فى مصر.. انتظارًا للنتائج - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى مصر.. انتظارًا للنتائج

نشر فى : الأحد 21 أكتوبر 2012 - 9:00 ص | آخر تحديث : الأحد 21 أكتوبر 2012 - 9:01 ص

يمكنك رؤية ما أنجزته الثورة المصرية، بعد 20 شهرا، بزيارة هذه المنطقة الريفية من دلتا النيل التى هى مسقط رأس الديكتاتور المخلوع حسنى مبارك؛ كل شىء مختلف فى الظاهر، لكن تحت السطح لم يتغير شىء تقريبا حتى الآن.

 

أوضح ما يكون أثر الثورة فى حقيقة أن الإخوان المسلمين فازوا فى الانتخابات البرلمانية هنا، فى معقل النظام القديم هذا. ويبدو أن الناس أحرار فى قول ما يرونه، بما فى ذلك الانتقاد الحاد للرئيس الجديد محمد مرسى بطريقة لم تكن تخطر على بال أحد من قبل.

 

لقد توقفت الفوضى كذلك. والأمن أفضل مما كان عليه فى الشهور التى أعقبت الثورة. إذ عادت الشرطة إلى الشوارع، حيث تدير حركة المرور. وانتهى إضراب طويل فى مصنع محلى للنسيج، وعاد الناس إلى عملهم فى المزارع وفى المصانع الريفية.

 

منزل عائلة مبارك القديم مهجور ومجهول. والشارع الضيق مزين بملصقات مرسى وغيره من المرشحين الذين خاضوا الانتخابات ليحلوا محله كرئيس. وما كان يُعرف من قبل باسم كوبرى مبارك فوق ترعة كبيرة تخرج من النيل أعيد تسميته الآن ليطلق عليه اسم أحد شهداء الثورة.

 

 

 

لكن التغييرات الأعمق التى تحتاجها المنوفية فى سبيلها للبدء فحسب. فالترع التى تخرج من النيل مليئة بالقاذورات، والماء غير قابل للشرب. والاقتصاد المحلى متخلف ومازال يعتمد على بيروقراطية الدولة العتيقة. ويقول قائد الإخوان المسلمين هنا كل الأشياء الصحيحة عن الإصلاح، لكن حتى الآن ليس هناك تقريبا ما يدل على الإصلاح.

 

بينما كنت جالسا على شاطئ الترعة الواسعة، تحدثت فى السياسة مع مجموعة من السكان الشباب. وكان الذين انضموا إلينا من الكثرة بحيث انتقلنا إلى نادى محلى. ويثنى محمد سعيد، وهو تاجر جلود فى الثانية والثلاثين، على الرئيس الجديد لفصله كبار جنرالات الجيش وخلقه أول حكومة مدنية حقيقية. لكنه يقول إن «التغييرات على الأرض سطحية... فمازال الناس فقراء، والأطفال فى الشوارع والماء غير نظيف».

 

الواقع أنه حولنا منظر لم يتأثر بالزمن؛ فهناك مروحة تدور بكسل فوقنا، وفى الخارج الماء يتحرك ببطء فى المجرى المائى الذى تسده القمامة. وعلى الضفة تغسل النساء ملابسهن فى الترعة على الرغم من قذارتها.

 

بعض الشباب على قدر حاد من الانتقاد. يقول أيمن عبدالعزيز، 26 سنة، الذى يصف نفسه بأنه مصور فيديو: «سوف يفقد الإخوان المسلمون الانتخابات التالية». وهو يرى أن جماعة الإخوان المسلمين «لعبت على» تدين المسلمين الفقراء فى الحصول على السلطة لكنها لن تسلمها لأحد. وكشأن معظم الشباب الذين التقوا بى، فهو عضو فى جماعة يسارية علمانية تسمى حركة 6 أبريل ساعدت فى بدء الثورة لكنها خسرت لمصلحة الإخوان المسلمين الأفضل تنظيما.

 

فى مكتب أنيق قريب التقيت بقائد محلى من قادة الإخوان المسلمين اسمه بدر الفلاح. وهو مهندس، وعضو فى البرلمان، ويكشف عن أفضل وجه للإخوان المسلمين؛ فهو أنيق، ولبق، وجاد بشأن محاربة الفساد وخلق فرص العمل. وقد أمضى بعض الوقت فى السجن عام 2010 فى عهد مبارك، وتظهر على جبهته علامة الصلاة.

 

وعندما سألت فلاح عن شعار الإخوان المسلمين «الإسلام هو الحل»، قال إنه كان جزءا من حياته منذ انضمامه إلى الجماعة فى السابعة عشرة. إلا أنه فى محادثتنا لا يركز على الدين وإنما على التنمية الاقتصادية. وهو يفهم أن أهل المنوفية فى «شوق شديد» لرؤية التغيير، لكنه يقول إنه لن يحدث بين يوم وليلة؛ فالمشكلات شديدة الخطورة.

 

كيف نحكم على نجاح الإخوان المسلمين فى هذه البقعة من مصر؟ يجيب فلاح بأنه خلال عام سوف أرى المزيد من الطرق المعبدة والماء الأكثر نظافة وقدرا أقل من القمامة. وخلال عامين أو ثلاثة أعوام، سوف أرى صناعات جديدة، وطريقا سريعا جديدا يربط المدينة بالقاهرة، ومنطقة تجارة حرة، وجهازا بيروقراطيّا محليّا أقل فسادا، وبرنامجا لتدوير النفايات.

 

 

 

عندما عدت إلى القاهرة سألت مستثمرا بارزا فى التكنولوجيا اسمه أحمد الألفى، يدير «حضَّانة» جديدة لمنظمى الأعمال تسم Flat6Labs، عما يراه بشأن قيادة الإخوان المسلمين على المستوى القومى. وقد أوضح السبب فى كونه متفائلا بقوله: «يلتقى مرسى بتمثيل أوسع لرجال الأعمال مما التقى به مبارك. وهو يعرف أن الوضع القائم طريق مسدود وأن عليه إحداث تقدم اقتصادى بسرعة.» ويقول ألفى إن رأس المال البشرى موجود ليغير مصر. وقد أطلقت معامله 18 عملا تكنولوجيّا خلال العام المنصرم.

 

فهل سيكون مرسى وجماعة الإخوان المسلمين وكلاء تغيير الذين تحتاجهم مصر؟ الإجابة الأمينة أنه يتعين علينا العودة إلى أماكن كالمنوفية بعد عام أو عامين لنكتشف.

 

(2012) جماعة كتاب الواشنطن بوست .

كل الحقوق محفوظة. النشر باذن خاص .

التعليقات