أفغانستان مسألة شرف - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أفغانستان مسألة شرف

نشر فى : الأربعاء 19 مايو 2010 - 10:47 ص | آخر تحديث : الأربعاء 19 مايو 2010 - 10:47 ص

  كيف تنتهى الحروب فى مجتمع أفغانستان القبلى؟ هذا هو أحد الأسئلة اللافتة للانتباه التى برزت خلال زيارة الرئيس حامد كرزاى لواشنطن الأسبوع الماضى.

فى مؤتمرهما الصحفى المعد إعدادا جيدا بالبيت الأبيض، قال كل من كرزاى والرئيس أوباما إنهما يفضلان التوصل إلى سبيل للتواصل مع طالبان. وقد أيد الرئيسان، كبداية، «جيركا السلام (مؤتمر شورى للسلام) الذى يستضيفه كرزاى فى كابول خلال الأسابيع القادمة.

وقدم أوباما شرحا للإطار الأساسى لعملية السلام هذه. وقال إنها ينبغى أن «تدار أفغانيا»، وأن «تفتح الباب أمام طالبان لقطع صلاتها بتنظيم القاعدة، والتخلى عن العنف، والقبول بالدستور الأفغانى، وكذلك احترام حقوق الإنسان».

لكن هذه التعليقات العلنية تجنبت الأسئلة الصعبة المتصلة بالمصالحة. فهل سيكون هناك أى من قيادات طالبان البارزة بين الـ1400 المدعوين لحضور مؤتمر الشورى وما هو الدور الذى ستقوم به باكستان لإقناع طالبان التى ساعدت على تشكيلها واستمرارها بالجلوس على الطاولة؟ ومتى سيشهد كرزاى وأوباما هذه العملية وهى تتحول إلى مفاوضات حقيقية؟

حسبما يشير أحد كبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية، فقد ألقت مناقشات كرزاى الخاصة مع أوباما قدرا جديدا من الوضوح على هذه المسائل. وستكون الجيركا خطوة أولى متواضعة، تضع الإطار لمناقشات لاحقة. ويتصور الزعيم الأفغانى حوارا مع طالبان يضم فى النهاية مجلس شورى اقليم كويتا، بقيادة محمد عمر، والفصيل المنشق الذى يتزعمه قلب الدين حكمتيار. وفى الوقت نفسه، تسعى الولايات المتحدة إلى الحصول على مساعدة باكستان لاجتذاب الشبكة التى يقودها سراج الدين حقانى.

وقال المسئول بالإدارة: «من الواضح أن أى مفاوضات يجب أن تراعى المصالح الباكستانية بصورة بناءة. إنهم يعبرون لنا عن رغبتهم فى المشاركة، وينتظرون الكشف عن خطة كرزاى».

وبالنسبة لمسألة «مدى قرب بدء المفاوضات»، يتبنى أوباما وجهة نظر قادته العسكريين بأن فاعلية المفاوضات مع طالبان تعتمد على «كسر أنشطتها العسكرية». بتعبير آخر، كلما أسلت دم العدو الآن لانت عريكته فى المستقبل. وقال المسئول «إننا نريد أن نكون فى وضع أفضل يمكننا من إبرام اتفاق». وهذا يعنى أن المفاوضات الجادة لن تبدأ قبل العام المقبل.

ينبغى على البيت الأبيض، وهو يحدد استراتيجيته للمصالحة، أن يفكر مليا فى ثقافة شعب البشتون التى أفرخت تمرد طالبان. نحن نعرف أن الولايات المتحدة تفتقد إلى الإحساس بالاختلاف الثقافى، وهو الافتقاد الذى تسبب فى ارتكاب الكثير من الأخطاء فى أماكن كالعراق وأفغانستان.

ومن الأمور التى ينبغى أن تكون واضحة من الآن أنه من غير الممكن إحراز تقدم كبير مع قادة البشتون اذا استمر التشهير بهم علنا، فثقافة هؤلاء الناس تعلى من شأن الكرامة وتمقت الإذلال. وعادة ما تأتى محاولات التشهير بالناس بنتائج عكسية.

وكرزاى نفسه مثال واضح. إذ جاء رده غاضبا على الانتقاد العلنى الذى وجهه له الجنرال جيم جونز، مستشار الأمن القومى، حيث شجب كرزاى الغرب وهدد بالانضمام إلى طالبان. وكانت زيارته إلى البيت الأبيض هذا الأسبوع، فى جانب منها، عرضا مسرحيا يهدف إلى رأب الصدع.

إن اصرار البشتون على التأكيد على الكرامة يجعلنى أتعجب من استراتيجية الولايات المتحدة لتليين طالبان تمهيدا للمصالحة. فالغرض من هذه الاستراتيجية هو إجراء مفاوضات فعالة، لكنها يمكن أن تؤدى إلى نتائج سيئة، إذ ستراق دماء أمريكية، ولن تستجيب طالبان.

إن للبشتون طقوسهم لحل الصراعات، تناسب شعبا محاربا اعتاد القتال. وهناك ملخص لعملية التفاوض على الموقع الإلكترونى Khyber.org، وهو موقع يعنى بثقافة البشتون. ومنه يتبين أن الصراعات تنشب بسبب إهانة شرف القبيلة، الأمر الذى يجعل من عملية الأخذ بالثأر نوعا من الطقوس. ويتواصل القتال حتى يسوى النزاع أو ينهك المقاتلون.

إن آلية تسوية النزاع هى التى تثير الاهتمام، من منظور الاستراتيجية الأمريكية. فالمصالحة تبدأ بعملية للتوبة، حيث يطلب التائب اللجوء إلى بيت غريمه. وفى الثقافة البشتونية، يجب ضمان الموافقة على هذا الطلب، حيث إن رفض الطلب معناه الخزى والعار.

وما إن تظهر الرغبة فى التوصل إلى سلام مشرف، يجتمع زعماء القبائل فى الجيركا (مجلس الشورى) ويضعون إطارا لهدنة مؤقتة، تعرف باتفاق السلام. ويجتمع رجال القبائل الأكبر سنا ويتفقون على التعويضات، لتحل بعد ذلك طقوس كرم الضيافة البشتونية.

لقد قال أوباما أكثر من مرة خلال الأسبوع الماضى إنه لا يسعى إلى تحقيق نصر عسكرى فى أفغانستان، وإنما إلى اتفاق سياسى. وإذا أمكن التوصل إلى هذا الاتفاق، فسيكون على الطرفين الموافقة على أن الإهانة قد عولجت وأن الاعتبار قد رُد. إذا لم يحدث هذا سيتواصل القتال.

التعليقات