دافوس تناقش الخطأ الذي وقع - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دافوس تناقش الخطأ الذي وقع

نشر فى : الأحد 15 فبراير 2009 - 9:44 م | آخر تحديث : الأحد 15 فبراير 2009 - 9:44 م

 "كيف يمكن أن نكون بهذا القدر من الغباء؟" كانت تلك هي اللازمة التي تكررت على ألسنة العديد من الخبراء في إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي الأسبوع الماضي عن "ما الخطأ الذي وقع" وأدى إلى الأزمة المالية العالمية. إنه دافوس، حيث كان المعلقون المختارون محقين في الغالب في تحذيرهم قبل سنوات عديدة من كارثة منتظرة. ولكن كانت هناك على أقل تقدير مسحة من الغم.

لا تتسم دافوس بالتواضع في العادة. فهؤلاء هم على أي الأحوال أساتذة العالم الذين بات اجتماعهم كل شتاء يرمز إلى عملية العولمة الاقتصادية. ولكن هذا العام، حيث الاقتصاد العالمي في حالة شديدة السوء، كان هناك نوع من اختبار الذات الجماعي. وبعد مناقشات اللجان، كان يمكن أن تسمع تنهدًا مصحوبًا بكلمة "يا خبر!" أو بالسؤال "والآن ما العمل؟" الذي يعبر عن الأسى والحزن.

أحد أسباب نبرة التأمل الذاتي هذا العام هو أن المسئولين الأمريكيين، الذين لا يبدو أنه يمكنهم مقاومة كونهم أصحاب الصوت العالي في مثل هذه التجمعات العالمية، قد تعمدوا التغيب عنها في الغالب. وقد أضفى غياب إدارة أوباما جوًّا "ما بعد أمريكي" على الجلسة، غير أن هذا أمر خادع. فظاهرة الولع بباراك بين عمالقة العالم بالقوة ذاتها التي عليها في أي مكان آخر.

كانت العروض الأكثر تفاؤلاً هنا من "المستجدين" الرأسماليين، رئيس الوزراء الصيني وين جياباو ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين. فقد قال وين إنه رأى علامات "الأمل" في إقراض البنوك المتزايد والاستهلاك المحلي الصينين. أما بوتين فتحدث مثل الرأسمالي الذي وُلِد من جديد بقوله إن روسيا شهدت الدمار الذي أحدثه القدر الزائد عن الحد من السيطرة الحكومية على الاقتصاد، وأنها لن تعود إلى سياسات الاتحاد السوفيتي. وقد بدا أشد ما يكون تحمسًا عندما تحدث عن تخفيضات الضرائب في روسيا.

لم يتمكن بوتين مقاومة إطلاق بعض القذائف في اتجاه الولايات المتحدة لأنها تسببت في خلق "العاصفة الكاملة" التي ضربت الاقتصاد العالمي ، مستشهدًا بالكلام المتفائل الصادر عن المسئولين الأمريكيين في دافوس قبل عام و"نوعية الإدارة الرديئة" للبنوك الأمريكية. وقال الشيوعي السابق، الذي هو الآن مؤمن شديد الإيمان بنظام السوق الحرة، إن "هذا الهرم من التوقعات لابد أن ينهار".

ظهر وين وبوتين على راحتهما تمامًا في نادي المديرين التنفيذيين بدافوس. وكان الزعيم الصيني يرتدي بدلة زرقاء داكنة، بل بدا أنه أتقن المفردات الحديثة التي يستخدمها المدراء التنفيذيين و خاصة ما يتعلق منها بالنفاق الحار، حيث كان يجمِّل ملاحظاته بعبارات من قبيل "أود فقط أن أقول لكم بصراحة" و"من أعماق قلبي". إذ تحدث مرارًا عن "انفتاح وشفافية" الصين، وهما صفتان غالبًا ما لا تُنسبان إلى الجمهورية الشعبية.

كشف بوتين، الذي كان يرتدي ربطة عنق حمراء وبدلة رائعة التفصيل، عن سرعة غضب رجل الكي جي بي السابق من أسئلة صادرة عن قيادات قطاع رجال الأعمال. فقد أطاح بعرض حسن النية من مايكل ديل لمساعدة السوق الروسية بمهاراتها الخاصة بالكمبيوتر حين رد بحدة قائلاً: " لسنا عجزة. ... أصحاب المعاشات هم من ينبغي مساعدتهم. وينبغي مساعدة الدول النامية." وتحدث وين وبوتين كرجلين، ربما أكثر ثقة الآن عما كان عليه الحال قبل بضع سنوات، من أن العالم يسير على طريقتهما.

كيف يكون عمالقة الرأسمالية بهذا الغباء؟ كان ذلك هو السؤال الذي شاع في دافوس طوال الأسبوع، وبهذه الطريق كانت صراحة المناقشات مطمئنة. إذ ربما يكون الاقتصاد العالمي قد أصابته مصيبة، ولكن الناس لم يفقدوا قدرتهم على التفكير فيه بشكل نقدي. وقد جاء أحد أبرز الانتقادات من نيال فرجسون أستاذ التاريخ بجامعة هارفارد الذي كرر مقولة عرضها في العدد من الكتب الحديثة وهي أن "ديناصور الديون" يسير وراء بريطانيا على طريق الاستنزاف والانهيار الإمبراطوريين.

نجما الروك هنا هذا العام ، الذين أحاط بهما المعجبون، هما المحللان الاقتصاديان نورييل روبيني ونسيم نيكولاس طالب اللذان رأيا الكارثة قادمة قبل أي شخص آخر.

وقال روبيني إن حوافز النظام القديم الملتوية ضمنت تقريبًا الانهيار النهائي. فقد عرضت شركات الرهن العقاري قروضًا عقارية مريبة عالية المخاطر من أجل الأتعاب؛ واكتتبت البنوك فيها من أجل الأتعاب؛ وحولتها البنوك الاستثمارية إلى سندات غريبة من أجل الأتعاب؛ وأعطتها وكالات التقدير درجات مرتفعة على نحو مصطنع، من أجل الأتعاب. ويمكن القول إن النظام "أفلح".

وقال طالب، وهو مضارب سابق ألف كتابًا بعنوان "البجعة السوداء"، إن نماذج وول ستريت ـ المفترض أن تمنع رجال البنوك من المخاطرة المفرطة ـ كانت في واقع الأمر جزءًا من المشكلة، حيث خلقت إحساسًا زائفًا بالثقة فيما يتعلق بالمستقبل. وبدلاً من البحث عن الطمأنينة في النماذج، نصح المتعاملين القلقين بتناول مشروب، أو تعلم الدِّين.

فقد قال طالب فيما يمكن أن يكون شعارًا لاجتماع دافوس للعام الحالي: "أن تقول ’الله أعلم‘ أسهل من أن تقول "لا أعلم".

• خدمة جماعة كتاب واشنطن بوست (Washington Post writers Group)

التعليقات