يخبرنى أنه يستيقظ يوميا قبل موعده بدقائق فيقوم منتفضا من النوم، يضع نفسه فى الملابس بسرعة فائقة، لا يتناول فطوره ولا يحتسى شيئا، يذهب إلى الموعد فى الغالب متأخرا ساعة كاملة، بعد دقائق يشعر بالإجهاد الشديد والرغبة فى مواصلة النوم.

أظن أن الجميع يمكنه تخيل بقية تفاصيل يومه، وشكواه الدائمة من عدم وجود وقت لأى شىء.

كثيرا ما تنطلق من أفواهنا عبارة: «الوقت خلاص مافيهوش بركه» أو «ما عادش فيه وقت لحاجة».

أختبر فى حياتى اليومية حالتين متناقضتين تماما، الأولى أستيقظ فيها منتعشة لأحتسى القهوة وأرتب اليوم بتفاصيله المختلفة، أمارس أشياء عدة فى نفس اليوم، مذاكرة وقراءة وكتابة وتمارين فى النادى والذهاب إلى العمل والطبخ ومشاهدة التليفزيون، الحالة الثانية التى أخبرها فى بعض الأحيان هى الاستيقاظ متأخرة بعض الشىء لأحتسى قهوتى بسرعة ولا أرتب لأى شيئا، فأشعر بيوم ثقيل يكاد يجثم على قلبى ويصيبنى بالاكتئاب.

فى الغالب بتعلم مهارة إدارة الوقت يمكننا فعل الكثير والاستمتاع به، أصبحت الآن مهارة إدارة الوقت من المهارات المهمة التى يتم تعلمها فى علم الإدارة وفى كثير من برامج التنمية الذاتية.

أظن لو كتب أى منا كلمة «إدارة الوقت» على محرك البحث الشهير «جوجل» ستنطلق مئات النتائج التى تتحدث عن جدوى وكيفية إدارة الوقت.

جرب ليوم واحد فقط أن تستيقظ مبكرا قليلا قبل موعد عملك بثلاث ساعات أو ساعتين، تناول فطورك أو احتس مشروبا واجلس وخطط بالورقة والقلم الأشياء التى تريد إنجازها فى هذا اليوم، لا تثقل نفسك بآلاف الأشياء حتى لا تحبط، ضع أشياء واقعية يمكن تنفيذها، خذ الورقة معك راجعها بعد إنجاز البعض منها، اشطب على كل ما أنجزته، واشعر ببعض الانتصار عندما تلاحظ أنك أنجزت هذا الكم من الأشياء.

أكتب فى أجندتى اليومية كل الأشياء التى سأنجزها من غسيل للمواعين وتنظيف وطبخ وقراءة وغيرها الكثير.

كافئ نفسك على إنجازك هذا، واعرف أنه ستوجد أيام لن تستطيع أن تقوم فيها بهذا الإنجاز لأنك ربما ستزور صديق أو سيزورك أصدقاؤك، ومثل هذه الأشياء يمكن أن تعدها إنجازا فى مجال العلاقات الاجتماعية وصلة الرحم.

تخصيص وقت صباحى لنفسك من الأمور الصحية جدا والتى تساعد على توازنك النفسى. أعرف أشخاصا لا يحتملون يومهم بدون تلك الجلسة الصباحية، يسميها بعض علماء النفس آليات التوافق، وهى بعض الأساليب التى نفعلها لنتوافق مع الحياة. يحاول البعض فى هذه الجلسات أن يعيدوا شحن بطارياتهم الذاتية إن صح التعبير واستكمال الحياة.

تشكو الكثيرات من صعوبة إدارة الوقت فى ظل وجود طفل، لكننى أعرف الكثيرات اللاتى أمكنهن ذلك بالفعل فى ظل وجود أطفال، وأنجزن رسائلهم العلمية تحت هذه الظروف. الطفل كما تعوديه، علميه احترام وقتك وخصوصياتك، يمكنك الاستيقاظ مبكرا قليلا قبل استيقاظه، وضعى أهداف اليوم واستمتعى بجلسة صباحية هادئة، وعلمى طفلك هذه المهارة، أيضا احكى له عما ستفعليه فى يومك واطلبى منه مساعدتك فى إنجاز ذلك ورتبى معه هو الآخر ما يريد إنجازه فى اليوم واكتبى له فى ورقة على الحائط يراها الجميع وضعى نجوما ذهبية أمام كل ما ينجزه وافتخرى بها أمامهم. أعرف صديقة أنجزت رسالة الدكتوراه فى ظل وجود طفل عمره خمس سنوات، استطاعت تعليمه مهارة احترام خصوصية الآخر حتى لو كانت أمه ومهارة إدارة الوقت واستغلاله جيدا.

أتعجب من السيدات اللاتى يجلسن فى المنزل ويشكين من عدم وجود وقت رغم شكواهم أيضا من الفراغ الذى يعيشون فيه فى بعض الأحيان، أظن أنهن بحاجه إلى تأمل ما يدور فى اليوم والتفكير فى كيفية استغلال الوقت.

يفيد تنظيم الوقت بتلك الطريقة التى تحدثت عنها والتى تتمثل فى كتابة الأهداف بالورقة والقلم فى علاج الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الانتباه، فهى تعد من العوامل المساعدة فى تخطيهم هذه المشكلة، أتذكر أحد المرضى الذين يعانون من اضطراب الانتباه وهو الشخص الذى تحدثت عنه فى بداية المقال، ساعده كثيرا الالتزام بالجدول اليومى، وذكر لى أنه أصبح بإمكانه التركيز بشكل أكبر عندما يفكر فى هدف واحد عليه تجاوزه وإنجازه.

تبقى الأهداف الثقيلة علينا والصعبة والتى كلما فكرنا فيها شعرنا بثقل ما نحمل، يمكننا التعامل مع هذه الأهداف بتقسيمها إلى أهداف فرعية، أتذكر وأنا أفكر فى كتابة أجزاء من الماجستير كنت أشعر بصعوبة بالغة وحمل ثقيل جدا، لكنى عندما كنت أقسم الأهداف إلى أجزاء يومية وأفكر فى كل جزء فقط ولا أقفز إلى الذى يليه، فقط أنا مسئولة عن إنجاز ذلك الجزء وسأكافئ نفسى بعد إتمامه.

مهارة إدارة الوقت من المهارات الفارقة فى حياتنا والتى تضفى استمتاعا بالوقت وتقديرا له، فلنبدأ بإدارة وقتنا.