فى الأزمة القرغيزية الفرصة تقرع الأبواب - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى الأزمة القرغيزية الفرصة تقرع الأبواب

نشر فى : الأحد 20 يونيو 2010 - 10:16 ص | آخر تحديث : الأحد 20 يونيو 2010 - 10:16 ص

 عند مشاهدة الوضع الأمنى المتدهور فى قرغيزستان نتصور أننا أمام صورة طبق الأصل الحرب من الباردة تنذر بنقطة انفجار جديدة بين الولايات المتحدة وروسيا. أما الواقع فإن ما يحدث على العكس من ذلك ــ إذ يوفر هذه البلد البعيد الضعيف فى آسيا الوسطى فرصة جديدة لموسكو وواشنطن كى يعملا باعتبارهما شريكين.

قال مسئول رفيع المستوى فى الإدارة يوم الثلاثاء: «نحن لا نضع هذا بأى صورة من الصور فى إطار المباراة الصفرية. بل إننا على العكس من ذلك ننسق أعمالنا بشكل وثيق جدا مع موسكو».

ومع ارتفاع عدد الضحايا الذين لقوا حتفهم إلى المئات هذا الأسبوع فى الحرب بين المجموعتين العرقيتين القيرغيز والأوزبك، تطلب الحكومة المؤقتة الهشة فى بشكيك قوة دولية لاستعادة النظام. ولا ينبغى بالتأكيد أن تكون تلك القوة أمريكية؛ فقد ألقينا بكل ثقلنا بالفعل فى ذلك الجزء من العالم. كما أن روسيا لا تريد أن تمضى فى ذلك بمفردها.

وهنا المفاجأة: إذ يقول المسئولون الأمريكيون إنه فى حالة استمرار العنف يجب أن تشمل قوة التدخل الصحيحة روسيا وشركاء إقليميين آخرين. ويمكن أن تتبع «منظمة معاهدة الأمن الجماعى»، ذلك التحالف الذى يضم الجمهوريات السوفيتية السابقة. أو قد يكون «تحالف ذوى الإرادة» الذى تضم قوات من تركيا، على سبيل المثال، وبالقدر نفسه قوات من روسيا وقرغيزستان والدول المجاورة الأخرى.

وقد بقيت الولايات المتحدة وروسيا على اتصال وثيق منذ انفجار الأزمة فى نهاية الأسبوع الماضى. وتعاون البلدان فى عرض الموضوع على مسئولى الأمم المتحدة مساء الاثنين، مما أسفر عن التحضير لعمل جماعى إذا ما أصبحت هناك ضرورة لذلك.

تقدم أمريكا مساعدات إنسانية بالفعل، ومازال الكثير منها فى الطريق. إذ تم إرسال إغاثة عاجلة وإمدادات طبية قيمتها أكثر من مليون دولار أمريكى يومى الاثنين والثلاثاء، وسوف يعلن نهاية هذا الأسبوع عن مجموعة أكبر يزيد إجمالى قيمتها على 10 مليون دولار من «صندوق الأزمات المعقدة» الأمريكى الجديد. ورغم عدم تلقى الولايات المتحدة أى طلب يتعلق بالمساعدة العسكرية، فهى سوف تنظر فى توفير إشراف عام وإتاحة استخدام الطائرات العسكرية الأمريكية لنقل القوات أو الإمدادات جوا.

ما يريح فى الأسلوب الأمريكى الروسى المشترك فى التعامل مع الأمن، أنه يبتعد عن فكرة رد الفعل الانعكاسى ــ وإساءة الفهم ــ التى ورطت البلدين فى «لعبة ضخمة» من أجل النفوذ فى آسيا الوسطى. وقد سادت فكرة القرن التاسع عشر المتعلقة بالمنافسة الحتمية بين المحللين الأمريكيين على نطاق واسع خلال التسعينيات، وأدت إلى بعض الاستراتيجيات غير الناضجة حول توسيع السيطرة الأمريكية والتصدى للروس.

تتمثل النظرة الأكثر تماسكا فى أن تصبح روسيا وأمريكا شريكين طبيعيين فى آسيا الوسطى. والأمر المؤكد أن لهما أعداء مشتركين ــ الجماعات الإسلامية المسلحة والعصابات الإجرامية الخارجة عن القانون التى تهدد الاستقرار فى المنطقة. وقد دفع الرئيس أوباما فى هذا الاتجاه منذ توليه السلطة، وقال مسئولون أمريكيون إنه ناقش مسألة قرغيزستان والحاجة إلى استبعاد المواجهة هناك تقريبا فى كل الاجتماعات مع الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف.

ويشكل انفجار العنف خلال الأسبوع الماضى ذلك المزيج السام الشائع فى دول نامية كثيرة ــ الذى يجمع بين عدم المساواة الاقتصادية والمنافسة السياسية الإقليمية والكراهية العرقية. ففى شهر أبريل، ومع دعم خفى من موسكو، قامت حكومة انتقالية جديدة بانقلاب جعل السلطة فى يد الغالبية القرغيزية التى تهيمن على القسم الشمالى من البلاد. ولدهشة موسكو وواشنطن (اللتين غضتا الطرف عن الانقلاب بعد ذلك)، لم تستطع تلك الحكومة الجديدة وقف هجمات حشود القرغيز الدموية ضد الأقلية الأوزبك فى الجنوب، حيث كانوا مستائين بسبب حيازتهم جزءا كبيرا من القوة الاقتصادية هناك.

كما قيل إن ما يصل إلى 80 ألفا من الأوزبك المرعوبين تدفقوا عبر الحدود إلى أوزبكستان، عندما انتشر هذا «التطهير العرقى» فى أوش وجلال أباد فى نهاية الأسبوع الماضى.

تهتم الولايات المتحدة بقرغيزستان لأنها تقدم قاعدة جوية فى ماناس صارت نقطة عبور أساسية فيما يتعلق بتعزيز القوات وإرسال الإمدادات إلى أفغانستان. وقال مسئول أمريكى أن «شبكة التوزيع الشمالية»، كما يطلق عليها، مسئولة حاليا عن نحو 70% من الشحنات الداخلة إلى منطقة الحرب، مع وجود نحو 1300 فرد من العاملين الأمريكيين من أجل تشغيل مركز ماناس.

وكان الروس ينظرون إلى قاعدة ماناس فى يوم من الأيام على أنها شوكة فى خاصرتهم. ولكن مع روح «الشراكة البراجماتية» الجديدة، كما أطلق عليها الجنرال ديفيد بيتريوس رئيس القيادة المركزية الأمريكية الذى دفع باتجاه فتح مسار الإمدادات الشمالى، انتهت روسيا إلى أن نجاح أمريكا فى أفغانستان يمثل سندا لها. ومن المؤكد أن الروس لا يرغبون فى امتداد التمرد الإسلامى شمالا.

ويعد إحلال التعاون فى آسيا الوسطى محل فن المناورات الكبرى، تغييرا يجد ترحيبا من سنوات قليلة مضت. والآن إذا ما أمكن توسيع هذا النموذج للتعاون الروسى الأمريكى ليشمل التعامل بحسم مع إيران، فمن المحتمل أن نكون أمام بدايات نظام يستحق أن يطلق عليه «الأمن الجماعى».

التعليقات