والمخابرات على أسس ديمقراطية؟

إن التاريخ الأمريكى هو تاريخ التحول تدريجيا باتجاه ثقافة التسامح تلك، وقد استغرق تحقيق هذا الأمر عدة عقود. ونحن نقدر الآباء المؤسسين، لكن واشنطن وآدمز وجيفرسون وماديسون وهاميلتون قضوا سبعينيات القرن الثامن عشر فى تبادل الاتهامات البلاغية.

وتأرجحت جمهوريتنا الشابة بين المحتجين الفوضويين وتمرد الويسكى وقمع شرطة الدولة بفضل قوانين الأجانب والفتنة.

وكانت أمريكا محظوظة بقانون الحقوق فى دستورها الجديد، الذى يضمن توافر قدر أساسى من التسامح، وجعل تحقيق الديمقراطية ممكنا. وآمل أن يفكر المصريون وجيرانهم فى نسخهم الخاصة من قانون الحقوق هذا، وضمان حرية الأديان والصحافة وغير ذلك من حقوق الإنسان.

وبالنسبة لموضوع حرية الصحافة، فمن المثبط للهمم أن نجد نظاما كالنظام الأردنى، الذى يدعى الرغبة فى الإصلاح، يشجع منع العمود الأسبوعى لراندا حبيب، رئيس مكتب الوكالة الفرنسية بعمان التى تحظى باحترام كبير، فى صحيفة جوردان تايمز. ونحن نحيى الصحفيين الأردنيين الشجعان المائتين الذين تظاهروا الأسبوع الماضى مطالبين بحرية الصحافة. وإذا أراد الملك عبدالله الثانى أن يكون مصلحا حقيقيا، فعليه أن يتبنى هذه القضية بدلا من محاربتها.

وبينما يناضل العالم العربى من أجل تأسيس ثقافة ديمقراطية، آمل أن أسمع المزيد من الرئيس أوباما، فهو رمز لتقدم أمريكا نفسها باتجاه تحقيق هذا الهدف وهو فى وضع يؤهله لتقديم بعض النصائح. فهو أمريكى من إصول أفريقية، وابن لرجل مسلم، وشخص تعبر طريقته فى الحكم عن تقبل واحترام وجهات نظر الآخرين، وهو ما يساعد فى نجاح الديمقراطية.

ويتعرض أوباما للانتقادات بسبب استجابته المحدودة بالتدخل أثناء الانتفاضات فى مصر وليبيا.

وأعتقد أن النقد فى غير محله، غالبا؛ فمن حقه أن يترك هذه الرواية للعرب كى يكتبوها بأنفسهم، دون وساطة أمريكية. لكن بالنسبة لمسألة إقامة ديمقراطية جديدة ومتسامحة، لابد أن يكون لأوباما رأيه. ألم يحن الوقت لخطاب جديد فى القاهرة يعلن فيه انحياز أمريكا لعملية التغيير؟

التعليقات