الغيرة من الطفل الجديد - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الغيرة من الطفل الجديد

نشر فى : الأربعاء 16 ديسمبر 2009 - 11:01 ص | آخر تحديث : الأربعاء 16 ديسمبر 2009 - 11:01 ص

مازلت أتذكر تلك الساعات التى قدمت فيها إلى الدنيا أختى الصغرى، رغم أن عمرى وقتها لم يتجاوز الخمس سنوات، فإننى أتذكر مشاعرى بشدة، أعود من المدرسة فلا أجد أمى وقد أوصت بأن يتركونى عند الجيران، وفى المساء قرر الجيران أن يخرجوا فتركونى عند جارة أخرى لم أكن أرتاح معها، حتى جاء أبى فى المساء، ونمنا بدون أمى لأول مرة. وفى الصباح ذهبنا لإحضار أمى والمولود الجديد من المستشفى، وحاول أبى تمشيط شعرى إلا أنه لم يكن يجيد ذلك نهائيا، مما جعلنى أبدو فى صورة مضحكة كما اعتقدت يومها. شعرت بضيق وعدم ارتياح لهذا القادم الجديد الذى قلب حياتى منذ لحظاته الأولى.

الغيرة من الطفل الجديدة واحدة من الموضوعات التى تؤرق الأطفال بشدة وتشغل الباحثين أيضا وتجعلهم يضعون الكثير من المؤلفات التى تتحدث عن ذلك الموضوعات، مؤكدين على خطورته على الطفل الأكبر، ربما يظل لسنوات طوال شاعرا بأنه غير مهم فى أسرته، وأن ذلك القادم أهم منه بكثير، سيضيع الطفل مجهوده وذهنه فى مواجهة ذلك الشبح الثقيل.

من الأفضل أن تعدى الطفل نفسيا قبل الولادة، وتتحدثى معه عن مدى حبك له وكيف تريدين إسعاده بوجود طفل آخر يشاركه اللعب مثل أصدقائه الذين لديهم إخوة، أيضا حاولى أن تؤكدى له أهميته ودوره معك فى الفترة الحالية والمقبلة، وكيف أنك تريدين معاونته من أجل شراء أشياء للطفل، حاولى أن تشترى له هو أيضا أشياء، أكدى على أهميته فى حياتك واثنى على دوره أمام الآخرين.

بالطبع كلما كان الطفل أكبر كان ذلك أفضل كثيرا، فالمعاناة تصبح شديدة عندما يكون الأكبر عمره سنتان مثلا أو ثلاث، وقتها تكونين بصدد طفلين، لكن حتى فى هذه الأوقات حاولى أن تفعلى ذلك مبسطة لغتك معه، اجعليه يحكى حدوتة للطفل وهو مازال جنينا فى بطنك، وتحدثى معه عن سعادة الجنين واجعليه يتخيل وضعه، وعندما يبدأ فى التحرك اجعليه يلمس بطنك، وتحدثى عن أن هذه استجابة لأنه يشعر بنا حوله ويقدر ما تفعله لأجله.

من أكثر اللحظات أهمية هى لحظة ميلاد الطفل الجديد، أخبريه عن خطتكم فى المبيت داخل المستشفى، وفكرى معه فى مكان سيسعد بالتواجد فيه خلال ذلك اليوم، خططى معه كيف سيستمتع بذلك اليوم، مثلا من الممكن أن يذهب بصحبة أصدقائكم أو أحد من الأهل إلى الملاهى أو مكان آخر يحبه. خططى جيدا ليومه وأكدى له أن يأتى إليك فى الصباح، حددى موعدا لرؤيته والتزموا به، لأن الطفل يشعر وقتها بعدم الأمان فى عدم وجود أمه وأبيه وعدم معرفة الوقت الذى سينتهيان فيه من مهمتهما، ويشعر بأن هناك آخر يستمتع بهما الآن، وهو وحيد بدونهما.

بالطبع سيصبح هناك غيرة مهما فعلت لكننا نحاول أن نخفف من أثرها، سيحاول الطفل الأكبر تقليد الصغير فى كل شىء، أتذكر أننى كنت أزور صديقة فى المستشفى بعد الولادة، وابنتها الكبرى تبلغ من العمر ثلاث سنوات، وأصرت أن تنام فى سرير الرضيعة، وبمنتهى البساطة جعلناها تنام مؤكدين لها أن سريرها أكبر لأنها طفلة كبيرة، بينما أختها أصغر وتحتاج لسرير صغير، لو كنا رفضنا أن تنام فى السرير لشعرت بأن به مميزات تجعل الطفلة الجديدة تستمتع به.

حاولى أن تجعلى الطفل يساعدك فى كل شىء فى هذه المرحلة أيضا، وهنا المرحلة العمرية غير مهمة، لأنك ستعطيه مهام تناسب عمره، مثلا أن يلاعب الطفل أو يساعدك فى تغيير الملابس أو اختيارها أو تبديل الحفاضات والذهاب بها إلى سلة المهملات، مؤكدا كل مرة على أهميته فى مساعدتك ومؤكدا ذلك أمام الآخرين الذين يأتون إليك للمباركة من أجل الطفل الجديد، فإذا أثنوا على الطفل وملابسه، فقل إنها من اختيار الطفل الأكبر وتحدث عن المساعدات التى يبذلها معك.
هناك مؤشرات تجعلك تشعرى بأنك أهملتيه، مثل أن يبدأ فى التبول على نفسه أو يصرخ كثيرا، مثل هذه العلامات تؤكد أنه قلق جدا ويشعر بالتهديد. يجب أن تتحدثا إليه بصراحة وتحتضانه وتؤكدان على مشاعركما تجاهه، كثفا التلامس الجسدى معه فى هذه الفترة، ويجب أن يكرس أحدكما وغالبا الأب وقتا أكبر له، وربما يفيد أن تخرجا معه وحده بدون الطفل الصغير حتى ولو لساعة واحدة، حتى يشعر بأنه ما زال مهتما به ولن يفقد أعز ما يملكه الصغار.. كل ذلك يؤثر فى بناء الثقة الأساسية لطفلك فى نفسه وفى العالم من حوله. 
 

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات