الأسلحة الموجهة عن بعد وقوانين الحرب - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأسلحة الموجهة عن بعد وقوانين الحرب

نشر فى : الإثنين 15 نوفمبر 2010 - 10:31 ص | آخر تحديث : الإثنين 15 نوفمبر 2010 - 10:31 ص
تشهد طبيعة الحرب الآن تغيرا، وهذا بعد ظهور ترسانة جديدة من الطائرات بدون طيار والأسلحة الموجهة عبر الأقمار الصناعية. وتمتلك أمريكا وحلفاؤها هذه الأسلحة عالية التقنية، غير أن بلدانا أصغر تريد امتلاكها أيضا. وفيما يلى لمحة من الداخل عن كيفية سير عملية النقل التكنولوجى:

قبل عام، كانت السعودية تخوض حربا عنيفة ضد المتمردين الحوثيين عبر حدودها مع اليمن. وفى الخامس من نوفمبر 2009، بدأ السعوديون قصف أهداف الحوثيين؛ غير أن الغارات الجوية لم تكن دقيقة، وترددت أنباء عن خسائر مدنية.

وناشد السعوديون أمريكا إمدادهم بصور من أقمار التجسس الصناعية الأمريكية، ليتمكنوا من تحديد الأهداف بدقة أكبر. ويقال إن الجنرال ديفيد بتريوس الذى كان قائد القيادة المركزية الأمريكية فى ذلك الوقت ساند الطلب السعودى، لكن وزارة الخارجية الأمريكية وآخرين عارضوه. وحذروا من أن التدخل فى هذا النزاع الحدودى قد يكون انتهاكا لقوانين الحرب، حتى وإن كان ذلك بمجرد تقديم معلومات عن المواقع المستهدفة.

وهكذا اتجه السعوديون إلى فرنسا لامتلاكها هى الأخرى أقمار استطلاع خاصة بها. ووافق الفرنسيون على تقديم المساعدة لقلقهم من كثرة الخسائر المدنية اليمنية التى نجمت عن القصف السعودى غير الدقيق. وفى غضون أيام، تم وضع الترتيبات الضرورية.

وعندما زار الرئيس نيكولا ساركوزى الرياض يوم 17 نوفمبر، كان مستعدا لفتح قناة اتصال استخباراتية جديدة مع السعوديين. ويذكر مسئول سعودى أن صورا تفصيلية لساحة المعركة اليمنية وصلت إلكترونيا إلى السعوديين منذ الليلة الأولى لزيارة ساركوزى.

وبفضل هذه المعلومات الاستخباراتية للأقمار الصناعية، استطاع السعوديون مراقبة مخابئ الحوثيين، ومخازن المعدات، ومواقع التدريب. ثم هاجمت الطائرات الحربية السعودية بفاعلية مدمرة. وخلال بضعة أسابيع، كان الحوثيون يطلبون هدنة، وبحلول فبراير 2010 كان هذا الفصل من حرب الحدود قد انتهى.

وكان ذلك بمثابة نجاح عسكرى كبير بالنسبة للسعوديين. ويقول مسئول سعودى «كان الفرنسيون مفيدين للغاية»، مضيفا أن مساعدتهم «كانت سببا رئيسيا فى قدرتنا على إجبار الحوثيين على الاستسلام».

غير أن الواقعة السعودية تثير تساؤلات أكبر بشأن نقل التقنيات التى أظهرت فاعليتها المدمرة خلال العقد الأخير فى العراق وأفغانستان، والمناطق القبلية الباكستانية. وهذه الأسلحة جذابة بشكل مغر؛ فهى توفر إمكانية تدمير العدو من مسافة آمنة تصل إلى ارتفاع 10 آلاف أو 20 ألف قدم فى الجو.

وهكذا أخذ الغطاء ينكشف عن صندوق باندورا، فالسعوديون الآن يريدون امتلاك قمر صناعى خاص بهم، وسرعان ما سيطلبون عروضا من الشركات الغربية للحصول على مثل هذا النظام. وتريد الرياض أيضا الحصول على طائرات بدون طيار يمكنها رؤية ومهاجمة أهداف معادية فى مناطق نائية. وتدرس الولايات المتحدة الآن مسألة إدراج طائرات تعمل بلا طيار ضمن صفقة بيع أسلحة للمملكة. فمن شأن مثل هذه الأسلحة تعزيز قدرة السعودية على ردع إيران، لكنها بإمكانها أيضا أن تضع إسرائيل تحت التهديد.

ولنتأمل حالة تركيا، فقد ظلت أنقرة لسنوات تسعى للحصول على تكنولوجيا أمريكية من أجل مقاتلة جماعات كردية متمردة، خاصة ما يسمى «حزب العمال الكردستانى» الذى يختبئ فى شمال العراق. والآن قد وصلت هذه المساعدة عالية التقنية.
فقد أنشأت الولايات المتحدة شيئا فشيئا «مركز قيادة مركزية» مع تركيا لطائرات الاستطلاع بلا طيار التى تطير فوق شمال العراق. وينظر الضباط الأتراك إلى الصور، ثم تكون لهم الحرية فى استهداف الأنشطة المشتبه بها عندما يرونها. الولايات المتحدة لا تضغط الزناد، وإنما تعرض الصور فحسب.

وتوضح المعركة ضد القاعدة فى اليمن المسائل القانونية التى تتفاقم مع استخدام التكنولوجيا. فقبل عام، أحجمت القوات الخاصة الأمريكية عن استخدام تكنولوجيا متقدمة لتحديد مكان أنور العولقى فى اليمن، لأنه لم يكن قد أُدرج بعد على قوائم الإرهابيين «المطلوب القبض عليهم أو قتلهم» الذين يهددون الولايات المتحدة. وقد أصبح مدرجا الآن على هذه القوائم، لذلك قررت إدارة أوباما الاستعانة بالطيارات بلا طيار فى عملية ملاحقته فوق اليمن، بموافقة تامة من الحكومة اليمنية.

وهذه الأسلحة من الجودة بحيث يمكن إدمان استخدامها. فهى تجعل من عمليات الحرب الأكثر دقة أمرا ممكنا، وهو ما كان يمكن أن يطلق عليه فى وقت سابق «عمليات الاغتيال». وتريد بلدان أخرى حماية أنفسها من المتمردين الإرهابيين، شأنها شأن الولايات المتحدة. وهو ما يعنى أن الطلب على مثل هذه الأسلحة سوف يزداد.

وربما يبدو مفهوم «قوانين الحرب» مفهوما باليا فى عصر الأسلحة الموجهة عن بعد. ولكن، فى الحقيقة، لم نكن قط بمثل هذه الحاجة إلى نظام قانونى دولى واضح، فمن بين حقائق الحياة الحديثة أن الناس فى مناطق النزاعات يعيشون دائما فى مرمى أسلحة فتاكة. ونحن بحاجة إلى قواعد تحكم كلا مِن المستهدَفين والمستهدِفين على حد سواء.

التعليقات