النساء العربيات فى مهام الدفاع والأمن - من الفضاء الإلكتروني «مدونات» - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 5:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النساء العربيات فى مهام الدفاع والأمن

نشر فى : الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 11:25 م | آخر تحديث : الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 11:25 م

نشرت مدونة «ديوان الصادرة عن مركز كارنيجى لدراسات الشرق الأوسط مقالا للكاتبة «دالية غانم» عن تجنيد القوات المسلحة فى الدول العربية مزيدا من النساء.
استهلت الكاتبة حديثها بأنه فى الشهر الماضى، صرح وزير الدفاع التونسى فرحات الحرشانى بأنه على تونس النظر فى إمكانية فرض إلزامية الخدمة العسكرية على النساء. وأوضح أن «الدستور التونسى... ينص على أن الخدمة الوطنية واجبٌ على كل مواطن... ينطبق هذا الواجب على جميع المواطنين، إناثا وذكورا، لذلك حان الوقت للتعمق فى هذه المسألة، ودراستها».
ليست تونس البلد الوحيد الذى يرغب فى إشراك النساء فى القوات المسلحة. ففى أغسطس الماضى، وافق المغرب على مشروع قانون لاستئناف العمل بالخدمة العسكرية الإلزامية للرجال والنساء على السواء. وفى العام 2014، استقبلت مدرسة خولة بنت الأزور العسكرية فى الإمارات العربية المتحدة، وهى الأولى من نوعها فى الخليج، الدفعة الأولى من المجندات لأداء خدمة عسكرية طوعية لمدة تسعة أشهر.
بات تجنيد النساء فى الجيش موضع نقاش متزايد فى العالم العربى، وقد بذلت بلدانٌ عدة جهودا حثيثة للإقرار بحقوق النساء وإشراكهن فى القوات المسلحة. بيد أن اندماج المرأة فى الجيوش العربية يبقى منقوصا، فهى ليست منخرطة بالكامل فى الجيوش ولا مستبعدة تماما منها. وسيكون الطريق نحو تحقيق المساواة الكاملة طويلا ومحفوفا بالمطبات، نظرا إلى أن المرأة لاتزال تواجه ما يُسمى بالسقف الزجاجى فى أنواع الأدوار التى تؤديها.
من البلدان التى عملت على دمج المرأة وسمحت لها ببلوغ المراتب العليا، الجزائر والأردن. فقد عمد الجيش الوطنى الشعبى فى الجزائر إلى إرساء المساواة بين الرجال والنساء فى العام 2006، ووضعَ إطار عمل لتأمين المساواة فى الفرص. وقد بات حضور المرأة الجزائرية فى الجيش الوطنى الشعبى أكبر من أى وقت مضى، فعدد النساء فى الجيش هو الآن أكبر بـ30 مرة بالمقارنة مع ما كان عليه فى العام 1978. لقد التحقت النساء بمدرسة أشبال الأمة، والمدرسة العليا للدرك الوطنى، والمدرسة الوطنية للصحة العسكرية، والأكاديمية البحرية. ومنذ العام 2006، رُقِيَت خمس نساء إلى رتبة جنرال.
القوات المسلحة الأردنية طورت بدورها استراتيجية خاصة بالنساء بين العامَين 2006 و2016، بهدف بناء القدرات عن طريق تجنيد مزيد من النساء وتدريبهن، ما يساهم فى توليد مشاركة أوسع وتعزيز الفرص الوظيفية. نتيجة لذلك، تستطيع النساء الالتحاق بالجيش بصفة موظفات مدنيات أو جنديات، سواء برتبة جندى عادى أو ضابط أو ضابط صف. ويتساوينَ مع الرجال فى الراتب والترقية ومدة الخدمة العسكرية.
بفضل هذه الجهود، تخطى عدد الطلبات التى تقدمت بها النساء للانضمام إلى الجيش، احتياجات القوات المسلحة الأردنية، وفق ما ورد فى تقرير وطنى، إذ يزيد عدد النساء فى الخدمة العسكرية عن 4800 امرأة ــ بينهن 1200 امرأة ضابط، و2400 جندية، و1260 موظفة مدنية. وهذا العدد يشكل ما نسبته 3 فى المائة من مجموع القوات العسكرية فى البلاد. للمرأة الأردنية حضور أيضا فى سلاح الجو، والشرطة العسكرية، ووحدة الحماية التابعة للحرس الملكى، والاستخبارات العسكرية. وقد نالت العديد من النساء رتبة عميد فى القيادة العامة للقوات المسلحة، ورتبة لواء فى الخدمات الطبية الملكية.
كذلك بذل الجيشان اللبنانى والتونسى جهودا لتشريع أبوابهما أمام النساء. سجلت أعداد النساء فى القوات المسلحة اللبنانية زيادة مطردة على مر السنين لتبلغ 3000 امرأة فى مختلف الفروع العسكرية فى العام 2018. خلال العام الحالى، تخرجت 1640 امرأة من التدريب الأساسى المخصص للنساء المتطوعات، وانضمت 150 منهن إلى لواء الحرس الجمهورى. ووضع الجيش سياسة جندرية لضم مزيد من النساء إلى صفوفه وإرسالهن فى نهاية المطاف إلى الخطوط الأمامية أسوة بزملائهن الرجال. وفى تونس أيضا، ليست المرأة موجودة وحسب فى الجيش، بل بلغت أيضا مراتب عليا فى سلاح البحرية وفى سلاح الجو حيث تتولى 40 امرأة قيادة طائرات مقاتلة.
صحيحٌ أن النساء العربيات انتقلن من هامش الحياة العسكرية إلى صلبها، وأن أعدادهن سجلت زيادة تدريجية، إلا أن اندماجهن فى الجيوش العربية يبقى محدودا. من الأمثلة على ذلك تونس، هذا البلد الذى يُعتبَر فى طليعة البلدان العربية فى تعامله الإيجابى مع حقوق المرأة، غير أن النساء يشكلن أقل من 7 فى المائة من الجيش التونسى. وإلى جانب التدنى النسبى فى الأعداد، تجد المرأة صعوبة فى بلوغ المراتب العليا فى القوات المسلحة، كما أن عدد النساء فى مواقع صناعة القرار ضئيل جدا. فقد حُصِرَت المرأة إلى حد كبير، ما خلا استثناءات معدودة، فى أدوار أكثر تقليدية ونمطية على المستوى الجندرى، مثل العمل سكرتيرة أو مترجِمة أو ممرِضة أو واضعة خرائط وما إلى هنالك.
علاوة على ذلك، أُقصيَت المرأة منهجيا من المناصب القتالية، ولا يُتاح لها قيادة العمليات العسكرية، ما جعل من الصعب ترقيتها إلى مناصب معينة تتطلب خبرة قتالية. وهكذا، لاتزال المؤسسة العسكرية معقلا ذكوريا، ولعله العائق الأكبر أمام اندماج المرأة الكامل فى القوات المسلحة العربية.
غير أن الاندماج لا يعنى فقط ضم مزيد من النساء إلى القوات المسلحة. بل يعنى، كما يقول المجلس الاقتصادى والاجتماعى التابع للأمم المتحدة، «جعل اهتمامات النساء كما الرجال وتجاربهم بُعدا أساسيا فى تصميم السياسات والبرامج وتطبيقها ورصدها وتقييمها فى مختلف الميادين السياسية ــ الاقتصادية والمجتمعية كى تُفيد النساء والرجال بالتساوى، وكى لا تستمر عدم المساواة». ثمة فجوة واضحة بين الخطاب عن المساواة وبين واقع المرأة فى المؤسسات العسكرية العربية. وبغية ردم هذه الفجوة، يجب أن تبدأ القيادات العسكرية بالنظر إلى المرأة كجندية متكاملة.

النص الاصلى  من هنا 

التعليقات