سكينة رمضانية - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سكينة رمضانية

نشر فى : الإثنين 15 أغسطس 2011 - 9:49 ص | آخر تحديث : الإثنين 15 أغسطس 2011 - 9:49 ص

 منذ أن بدأ رمضان وأنا أستمع يوميا إلى تلك النصائح الدينية المعتادة التى بات الناس يتمسكون بها احتفاء بالشهر الكريم، فتخبرنى من تقف بجوارى فى صلاة التراويح أن على أن أقترب منها كثيرا حتى لا يدخل الشيطان بيننا وتسألنى أخرى عن عدد الاجزاء التى أنهيتها حتى الآن.

كدت أخبرها أننى أقرأ بضع صفحات يوميا، كدت أخبرها أننى أتأمل يوميا فى كلام الله ولا أقرأه فقط، كثيرا ما أقرأ القرآن لكنى نادرا ما ألتفت إلى دلالة الكلام ومعناه. أن تجلس لتعقد جلسة روحية تأملية مع الله وتقرأ كتابه هذا

أمر مختلف تماما، وخبرة روحية عميقة لا تتاح للإنسان طوال الوقت.

كلما تأملت حول ذاتك واستكشفت مناطق بعينها، كلما استطعت التوغل فى استكشاف مناطق غائمة فى الروح تتصل بالله.

كلما أعدت قراءة رواية «بريدا» لباولو كويلهو توقفت أمام نفس العبارة «إن الإنسانية بأكملها لن تتوصل إلى الالتحام مع الله إلا إذا تمكن البشر من التواصل مع شقائق أرواحهم فى مرحلة ما أو لحظة ما من حياتهم».

هل جرب أحدكم لحظة تواصل حققية مع الله؟ أن تشعر بأن الله قريب منك يراك ويسمعك ويكاد يربت عليك.

لا أظن أن الطقوس الدينية وحدها قادرة على منحك هذا الإحساس، أن تصلى بآلية شديدة وتقرأ القرآن وكل همك أن تعد لنفسك الأجزاء التى استطعت قراءتها لتشعر بالإنجاز الدينى.

لن تصل لله حقيقة ما دمت غير قادر على التواصل مع نفسك بشكل حقيقى، أبدع باولو كويلهو عندما صاغها فى العبارة السابقة.

ماذا تفعل مع الله؟ وماذا تريد منه بالضبط؟ ومتى تحتاج إليه؟ عليك أن تجيب عن هذه الأسئلة بدقة شديدة، غالبا ما نطلب من الله الصحة والمال والغفران وربما أشياء أخرى.

هل هذا كل ما تريده من الله؟ هل سبق وتحدثت مع الله بحميمية، فى الأوقات الصعبة من حياتى كنت أجلس لأنظر إلى السماء وأحادثه، وأسأله عن حكمته فيما يحدث، أو أحدثه بأننى أثق جدا فى حكمته لكنى أطلب منه أن يمنحنى المزيد من الصبر على هذه الحكمة حتى أفهمها جيدا.

غالبا ما يحدث ذلك فى الأوقات التى أكون فيها متصالحة مع نفسى، عندما تتشوه العلاقة بالذات، تتشوه العلاقة بالخالق، ونفقد الاستمتاع بها.

عندما وقفت أمام الله فى صلاة التراويح وأنا أتأمل فيما يقوله إمام الجامع من آيات واكتشفت أننى غير قادرة على التأمل أيقنت أننى فى هذه اللحظة لست على وفاق مع ذاتى ولدى صراعات لم أحلها بعد وبالفعل هذا صحيح.

أعرف أن تلك اللحظة السحرية التى تجعلنى أستشعر رضا الله على واستماعه لكل ما أحكيه والصبر على لن تأتى إلا إذا تصالحت مع نفسى، وأظننى فى طريقى إلى ذلك.

أخبرتنى مريضة منذ عام إنها تشعر بغضب الله عليها وتسأله بحزن لماذا سمح بكل ذلك فى حياتها؟ وبعد رحلة تعافٍ خاضتها واستطاعت فيها التواصل مع ذاتها والتصالح معها تمكنت من عقد علاقة جديدة مع الله تراه فيها بشكل مختلف.

نحن تربينا على رؤية الله بشكل أحادى، تربينا على الخوف من الله وممارسة الكثير من الطقوس، منذ عام تقريبا كتبت عن تعليم الصغار كيفية التواصل مع الله بشكل مختلف لا يقوم على أساس الترهيب بل على أساس العلاقة الوجدانية والحديث معه.

الآن أنا أطالبنا قبل تعليم أبنائنا ذلك أن نتقنه، أن نتواصل مع ذواتنا فى البدء قبل التواصل مع الله، لأنك لن تتمكن من فعل ذلك قبل هذه الخطوة.

استكشاف النفس خطوة لن تنتهى، لكنها مستمرة، فى كل مرحلة من حياتى أصل لاستنتاج خاطئ بأننى انتهيت من استكشاف نفسى وأننى وصلت لمرحلة مرضية فى العلاقة مع الله، فأجد نفسى وقد استسلمت لمنحدر لا أقوم منه إلا بإعادة استكشاف النفس والدخول فى علاقة جديدة مع الله.

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات