شعوب تواقة للتغيير الذي تصنعه بنفسها - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شعوب تواقة للتغيير الذي تصنعه بنفسها

نشر فى : الجمعة 19 يونيو 2009 - 8:11 م | آخر تحديث : الجمعة 19 يونيو 2009 - 8:11 م

 تعد الأحداث الإيرانية العاصفة بمثابة علامة جديدة على مدى الاهتزاز الذى يشهده العالم فى عهد باراك أوباما.

فقد أصبح حكام إيران من الملالى يشعرون بالقلق إزاء التهديد الذى يواجه نظامهم، بعدما نزلت المعارضة إلى الشوارع، احتجاجا على تزوير الانتخابات على حد زعمها.

وبينما يدعى الرئيس محمود أحمدى نجاد أنه يستحق ولاية جديدة، فإن العالم يرى أن النظام الإيرانى أصبح فى وضع هش.

لكن ماذا يجب أن يقول أوباما عن الفوران الذى نراه فى إيران وهو عملية جرى تشجيعها من قبل أطراف عديدة ببراعة؟

يمكننى القول إن على أوباما مواصلة الطريق الذى بدأه فى خطاب القاهرة قبل أسبوعين، أى التحدث مباشرة إلى الشعوب الإسلامية حتى إذا كان يطرح فى الوقت نفسه إجراء حوار مع النظم القمعية التى تحكم إيران ودولا أخرى كثيرة.

وسوف يرتكب أوباما خطأ إذا بدا وكأنه يتدخل فى السياسة الإيرانية. لأنه سوف يمنح آنذاك الملالى العدو الخارجى الذى يحتاجونه لتشويه سمعة الإصلاحيين.

ويجب أن تكون رسالة أوباما على النحو التالى: «نحن ندعم الشعب الإيرانى وحقوقه الديمقراطية.

لكن يجب أن يأتى أى تغيير فى طريقة حكم إيران بقرار من هذا الشعب، لا من أمريكا». ولن يأتى الضغط الحاسم من واشنطن، لكن من التركيز الدولى على الأحداث غير العادية التى تشهدها إيران.

غير أن الأمر الذى يصعب التنبؤ به هو ما إذا كان الشباب المحتجون سوف يبقون فى الشوارع مما يجبر الملالى على اتخاذ إجراءات قوية فى مواجهتهم قد تؤدى إلى زعزعة الاستقرار.

يقول أحد ضباط وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السابقين ممن يشهد لهم بالفطنة إنه يبدو أن المحتجين الإيرانيين «غير منظمين تنظيما محكما»، ولا يتلقون دعما خارجيا.

ويقول ضابط سابق آخر فى وكالة الاستخبارات المركزية كان متخصصا فى إيران إن مخاوف النظام من «ثورة ملونة» مثلما حدث فى جورجيا أو أوكرانيا، سابقة لأوانها. لكنه حذر من أنها «قد تصبح محل اهتمام مع مرور الصيف».

وقال لى مسئولون فى الاستخبارات المركزية إنه من الممكن تماما أن يكون أحمدى نجاد قد فاز فى انتخابات الأسبوع الماضى لكن بنسبة أقل من الـ 63 % التى يدعيها النظام. وقال أحد هؤلاء المسئولين إن الحكم الأولى للعاملين فى الاستخبارات إنه «يبدو أن النتائج قد ضُخمت». لكنه حذر من أن «قدراتنا على التدخل فى آلية الانتخابات الإيرانية محدودة للغاية».

ويبدو أن انفتاح أوباما على إيران قد شجع المساندين لمير حسين موسوى، رئيس الوزراء الأسبق وصاحب ثانى أعلى الأصوات وفقا لنتائج الانتخابات الرسمية. وقد ظل أنصاره يقومون بأعمال شغب خلال الأيام القليلة الماضية.

وأوضح المسئول نفسه «ترى نسبة متزايدة من الشعب الإيرانى فى الانفتاح على الولايات المتحدة أمرا إيجابيا، وقد شجع أوباما على ذلك».

وكان موسوى ذو الحديث المتقن وزوجته الكاريزمية بمثابة الدواء المنشط للإيرانيين الذين يشعرون بالحرج إزاء الخطب المطولة والقاسية التى يدلى بها أحمدى نجاد.

وقال مسئول فى الاستخبارات يراقب عن كثب المعلومات الواردة من إيران ودول إسلامية أخرى «لقد سئموا سخرية الآخرين منهم وازدراءهم لهم».

وقد تشاور المسئولون فى وكالة الاستخبارات المركزية مع البيت الأبيض أثناء إعداد خطاب القاهرة بهدف التمحيص فى الرسالة، كى تصبح مؤثرة إلى أقصى حد فى مواجهة الإسلاميين المتطرفين. ويعتقد المسئولون أن أوباما بأسلوبه الهادئ والمتعقل يطرح طريقا جديدا للشباب، ممن قد يغويهم الخطاب الجهادى حال عدم وجود طريق آخر.

وقال مسئول آخر فى الاستخبارات «لعل ما قام به الرئيس إلى الآن هو بناء إطار استراتيجى يمكن من خلاله فهم الولايات المتحدة بطريقة مختلفة. يقوم أوباما بتقويض الطرح الراديكالى وزيادة عدد البدائل لهذا الطرح. إنه يجعل فكرة أن التغيير يمكن أن يحدث خارج إطار عملية الطرح الواحد أو المحدود فكرة أكثر جاذبية».

ويقدم توفيق حامد وهو أحد الإسلاميين المصريين السابقين وكان يوما ما عضوا فى شبكة تضم أيمن الظواهرى الرجل الثانى فى القاعدة تحليلا مشابها حول سياسة أوباما للتواصل مع العالم الإسلامى. فقد قال حامد فى مقابلة إن أوباما شجع الشباب المسلم على «التفكير النقدى» ودفعهم إلى تجاوز التصنيفات البسيطة حول «الحلال والحرام». وتذكر حامد أنه فى داخل المجموعة الجهادية التى كان ينتمى إليها، كان يُقال إن «الفكر كفر». وقد تحدى أوباما هذا النهج.

وبينما يمضى أوباما قدما، فإن الجدل الراهن فى إيران ومعظم العالم الإسلامى يتخذ الشكل التالى: العقل فى مواجهة الجهالة؛ التواصل فى مواجهة العقول المغلقة؛ الاتصال مع العالم الحديث فى مواجهة العزلة والتأخر؛ الحرية فى مواجهة القمع.

وللمرة الأولى نجد أنفسنا أمام مقولة تجعل الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعوب بطريقة حاسمة، لكنها ليست فجة. ويذكرنا ما نراه فى طهران اليوم بأن ملايين المسلمين أصبحوا تواقين للتغيير، لكنهم يريدون أن يصنعوه بأنفسهم.

Washington Post

التعليقات