كيف أوشكت باكستان على الانفجار؟ - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف أوشكت باكستان على الانفجار؟

نشر فى : السبت 18 أبريل 2009 - 4:32 م | آخر تحديث : السبت 18 أبريل 2009 - 4:32 م

 
منذ شهر، اقتربت باكستان من الانهيار السياسى الذى كان من الممكن أن يؤدى لانقلاب عسكرى. وتكشف طريقة تطور الأزمة وكيفية نزع فتيلها فى النهاية عن قصة إخبارية كبيرة لبلد وصف الرئيس أوباما حدوده مؤخرا بأنها أخطر منطقة فى العالم.

وخلال الزيارة التى قام بها السفير ريتشارد هولبروك والأدميرال آدم مايك مولين رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأسبوع الماضى إلى إسلام أباد، ظهر تقرير تفصيلى بشأن المواجهة السياسية التى وقعت فى مارس الماضى. وعلى حد وصف المسئولين الباكستانيين والأمريكيين، تتعلق هذه القصة بما يعرف بدبلوماسية حافة الهاوية، وهى فى النهاية قصة تدور حول عملية التوصل إلى تسوية عبر وساطة إدارة أوباما.

وقد وضعت تلك الأزمة على المحك قدرة الديمقراطية الباكستانية على البقاء. فقد حاول حلفاء الرئيس آصف على زردارى شل عدوه السياسى ورئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذى رد على ذلك بالنزول إلى الشارع والالتحام بالمسيرة المطالبة بإعادة كبير القضاة افتخار شودرى إلى منصبه. وهددت تلك المسيرة بحدوث معارك شوارع عنيفة، كان من الممكن أن تجبر رئيس الأركان الجنرال أشفق كيانى على التدخل.

وأظهرت المواجهة هشاشة السياسة الباكستانية. لكنها كشفت أيضا أن اللاعبين الأساسيين الثلاثة ــ زردارى وشريف وكيانى، كانوا قادرين على نزع فتيل الأزمة، رغم أنهم ارتكبوا بعض الأخطاء فى البداية. وكان الدرس الذى تعلمه المتفرجون القلقون أنه مهما بلغ ضعف النخبة السياسية الباكستانية، فليست تلك النخبة انتحارية.


ويقول شوجا نواز، مؤلف كتاب «Crossed Swords»، الذى يعد بمثابة دراسة حول المؤسسة العسكرية الباكستانية، «أعتقد أن السياسيين الباكستانيين يكتسبون مزيدا من النضج. فهم يدركون أنه على الحكومة تلبية احتياجات الشعب وإلا فسوف يُطاح بها». وبالنسبة لإدارة أوباما، فقد كانت الأزمة الباكستانية أول اختبار للدبلوماسية الأمريكية.

إذ أرادت وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، إلى جانب هولبروك ومولين، سحب المسئولين الباكستانيين بعيدا عن حافة الانهيار. وأُدير هذا التدخل بمهارة، لكنه عمَّق التورط الأمريكى فى السياسة الباكستانية، وهى العملية التى تنذر بحدوث ردود أفعال مضادة للأمريكيين.
بدأت الأزمة فى نهاية فبراير الماضى عندما قررت المحكمة العليا المدعومة من زردارى استمرار منع نواز شريف من الترشح فى الانتخابات، وأبطلت انتخاب أخيه شهباز رئيسا لحكومة إقليم البنجاب. وقام حاكم البنجاب الموالى لزردارى بالسيطرة على تلك المحافظة المهمة ــ وهو ما اعتبره المعلقون الباكستانيون انقلابا من جانب الرئيس ضد عدوه الأهم.

وبدأت حركة المحامين مسيراتها فى 12 مارس، وتعهدت باحتلال شوارع إسلام أباد حتى تعيد الحكومة شودرى إلى منصبه. وأرسل زردارى قوات الشرطة إلى شوارع لاهور، بهدف إرهاب شريف والمتظاهرين. لكن شريف استطاع الإفلات من الشرطة، وانضم إلى المحتجين أثناء مسيرتهم شمالا نحو إسلام أباد. وفى تلك اللحظة، كان على كيانى اتخاذ قرار.

وذكرت مصادر باكستانية وأمريكية أن زردارى طالب كيانى بوقف المسيرة وحماية إسلام أباد، لكنه رفض بعد أن ناقش هذه المعضلة مع صديقه مولين.

ووفقا لأحد المصادر، اتصل كيانى بشريف فى تلك الأثناء، وطلب منه العودة إلى منزله فى لاهور. كما اتصل بقائد حركة المحامين اعتزاز إحسان، وطلب منه أن يوقف المسيرة عند مدينة جوجران والا، كما طالبه بانتظار البيان الذى ستصدره الحكومة.

وتصاعدت الضغوط على زردارى من جانب حزب الشعب الذى يترأسه. وقال مسئول أمريكى إن رئيس الوزراء يوسف رضا جيلانى أبلغ زردارى فى ليلة 15 مايو أنه سوف يستقيل إذا لم تتم إعادة شودرى إلى منصبه.

«ويقول المعسكر الموالى لزردارى إن هذا التهديد لم يكن جديا». وعلى أى حال، فقد ظهر جيلانى على شاشات التليفزيون فى الساعة الخامسة صباح اليوم التالى ليعلن أن كبير القضاة السابق سوف يعود إلى منصبه. وانتهت الأزمة.

وكانت كلينتون وهولبروك قد اتصلا هاتفيا بكل من زردارى وشريف، ومارسا عليهما ضغوطا لتقديم تنازلات. ووفقا لما قاله مسئولون أمريكيون، ألمح المسئولان الأمريكيان لشريف أنهما لا يعارضان أن يصبح رئيسا للوزراء أو رئيسا للبلاد فى يوم ما.

وكان وزير الخارجية البريطانى ديفيد ميليباند أحد الوسطاء المهمين أيضا، حيث إنه حث زردارى على إجراء حوار مع شريف. وكانت الزيارة التى قام بها هولبروك ومولين الشهر الماضى قد سهلت التوصل إلى اتفاق.

فقد قابلا اللاعبين الأساسيين وطالباهم بأن يؤلفوا معا جبهة متحدة ضد التمرد الذى تقوم طالبان فى المقاطعة الحدودية الشمالية الغربية، بدلا من استمرار العراك فيما بينهم. وامتدح حسين حقانى، سفير باكستان فى واشنطن، دبلوماسية هولبروك قائلا إنها «تبعث الأمل فى إمكانية حل المشكلات المعقدة».

ووفقا للحسابات السياسية، فقد خرج زردارى من هذه الأزمة خاسرا، بينما ربح كل من شريف وجيلانى. غير أن الفاعل الأساسى كان كيانى، حيث استطاع نزع فتيل الأزمة دون إنزال الجيش إلى الشارع.

(c) 2009، Washington Post Writers Group



التعليقات