تقول الأسطورة الحضرية، إن هناك مهندسًا شابًا قد طلب لقاء رجل الصناعة الأسطوري هنري فورد، وبالفعل تم اللقاء ليجد فورد الشاب يعرض عليه فكرة لجعل السيارات تدوم لمدة أقصاها خمس سنوات، قبل أن يضطر المستهلك لشراء عربة جديدة.
يقال إن فورد قد غضب تمامًا، وهتف بالشاب إنه يريد صنع سيارات تعيش، ويقال إنه طرده من المكتب شر طردة. ذهب الشاب إلى شركة جنرال موتورز الشهيرة، والتي تبنت الفكرة تمامًا، بتصميم جديد وكماليات ملفتة واختراع حكم شوارع المناطق الشعبية في مصر: الدوكو، والذي يمكن لمخترعي جنرال موتورز أن يتأملوا في حقيقة أن بعض من شباب الجيارة "يصطبحون" باستنشاقه، أو إن المصريين عامة تمكنوا من دهن الهواء به.
هكذا أمكن للمواطن الأمريكي أن يشتري عربات براقة، ذات تصميم مبهج، وتبدو فخمة بالنسبة للعربات الأخرى، وهكذا بدأت ظاهرة ربط موديل العربة بالمركز الاجتماعي، بعيدًا عن عربة هنري فورد الشعبية مودل تي، التي كان لزامًا علي هنري أن يصر على أن تكون خالية من الكماليات، وذات لون أسود قاتم كمعطف الفضيلة الخشن، ليحافظ على عربة متينة ولكنها منخفضة التكاليف.
وهكذا صعدت أسهم جنرال موتورز إلى السماء منذ العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين، بينما توارت أرباح شركة فورد بشكل واضح حتي اضطرارها للتوقف قليلا قبل أن ترجع بموديلات جديدة.
وفي النهاية، كانت الحقيقة في الأزمة المالية الأخيرة، أفلست شركة جنرال موتورز واستعانت بدعم الحكومة لتتمكن من البقاء، بينما استمرت فورد كواحدة من أكبر منتجي السيارات في العالم.
ولكن لا تدع الموضوع يغرك كثيرًا، ففورد كان أبو الاستهلاك في القرن العشرين، والرافض لنقابات العمال، والمتعاطف بشكل وآخر مع النازية وعدو السامية، الرجل الذي اختاره الدوس هكسلي باعتباره علمًا على العالم الجديد السعيد البائس، حيث كان التقويم يعتمد على ما قبل فورد وما بعد فورد، واستبدل الصليب بحرف T، رمزًا لموديله الشهير الذي صنع الاستهلاك كما نعرفه في العصر الحديث.
ومن ناحية أخرى، فالأنواع الرخيصة التي لا تعيش كثيرًا كانت في بداية القرن العشرين لا تقارن بنفس العربات البلاستيكية التي صارت الشركات تصنعها الآن، ومقولة إن شيفروليه الثلاثينات، المدهونة بالدوكو، هي عربة مصممة ألا تعيش قد تصيبك مبدئيًا بكريزة ضحك إزاء عربات اليوم، ولكن الحقيقة هي أن نفس المبدأ قد حكم الصناعة حتى الآن، حتي قيل في أسطورة حضرية شهيرة أخرى أن كل طابعات الليزر مثلا هي طابعات ممتازة وذات نفس المميزات ابتداءً، ولكن الشركات تتعمد إفساد الموديلات وتعويقها لتصنع أسواق أكبر وشرائح أعرض للاستهلاك، وبالطبع لتجبرك على شراء طابعة جديدة بعد سنوات قليلة، وربما قليلة جدًا.
لي صديق وصديقة في زواج سعيد، وكان حظهما جيدًا في كونهما من أصحاب الياقات البيضاء، وبالتالي أمكنهما ابتياع وتجهيز شقة جيدة في مدينة نصر، ولكن بعد أسبوع أو أسبوعين من ابتياع فوتيه جديد وبراق، كان الفوتيه يتهاوى متكسرًا بعد محاولة عادية للجلوس.
ذهبت الزوجة لتشتكي للمكان الفخيم، اعتذروا لها ووعدوها بتغيير الفوتيه. أيام أخرى وبدأ كان الأثاث الفخم الجديد في المكان يتداعى، وفي عديد من المرات ذهب الزوجة والزوجة لأماكن مختلفة للصياح والشكوى.
المؤسف أن يعتبرهما البعض محظوظين لأنهما تمكنا من استبدال أو تصليح الخدع البراقة التي بيعت لهم، والأكثر أسفًا هو أن تتذكر أنه لا يمكنك أن تحمل هذا البلد تحت إبطك، لتذهب به إلى الرئاسة أو مجلس الشعب، لتقول إن مثل هذه الدولة قد صنعت منذ الخمسينات كأثاث الصديقين أو كالعربات البلاستيكية، وهي تقع أو تتفتت مننا كل خمس سنوات أو أقل.
سيقولون لك، كالعادة: رشها دوكو.