فازت حملة «تمرد» فى الجولة الأولى فى معركتها ضد نظام الرئيس مرسى، بنجاحها فى خلال 10 أيام فقط ،فى جمع أكثر من 2 مليون توقيع على استمارات تطالب بسحب الثقة من الرئيس مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو الأمر الذى اعتبره كثيرون مفاجأة مدوية تعبر عن رفض الشارع لحكم الإخوان، أو كأنه استطلاع رأى عشوائى يرفض كل سياساتهم.. ومع ذلك، فإن الحركة لم تخض بعد معركتها الحقيقية، ولن يمكن الحكم على قدرتها على تحقيق أهدافها، إلا إذا قدمت أو انحازت لمشروع سياسى بديل لحكم الإخوان، وترشيح رئيس يحوز على إجماع شعبى ليحل محل مرسى!
ورغم اننى شخصيا وقعت على إحدى هذه الاستمارات، ورغم إيمانى العميق بنبل القائمين على هذه الحملة، واتخاذها منهجا سلميا لمعارضة حكم الإخوان، لكن ما يقلقنى بشدة ان قضايا واستحقاقات مرحلة ما بعد مرسى،تبدو غائبة تماما عن برنامج هذه الحملة، فإذا افترضنا جدلا ان الحملة نجحت فى اسقاط نظام الإخوان، فإن شكل نظام الحكم الجديد وفلسفته وتوجهاته ورجاله، لا تبدو واضحة فى عقل منظمى هذه الحملة!
قيادات هذه الحركة الشبابية أكدوا اكثر من مرة قدرتهم على جمع 15 مليون توقيع قبل يوم 15 يونيو القادم، تمهيدا لتنظيم مظاهرة يشارك فيها ملايين الموقعين أمام قصر الاتحادية للمطالبة برحيل الرئيس مرسى، لكنهم لم يجيبوا على العديد من الأسئلة حول مدى تيقنهم من مشاركة ملايين الموقعين على استمارة عزل مرسى فعلا فى مظاهرات أمام الاتحادية ؟ّ! وحتى إذا شارك الملايين فعلا فى هذه المظاهرات، فلا أحد يضمن أن الإخوان سيتخلون عن الحكم، وسيجبرون مرسى على التنحى، فالإخوان لديهم حجة تبدو قوية فى هذا الشأن، وهى أن مرسى جاء بصندوق الانتخابات، ولن يرحل إلا بانتخابات جديدة بعد 4 سنوات من تاريخ انتخابه، حفاظا على الشرعية وعلى المسار الديمقراطى، كما أن الأمر لن يخلو من اندلاع أعمال عنف إذا أصر المتظاهرون المفترضون على ضرورة رحيل مرسى، وأصر الإخوان ومناصروهم على استكمال الرئيس مدته الرئاسية، وقد يسفر هذا العنف عن فتح جبهات قتال حقيقية بين الطرفين، لن تكون مجرد مناوشات كالتى حدثت عدة مرات من قبل سواء أمام مقر الإخوان بالمقطم، أو أمام قصر الاتحادية منذ عدة أشهر!
أهمية حملة تمرد تتمثل فى كونها تعبر عن رأى عام فى الشارع تتصاعد معارضته لحكم الإخوان، وأزمتها أنها لا تقدم البديل لحكمهم، أما مأساتها الحقيقية فهى انها ولدت من رحم مناخ سياسى معقد لا يخلو من الفانتازيا، يذهب فيه رئيسنا إلى البرازيل الاشتراكية، ليستهلم فلسفتها فى الحكم، ويحاول تطبيق تجربتها التنموية اليسارية تحت شعارات إسلامية، وكأننا أصبحنا حقل تجارب للإخوان، دون ان يخبرنا الرئيس عن مصير مشروع النهضة الذى خاض به انتخابات الرئاسة التى نجح فيها!
حركة تمرد بعفويتها هى الرد الشعبى الحقيقى الذى يعبر عن السخط لهذا العبث السياسى الذى نعيشه، ويطمح للانتهاء منه، فقط لا غير !