لغز المبعوثيـن الليبيـين - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لغز المبعوثيـن الليبيـين

نشر فى : الإثنين 20 يونيو 2011 - 8:57 ص | آخر تحديث : الإثنين 20 يونيو 2011 - 8:57 ص

 يوضح انشقاق موسى كوسا وزير الخارجية الليبى بصورة خرقاء قبل عدة شهور، الاستراتيجية غير الواضحة التى ابتليت بها حملة حلف الناتو ضد العقيد معمر القذافى. ومع ذلك، يستشعر نظام القذافى ضغطا يكفى لإرسال مبعوث إلى واشنطن هذا الأسبوع لبحث إمكانية تحقيق تسوية تفاوضية.

وفى 30 مارس، فر كوسا، وهو من البارزين ضمن الدائرة القريبة من القذافى، إلى بريطانيا. وفى أول الأمر، وصف فراره بأنه ضربة قوية للنظام الليبى، غير أن تفاصيل جديدة تشير إلى أنه كان تصرفا مندفعا سيئ التخطيط جلب نتائج عكسية. وقد ترك كوسا بريطانيا فى منتصف أبريل، ويعيش الآن طى الكتمان فى الدوحة بدولة قطر.

<<<
وربما كان من الضرورى إعادة النظر أيضا فى التوقعات المالية ضمن السياسة المتعلقة بليبيا. فقد كان البيت الأبيض يأمل أن يعانى نظام القذافى هذا الصيف من الافلاس ويبدأ فى الانهيار. لكن أحد المطلعين يقول إن رجل ليبيا القوى مازال لديه أموال تبلغ نحو عشرة مليارات دولار داخل البلاد.

فلم يتحقق حتى الآن سوى جمود فى الموقف بين قوات القذافى العسكرية وحركة التمرد، التى تطلق على نفسها اسم المجلس الانتقالى الوطنى، ومقره بنغازى. وحتى الآن، لم ينجح المتمردون ولا حلف الناتو فى إقناع القبائل بتبديل الولاء ــ وهو كما يقول المحللون مفتاح تغيير النظام هناك.

وتأمل الولايات المتحدة، وفرنسا وغيرها من الدول ترجيح التوازن لصالح المجلس الانتقالى الوطنى، عبر الاعتراف به ممثلا رسميا للشعب الليبى. غير أن هذا لم يتجاوز حتى الآن كونه عنوانا على الورق، ومازال المجلس الانتقالى الوطنى عاجزا عن اجتذاب أعضاء «تصالحيين» من دائرة القذافى لتشكيل حكومة ائتلافية.

وقد أثار جمود الموقف فى ليبيا اهتماما جديدا بإجراء تسوية سياسية. وتم إرسال عبدالله السنوسى، رئيس مخابرات القذافى، مبعوثا لمقابلة ممثل رفيع المستوى لإدارة أوباما هذا الأسبوع. وتتمثل الرسالة فى أن القذافى سوف يتخلى عن السلطة ويتراجع إلى الصحراء، بينما يعمل التكنوقراط من عناصر نظامه، مع المجلس الانتقالى الوطنى لتشكيل حكومة انتقالية. وفيما يبدو، سوف ينسحب السنوسى، الذى يخشاه الجميع فى ليبيا، من السلطة أيضا. ولم نتمكن من التعرف على الرد الأمريكى.

<<<
ويعتبر انشقاق كوسا، حالة كلاسيكية من حالات الارتباك السرى. فقد كان مقررا فى الأصل هروب المسئول الليبى إلى فرنسا. ويقال إن ضابط مخابرات فرنسى التقى به فى العاشر من مارس أثناء اجتماع للاتحاد الأفريقى فى أديس ابابا. ثم التقى به مسئول استخباراتى فرنسى مرة أخرى فى 29 مارس فى فندق رويال جاردن فى مدينة جربة، تونس، وحدثه بشأن الانشقاق، مع وعده بإقامة ومساعدة مالية وحصانة قانونية.

وفى اليوم التالى، تعثرت الخطة الفرنسية بعدما طلبت باريس أن يظهر كوسا علانية مع الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى عند وصوله باريس، ويدين القذافى؛ كجزء من الصفقة. غير أن كوسا رفض، وبدأ اتصالات محمومة مع الدائرة MI6 فى المخابرات البريطانية فى لندن بشأن الفرار إلى هناك. وفى بداية الأمر، طلب البريطانيون مهلة ثلاثة أيام لبحث التفاصيل، ولكن عندما قال كوسا إن عليه المغادرة فورا، أعدت الدائرة MI6 الترتيبات الأساسية فى عدة ساعات، وفر المسئول الليبى إلى مطار فرانبورو جنوب غرب لندن.

وشهد هروب كوسا إلى لندن بداية سيئة. فقد قابله ضباط MI6 فى المطار، غير أن أوراق تأشيرته ظلت غير جاهزة لعدة ساعات. ولم يطلب البريطانيون من كوسا إدانة القذافى علنا، لكنهم لم يعرضوا عليه حصانة من الملاحقة القانونية، سواء فى تفجير لوكيربى عام 1988 أو إطلاق النار على شرطية بريطانية عام 1984. وكان التحقيق معه فى مكان آمن على الساحل الجنوبى شاقا، فيما يرجع جزئيا إلى الضجة الإعلامية بخصوص انشقاقه، بينما يقرأ كوسا عناوين صحفية مثيرة، مثل عنوان الديلى ميل الذى وصفه باعتباره «رئيس منتزعى أظافر القذافى».

وعندما أعيد جواز سفر كوسا إليه فى منتصف أبريل، غادر فورا إلى قطر، بدعوى حضور اجتماع «مجموعة الاتصال» المعارضة فى ليبيا. ولم يغادر الدوحة منذ ذلك الحين. وكانت العثرات التى أحاطت بالانشقاق «أضحوكة» فى ليبيا، وقضت على آمال إقناع آخرين بالانشقاق، وفقا لما يقول مصدر استخباراتى.

<<<
وأيا ما كانت أخطاء الناتو، يوضح إرسال نظام القذافى مبعوثا إلى واشنطن أن الضغط العسكرى يؤتى ثماره تدريجيا. والمشكلة هى أنه نظرا لتخلف السياسة القبلية الليبية الشديد ــ اعتاد ضباط السى آى إيه الإشارة إلى النخبة الحاكمة الليبية على أنهم «فلينستونيون» نسبة إلى أبطال مسلسل الكارتون الأمريكى الذى تدور أحداثه فى العصر الحجرى سيكون من الصعب حدوث انتقال هادئ للسلطة. فمازالت حركة تمرد المجلس الانتقالى الوطنى تبدو مزيجا من مسئولى القذافى السابقين والمتشددين الإسلاميين.

وإذا كانت هناك صفقة يمكنها طرد القذافى، وإنهاء القتال، وتوحيد القبائل، وخلق حكومة ائتلافية مستقرة على نحو معقول يديرها التكنوقراط، ستكون الإجابة الصحيحة لإدارة أوباما «نعم».

التعليقات