مبارزة بين رئيسى الجواسيس - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مبارزة بين رئيسى الجواسيس

نشر فى : الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 7:01 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 7:01 م

 هناك حروب جواسيس، وهناك حروب على مناطق النفوذ. لكن حذار من الخلط بين الحربين، كما هو الحال فى المعركة الدائرة حول من سيتم تعيينه مديرا لوكالة الاستخبارات الأمريكية فى الخارج هل هو دنيس بلير، مدير الاستخبارات القومية، أم ليون بانيتا، مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية؟

ففى 19 مايو، أصدر بلير، وهو أدميرال متقاعد يفضل الإدارة بأسلوب التسلسل القيادى المنضبط، مذكرة يدعى فيها أحقيته فى تعيين ممثلين له فى الخارج من غير ضباط الوكالة. واعتقادا من بانيتا أن هذه المسألة المثيرة للنزاع لاتزال قيد المراجعة فى البيت الأبيض، فقد أرسل برقية فى اليوم التالى تشدد على مديرى المحطات بتجاهل قرار بلير حتى يحسم مجلس الأمن القومى المسألة. وواصل بلير قذائفه معتبرا تصرفات بانيتا، حسبما قاله أحد المسئولين، «عملا من أعمال العصيان».

فإذا كنت مكان الرئيس أوباما، ورأيت رئيسىّ جواسيسك يتعاركان بالمذكرات، فمن المؤكد أن رد فعلك سيكون: «اصمتوا وأمهلونى بعض الوقت». وقد بلغنى أن البيت الأبيض منزعج من بلير وبانيتا على حد سواء فمن الواضح أن أيا منهما لم تحظ مذكرته على موافقة جيم جونز، مستشار الأمن القومى قبل إرسالها وأنه يبحث الآن عن طرق «لإعادة الجنى إلى القمقم» قبل أن يخرج الأمر عن نطاق السيطرة، على حد وصف أحد المسئولين.

لكن على الرغم من أن هذه المعركة البيروقراطية انحدرت بصورة مؤسفة، فإنه سيكون لها نفعها، فى نهاية المطاف، لو أجبرت البيت الأبيض على توضيح عملية إعادة التنظيم التى أدت إلى استحداث منصب مدير الاستخبارات القومية فى 2005.

فالتقسيم السليم للعمل يقضى بترك إدارة العمليات لوكالة الاستخبارات المركزية التى تبدأ باختيار الأشخاص الذين سيكونون همزة الوصل بين أمريكا ووكالات الاستخبارات الأجنبية. ويتمتع بلير بسلطة تحدى هذا الحق الحصرى على الورق، لكنه كان مخطئا عندما تحداه. فهذا عمل وكالة الاستخبارات المركزية، لا بحكم العادة فحسب، بل لأن هذا ما يقتضيه الحس السليم كذلك. وعلى بلير أن يدرك ذلك ويتراجع عن موقفه.

وفى الوقت نفسه، على وكالة الاستخبارات القبول بأن دنيس بلير هو فى واقع الأمر وبحق مستشار الرئيس للشئون الاستخباراتية. وهو يشرف بحكم منصبه كمدير الاستخبارات القومية على التدفق اليومى للتحليلات على الفرع التنفيذى. وبمرور الوقت، يعنى هذا انتقال الدور الذى كان يتولاه تقليديا محللو الوكالة إلى مدير الاستخبارات القومية حتى يصبح لدينا نخبة من المحللين الملمين كأولئك الذين تضمهم اللجنة البريطانية المشتركة للاستخبارات. ولذلك على ليون بانيتا أن يقبل بهذا التقليص لمنطقة نفوذ الوكالة.

الواقع أن المشكلة تكمن فى عملية إعادة تنظيم جهاز الاستخبارات والتى أوجدت منصب مدير الاستخبارات القومية نظريا لتفادى إخفاقات الاستخبارات من ذلك النوع الذى أدى إلى هجمات الحادى عشر من سبتمبر. فقد كانت إعادة التنظيم فكرة سيئة منذ البداية، وأوجدت طبقات من البيروقراطية لا داعى لها. فرئاسة الاستخبارات القومية تضم الآن حوالى 1500 شخص، يكررون فى جانب من عملهم المهام التى اعتادت وكالة الاستخبارات القيام بها. لكن الأسوأ هو أن إعادة التنظيم زادت من التوترات البيروقراطية التى كان مفترضا أن تتجنبها.

ولكى تفهم عزيزى القارئ هذه الحالة من الالتباس، عليك بالرجوع إلى الوراء. فقد بدا الخلاف حول من يحق له تعيين رؤساء المحطات فى عهد إدارة بوش، وكان بلير على رأس القائمة فى البريد الإلكترونى للمراسلات فى هذا الشأن. وضغط بلير، مدفوعا من طاقمه، من أجل المزيد من السلطة. وعقد اجتماع لـ«المخضرمين» لدراسة المسألة ولم تكن تلك علامة طيبة بأى حال.

بلير كان يريد مزيدا من السلطة ليدير مجتمع الاستخبارات بما فى ذلك وكالة الاستخبارات الأمريكية. وهذا هو عمله، على الورق. لكن حتى الآن، ينفق هو وفريقه كثيرا من الوقت فى تقديم صورة عن أنشطة الوكالة. ويقال إن بلير يسعى، على سبيل المثال، إلى إشراف أكبر على المهمات والعمليات السرية للوكالة.

وقد حاول بانيتا ــ المعين لاسترداد المكانة الأخلاقية والسياسية لوكالة أوهنتها الضربات ــ صد بلير. وقال (وهو محق فى رأيى) إن الوكالة المركزية للاستخبارات يجب أن تتولى المسئولية عن العمليات ويدخل فى هذا بالضرورة الإشراف على المهمات السرية للاستخبارات. وبدأت وكالات الاستخبارات الأجنبية تبدى حيرتها بالفعل حول أى الجهتين تتعامل معها، وكالة الاستخبارات المركزية أم رئاسة الاستخبارات القومية. وسوف يزيد ضغط بلير من أجل الإشراف على رؤساء المحطات هذه الفوضى سوءا، كما تقول الوكالة (وهى محقة مرة كذلك).

الموضوع برمته الآن بيد مجلس الأمن القومى. وقد قيل لى إن إدارة الاستخبارات القومية تلقت وعدا بعدم تقويض سلطتها، لكن هناك أيضا تعاطفا فى البيت الأبيض مع جهود بانيتا لرفع معنويات وكالة الاستخبارات الأمريكى.

وعلى البيت الأبيض ألا يفعل فى هذا الصدد أكثر من «إعادة الجنى إلى القمقم». والحقيقة هى أن هذا القمقم تحطم فى اليوم الذى صُنِع فيه. ولكى يصبح أداء وكالاتنا الاستخباراتية فعالا، لابد من تحديد أوضح للمهام. وعلى الوكالة أن تدير العمليات؛ وعلى إدارة الاستخبارات القومية عمل التحليلات والتنسيق بين جهات الاستخبارات. فلا يمكن للبلاد تحمل عبء استمرار هذه الحرب على مناطق النفوذ.

Washington Post writers group

التعليقات