عندما يصبح السلك هو المشكلة - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عندما يصبح السلك هو المشكلة

نشر فى : الثلاثاء 19 يناير 2010 - 10:01 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 19 يناير 2010 - 10:01 ص

 بينما تنعى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الضباط الذين قتلوا فى خوست بأفغانستان الشهر الماضى، توجد رغبة مفهومة فى عدم توجيه انتقادات إلى الإجراءات التى سمحت للمفجر الانتحارى الأردنى بدخول قاعدة الوكالة.

ولكن تقليد عقد الاجتماعات مع العملاء «داخل السلك» له تاريخ مثير للجدل فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ويوفر خلفية مفيدة إلى حد ما، بما أن الوكالة تبحث إحداث تغييرات.

ظهر الجدل حول التعامل مع العملاء فى مناطق الحرب فى العراق عام 2003. وثار التساؤل حول كيفية الموازنة بين أمن الأطقم العاملة فى وكالة الاستخبارات الأمريكية وضرورات جمع المعلومات. واقترح المكتب الرئيسى أن يكون الاجتماع مع العملاء داخل المنطقة الخضراء، واعترض ضباط العمليات الميدانيون بأن هذا سوف يعرضهم وعملاءهم إلى مخاطر أكبر بالفعل ــ ويعوق تدفق المعلومات.

واستمر النزاع حول أساليب جمع المعلومات الاستخباراتية لما يزيد على العام، ولكن فى النهاية انتصرت وجهة نظر المكتب الرئيسى. وفى عام 2005، أوقف ضباط وكالة الاستخبارات الأمريكية بوجه عام الاجتماع مع العملاء فى «المناطق الحمراء» فى العراق، خارج المناطق الآمنة. وحددت إجراءات التعامل مع العملاء فى أفغانستان أيضا بحيث تكون الاجتماعات «داخل السور السلكى».

ورغم ذلك يواصل بعض عملاء وكالة الاستخبارات الأمريكية القدامى القول فيمن بينهم إن الأسلوب الجديد ينطوى على مخاطر محتملة. وتقوم هذه الرواية على تعليقاتهم.
وبدأ ضباط وكالة الاستخبارات الأمريكية الميدانيون فى تحديد أساليب جمع المعلومات الاستخباراتية الخاصة بهم فى العراق فى الشهور التى تلت الغزو فى مارس 2003.

وبرزت المخاطر بسبب إطلاق النار فى بغداد فى منتصف صيف ذلك العام عندما هاجم المتمردون ثلاثا من ضباط العمليات الذين كانوا يستقلون مركبات همفرى العسكرية. ووضع مركز بغداد أساليب جديدة للعمل تتسم بقدر أكبر من التخفى باستخدام مركبات مدنية عادية.

وتوصل ضباط وكالة الاستخبارات الأمريكية إلى أن الخطر الأكبر يكمن فى عبور نقاط التفتيش عند دخول المنطقة الخضراء فى بغداد والمواقع الأخرى الآمنة. إذ دأب المتمردون على المراقبة خارج البوبات. كما أطلق جنود مضطربون النار فى مناسبات عديدة على عربات الوكالة. وفى ربيع 2004، على سبيل المثال، فتح حراس أكراد النار على ضباط تابعين للاستخبارات الأمريكية عند نقطة تفتيش فى السليمانية وقتلوا ضابط أمن تابعا لها.

وفى ربيع عام 2004، شعر رئيس الوكالة فى قسم الشرق الأدنى بالقلق نتيجة لتلك الحوادث، وأمر بوقف معظم الاجتماعات فى المناطق الحمراء. واحتج مركز الاستخبارات الأمريكية فى بغداد قائلا: «إذا ما سحبت الناس إلى داخل السور السلكى، فلن يكون الوضع آمنا».

ونبه الضباط الميدانيون إلى أن بعض أفضل عملائهم سوف يرفضون الذهاب إلى المنطقة الخضراء لأنهم يعتقدون أن ذلك سوف يعرضهم للخطر. وقال أحد عملاء الوكالة: «إنهم لا يريدون كشف وجوههم».

وطرح المركز فى بغداد بدلا من ذلك استخدام أسطول سياراته، التى يمكن إعادة طلائها وتغيير سماتها مرارا من أجل تفادى اكتشافها. وعندما اقترح المكتب الرئيسى استخدام العربات المصفحة فقط، اعترض المركز مرة أخرى، قائلا إنه يجب التخلى عن تلك المركبات الضخمة. وبدلا من ذلك، صممت الورش الفنية فى بغداد درعا محلى الصنع لاستخدامها فى سياراتها المدنية المعرضة للضرب.

ولتعزيز الأمن خارج المنطقة الخضراء، وضع مركز بغداد أيضا فى عام 2004 أسلوبا خاصا بعملاء المراقبة العراقيين الذين قد يكونون من الأعداء. وتتقدم فرق المراقبة من العراقيين وغيرهم من العرب ضباط الوكالة أثناء ذهابهم للاجتماعات من أجل البحث عن نشاط المتمردين. وتتعقب فرق المراقبة العربية أيضا المتصلين بالوكالة، بحثا عن علامات تفيد حملهم متفجرات انتحارية.

ويشعر مركز بغداد بشدة بخطأ استحضار عملاء داخل السور السلكى، إذ اقترح قادتها فى منتصف 2004 نقل ضباط العمليات إلى منازل آمنة خارج المنطقة الخضراء. وبهذه الطريقة، لن يحمل الضباط والعملاء هم الفحوص المرهقة عند نقاط التفتيش. ولكن المكتب الرئيسى رفض ذلك.

وخلال 2004، احتدمت المواجهة بين المكتب الرئيسى ومركز بغداد حول أى الأسلوبين الداخل أم الخارج أكثر أمنا. وواصل الضباط الميدانيون العمل بأمان نسبى مع أساليب جمع المعلومات الاستخباراتية داخل منطقة الحرب التى قاموا بتطويرها، حتى مع زيادة العنف. ولكن بالطبع المخاطرة كانت واضحة.

وتغيرت قيادة مركز بغداد فى 2005، وقال الرؤساء الجدد إن عليهم اختيار الأسلوب الذى فضله المكتب الرئيسى. وقلت الاجتماعات فى المناطق الحمراء المعادية. وفى افغانستان أيضا، قلل ضباط الوكالة تحركاتهم فى المناطق التى بها تهديدات كبيرة. وبما أن قواعدهم كانت عموما فى المواقع العسكرية الأمامية، فقد كان ضباط الاستخبارات الأمريكية واضحين بشكل أكبر للعدو. وطرح هذا فكرة تجنب عقد اجتماعات خارج السلك.

ويقوم الآن مدير الاستخبارات الأمريكية ليون بانيتا بمراجعة رفيعة المستوى حول مأساة خوست، من أجل اكتشاف أى أساليب الاستخباراتية أكثر معقولية، حتى يمكن الاستمرار فيه.

وقال عملاء الوكالة القدامى إن تجربة العراق ــ شأنها شأن أساليب جمع المعلومات الاستخباراتية التى اتبعتها الوكالة فى لبنان خلال الثمانينيات ــ توضح أن العمل فى الميدان قد يكون هو الأكثر آمنا، بعيدا عن «المناطق المحمية» التى، صارت فى الواقع أهدافا للعدو.
c) 2010, Washington Post Writers Group

التعليقات