نظرة قاتمة على مستقبل أمريكا - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نظرة قاتمة على مستقبل أمريكا

نشر فى : السبت 17 ديسمبر 2011 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 17 ديسمبر 2011 - 8:00 ص

هل تتراجع قوة أمريكا مقارنة ببقية العالم؟ يُعتبر هذا السؤال القضية المركزية فى دراسة  مثيرة للجدل ينتوى إصدارها مجتمع الاستخبارات الأمريكى وتستهدف استكشاف كيف سيكون حال العالم فى عام 2030.

 

يمكن استخلاص الإجابة التالية استنادا إلى التعليقات الواردة من جانب لجنة خبراء قامت بمناقشة الموضوع: تواجه الولايات المتحدة مشكلة خطيرة، فى ظل تباطؤ الاقتصاد الأمريكى مقارنة باقتصاد الدول الآسيوية المنافسة، وهو ما يجعل من الصعب على هذا البلد تأكيد دوره القيادى التقليدى خلال العقود المقبلة. وسوف سينجم عن ذلك عالم أقل استقرارا.

 

ويتناقض هذا التشاؤم من جانب محللى الاستخبارات بحدة مع التكهنات المتفائلة التى لا تتوقف من جانب السياسيين الأمريكيين خاصة مرشحى الرئاسة الذين يتوقعون أن تظل أمريكا شمسا دائمة وقيادة بلا منازع. ولا شك أن هذه ليست وجهة نظر تلك الجماعة الاستخباراتية غير المتحزبة.

 

***

 

ويقوم مجلس الاستخبارات الوطنى، التابع لمدير الاستخبارات الوطنية، بإعداد تلك الدراسة التى سيكون من غير المحظور نشرها وعنوانها Global Trends 2030 (اتجاهات عالمية 2030). وتُعد تلك الدراسة الخامسة التى يجريها مجلس الاستخبارات (نُشرت الدراسة الأولى عام 1996، واهتمت باستشراف ما سيكون عليه الحال فى 2010)، لكنها الأولى التى تطرح قضية مسألة استمرار القوة الأمريكية بصورة جذرية. وقرر الخبراء عند إعدادهم لكتابة الوثيقة التركيز على الدور الأمريكى فى تشكيل مستقبل العالم. ويشير ماثيو بوروس، المستشار لدى مجلس الاستخبارات الوطنى والكاتب الرئيسى للتقرير: «يجب أن نكون أمناء من الناحية الفكرية، بحيث ندرك أن هناك تغييرات فى الدور الأمريكى ودور القوى الصاعدة»، وهو ما سوف يؤثر على الأحداث.

 

وأجرى بوروس والمساهمون الآخرون فى كتابة التقرير اجتماعا فى واشنطن هذا الشهر بغرض الاستماع إلى تعليقات محللين من الخارج. وكانت هذه مناقشة كاشفة. وفى هذا الاجتماع، جرى انتقاد دراسة تقدم رؤية متشائمة نوعا ما تجاه الاقتصاد الأمريكى، أعدها يورى دادوش، المحلل فى مؤسسة كارنيجى للسلام الدولى، لأنها لا تتسم بالتفاؤل الكافى.

 

ويقوم السيناريو الأساسى للدراسة على أن أمريكا سوف تتفادى المشكلات الاقتصادية الكبرى وتحقق استقرارا فيما يخص مشكلات العجز والدين. وسوف ينمو الاقتصاد الأمريكى بمعدل سنوى متوسط قدره 2,7 % فيما بين عامى 2010 و2030. وسوف يتراجع نصيب الولايات المتحدة من إجمالى الناتج المحلى لمجموعة العشرين من نحو الثلث إلى الربع تقريبا.

 

وعرض دادوش صورة أخرى أكثر قتامة، حيث توقع أن يؤدى تفكك منطقة اليورو إلى أزمة مالية ضخمة تمتد إلى الولايات المتحدة. ويشير إلى أن الولايات المتحدة قد بدأت فى تحقيق النمو ــ وإن ظل ضعيفا للغاية ــ بعد بضعة أعوام من الركود العميق. وتتوقع هذه الدراسة نمو الاقتصاد الأمريكى بمعدل 1,5% سنويا حتى عام 2030. وكتب دادوش قائلا: «حيث إن أمريكا بلدٌ فى حالة انزلاق، فإنها تعجز عن القيادة ولا تريدها».

 

ولوحظ وجود إجماع يدعو للقلق بين المحللين مفاده أن شيئا أقرب إلى السيناريو المتشائم يجب أن يكون أساس التحليل. ويلخص فريد كيمبى، رئيس المجلس الأطلنطى، وهو مركز البحث الذى استضاف المقابلة، رؤى هؤلاء المحللين وكذلك وجهات النظر الواردة فى تجربة مشابهة قام بها المنتدى الاقتصادى العالمى، محذرا من أن التهديد الأكبر للأمن القومى الأمريكى يتمثل فى «خطر تراجع النفوذ الأمريكى على الصعيد العالمى».

 

وفى رأيى حيث طُلب منى تقديم نقد للعروض باعتبارى صحفيا مستقلا أن الأمر الأساسى هو كيفية تكيف الولايات المتحدة مع المحنة. وينتج عن هذا الطرح صورة أكثر تفاؤلا بعض الشىء ترتكز على أن الولايات المتحدة، مقارنة بمنافسيها، ما زالت تتمتع بنظام للتمويل أقدر على التكيف مع المتغيرات، وشركات عالمية أقوى، وثقافة بوسعها التقاط المواهب المتنوعة لدى السكان، وقوة عسكرية لا تضاهيها قوة أخرى. ويكمن مصدر الضعف المزمن لدى هذه الدولة فى نظامها السياسى الذى يقترب من حالة العجز عن أداء وظيفته. وإذا استطاعت الولايات المتحدة اختيار قيادة سياسية أفضل، فسوف تكون قادرة على التعامل مع مشكلاتها على نحو أفضل من معظم منافسيها.

 

فما هى إذن التوجهات الأخرى لتوقعات مجلس الاستخبارات الوطنى لعام 2030؟ يوضح بوروس أن الدراسة سوف تبحث فى التأثير المحتمل لنحو 15 «تطورا تكنولوجيا تخريبيا». وسوف تبحث فى سمة الحكم، والفجوة بين سرعة الاقتصاد والتغير السياسى، وقدرة الحكم المحلى والقومى والعالمى على التجاوب مع هذه  المشكلة. كما سوف تتوقع الصراعات الأكثر احتمالا، وتقدر الطرق التى سوف تستطيع بها تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الحيوية والأسلحة الأخرى تمكين الأفراد والجماعات الأصغر.

 

وإليك الهامش الأكثر إثارة للاهتمام فى هذه التجربة المحزنة. إذ يقول بوروس إنه بينما كان يناقش مشروعه لعام 2030 مع محللين من مناطق العالم المختلفة، وجدهم أقل تشاؤما فيما يخص الآفاق الأمريكية. ويشير إلى أن «الصينيين كانوا أول من قالوا إن الأمريكيين متشائمون أكثر من اللازم فيما يخص مستقبلهم». وتبنى الرأى نفسه المحللان البرازيلى والتركى. ولاحظ بوروس أن هذا التقرير غير المتحزب سوف يصدر فى أعقاب انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2012. لكن قضية مستقبل أمريكا ستظل بالقطع فى قلب الحملة الانتخابية المقبلة.        

التعليقات