أوباما يواصل ترديد رسالة القاهرة - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أوباما يواصل ترديد رسالة القاهرة

نشر فى : السبت 16 يناير 2010 - 10:22 ص | آخر تحديث : السبت 16 يناير 2010 - 10:37 ص

 أصبحت رئاسة باراك أوباما متورطة لا محالة فى «شبكة عنكبوت الإرهاب». فقد قال أوباما الأسبوع الماضى: «نحن فى حرب ضد القاعدة. وسوف نقوم بكل ما هو مطلوب لهزيمتها».

ولا يوجد أمام أوباما خيار سوى خوض هذه الحرب بضراوة ــ فى أفغانستان وباكستان واليمن والجبهات الأخرى التى ستظهر فى المستقبل. لكنه كى يكون فعالا فى الحرب، يجب عليه أن يخلص لطموحه بأن يكون رجل سلام وأداة للتغيير. فقد كان ذلك هو الدافع وراء انتخابه، كما أنه بعث الآمال فى العالم بأن أوباما يعبر عن شىء جديد.

وكى أذكر نفسى برسالة أوباما الجوهرية، قمت بإعادة قراءة الخطاب الذى ألقاه فى جامعة القاهرة فى يونيو الماضى، حيث قال: «لقد أتيت إلى القاهرة للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم، استنادا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل». وقد غلفت هذه العبارة رؤية استراتيجية صحيحة وواضحة.

أثارت رسالة القاهرة حماس الشعوب فى الشرق الأوسط، لأنها تعاملت مع العالم الإسلامى وآماله باحترام ــ وكذلك، دعونا نكون صرحاء، لأن الرسالة صدرت عن رجل أمريكى من أصل أفريقى اسم والده «حسين». فقد شعر الناس أنه نظرا لأن أوباما هو ذلك الشخص، فإنه قد قدم فرصة استثنائية للهروب من «صراع الحضارات» الذى يحوم حولنا. وبينما تريد القاعدة من العالم أن يفكر بالتحديد وفقا لتلك الصيغة التى تقوم على حتمية قيام الصراع، فقد عرض أوباما شيئا مختلفا. وتحديدا، تعهد أوباما فى القاهرة بالعمل بشجاعة من أجل تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك بقوله: «إن الوضع بالنسبة للفلسطينيين لا يحتمل». بل أنه أعطى إيماءة لحماس، عندما ذكر حقيقة واضحة ولكنها عادة ما لا تقال، وهى أن «حماس تحظى بدعم وتأييد من جانب بعض الفلسطينيين».

لقد تشكك الكثيرون فى خطاب القاهرة. إذ توقع العرب أنه إذا رفضت إسرائيل المطالب الأمريكية، فسوف ينفض أوباما يديه من الأمر. وحذر الصقور فى أمريكا وإسرائيل من أن أوباما كان ساذجا، حيث إن أعداء أمريكا من المسلمين لن يقتنعوا بالكلام المعسول عن السلام، بل إنهم فى الواقع لا يفهمون سوى منطق القوة.

والآن، يعتقد المتشككون على كلا الجانبين أنه قد ثبت أنهم كانوا على حق، بالنظر إلى حالة الشلل التى أصابت جهود أوباما لتحقيق السلام، والأكثر من ذلك أنه يقوم الآن بتصعيد حربه فى أفغانستان واليمن. ويبدو لهؤلاء أن خطاب القاهرة مجرد تذكير بعصر ذهبى قصير: كلمات لطيفة، لكن دون أن تخرج إلى حيز الفعل.

غير أنه فى حقيقة الأمر، أصبحت الاستراتيجية التى طرحها أوباما فى القاهرة مهمة الآن أكثر من أى وقت مضى. ويتحدث المنتقدون كما لو أنه يجب النظر إلى صنع السلام ومكافحة التطرف الإسلامى على أنهما أمران متناقضان. لكن أوباما قد فهم قبل عام أن الأمرين مرتبطان. ذلك أن أفضل طريقة لتقويض عمل القاعدة هى تحقيق التقدم على الأصعدة التى تهم العالم الإسلامى. ولن تستطيع البنادق وحدها القيام بهذه المهمة. ولو كان الأمر على العكس من ذلك، لكان الإسرائيليون شقوا طريقهم للسلام منذ زمن بعيد.

وسوف تكون اليمن اختبارا لقدرة أوباما على محاربة الإرهاب بطريقة أكثر ذكاء من طريقة سلفه جورج بوش الابن. فقد أدركت الإدارة الأمريكية فى الحال أن اليمن تمثل مأوى للقاعدة بشكل متزايد. ومنذ يناير الماضى، ناقش مجلس الأمن القومى الأمريكى ما يحدث فى اليمن من خلال 15 اجتماعا عقدته لجنة المندوبين التابعة له. وزاد أوباما باضطراد الدعم العسكرى والاستخباراتى السرى لليمن. وهناك اعتقاد بأن القنابل والطائرات المقاتلة الأمريكية قد استخدمت، على سبيل المثال، فى مهاجمة معسكرات التدريب التابعة للقاعدة فى 17 ديسمبر.

لكن المشاعر القوية المعادية لأمريكا فى اليمن تعوق الجهود الأمريكية لمجابهة القاعدة. وتتكرر المشكلة نفسها فى باكستان. وليس بمقدور أى شخص أن يقضى على هذا الغضب بمجرد احتساء الشاى مع الناس أو إغداق أموال المخصصة للتنمية. بل يجب أن تهتم الولايات المتحدة بالقضايا التى تهم الناس بشكل عاطفى، كالمشكلة الفلسطينية.

وتكافح الإدارة الأمريكية من أجل إحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية التى ولدت ميتة. ويقال إن مبعوث الرئيس الأمريكى إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشيل، يقوم بصياغة شروط مرجعية للتفاوض، وخطابات ضمان للجانبين، توضح بجلاء الموقف الأمريكى من القضايا الرئيسية. واقترحت وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون الخطوط العريضة لتلك العملية الأسبوع الحالى، حينما دعت إلى «دولة مستقلة وقابلة للحياة على حدود 1967، مع مبادلات للأراضى يجرى الاتفاق عليها».

ويحتاج أوباما اليوم، حتى وهو يحارب القاعدة وحلفاءها، إلى أن يكون «أوباما الحلم والنموذج». ولابد له من مواصلة ترديد رسالة القاهرة للتواصل مع العالم الإسلامى ليس باعتبارها بديلا عن محاربة التطرف، ولكن باعتبارها عنصرا ضروريا فى هذه الحرب. فنحن نحارب عدوا يريد أن يجذبنا على نحو أعمق إلى هذه المعركة، حتى تكون أمريكا أكثر عزلة وافتقارا إلى الشعبية. ويمكن أن نتجنب مصيدة العنكبوت هذه بحل المشكلات التى تهم شعوب العالم الإسلامى.

Washington Post Writers Group

التعليقات