عولمة التعديل الأول للدستور الأمريكى - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عولمة التعديل الأول للدستور الأمريكى

نشر فى : الخميس 22 أبريل 2010 - 10:03 ص | آخر تحديث : الخميس 22 أبريل 2010 - 10:03 ص

 فى الوقت الذى تبحث فيه إدارة أوباما عن أفكار كبرى لتشكيل سياستها الخارجية، يجب أن يراجع المسئولون كتابا جديدا يشير إلى أن «قدر» أمريكا فى القرن الحادى والعشرين هو نشر معايير التعديل الأول لدستورنا على الصعيد العالمى.

ويحمل هذا الكتاب الذى يمثل بيانا يدافع عن حرية الصحافة عنوانا بارعا هو «القوية والمفتوحة على مصراعيها ولا يقيدها شىء» (Uninhibited ،Robust andWide-Open) وهو من تأليف لى بولينجر، رئيس جامعة كولومبيا. وقد قمت باستفزازه فى ندوة عقدت الأسبوع الماضى، عندما قلت له إنه لو كان للصحفيين أن يصفوا بطريقتهم الخاصة المشهد الإعلامى لأصبح العنوان أكثر كآبة مثل «القلقة والمفلسة والمتشبثة بموقفها».

وتستند حجة بولينجر إلى أننا فى ظل الاقتصاد المعولم نحتاج إلى قواعد تعزز إمكانية الحصول على المعلومات. غير أننا بدلا من ذلك نرى ميلا من جانب الحكومات الاستبدادية، من الصين إلى إيران، إلى التلاعب بغرض الحد من تدفق المعلومات.

وتؤثر هذه الضغوط على الشركات الخاصة مثل جوجل، والهيئات الإخبارية مثل واشنطن بوست. لكنه كما يقول بولينجر، هناك مصلحة عامة تُلزم الحكومة الأمريكية بحماية إتاحة حرية المعلومات قدر الإمكان.

يقول بولينجر: «يجب أن يكون نشر مبادئ حرية الصحافة على الصعيد العالمى هدفا أساسيّا فى ظل وضعنا المبادئ الأولية للمجتمع العالمى». ويقول بولينجر إن لبنات هذا النظام العالمى موجودة بالفعل، من خلال المعاهدات الدولية حول حقوق الإنسان، واتفاقيات التجارة الحرة، وغيرها من الاتفاقيات. لكن الولايات المتحدة قاومت بعض المنتديات التى قد تتيح قدرا أكبر من الانفتاح، خشية أن تستخدمها الحكومات الأخرى فى مواجهتنا.

وحيث إن هذا المقال يدعو إلى الانفتاح، يجب علىّ أن أكشف أن بولينجر هو مدير الشركة المالكة لواشنطن بوست، وأنه قد أرسل لى مسودة الكتاب قبل بضعة شهور كى أعلق عليه.
لقد أصبح التدفق الحر للمعلومات متغيرا إستراتيجيا حاسما. ولذلك يشعر الحكام الديكتاتوريون بالرعب عندما يجرى بث ما يسمى بـ«الثورات الملونة» مباشرة على قناة سى إن إن الإخبارية. ويدرك قادة إيران أنه إذا تواصل العالم مع بعضه البعض عبر الإنترنت، فإنه لن يكون باستطاعتهم أن يقمعوا المحتجين فى الشوارع بلا رحمة. ويخشى القادة الصينيون من أنه إذا أتيح للشعب حرية البحث على الإنترنت عبر جوجل، فسوف يفقد الحزب الشيوعى أداة أساسية من أدوات السيطرة التى لديه.

غير أن التناقض يكمن فى أن المحاولات الرامية إلى السيطرة على المعلومات فى عصر الإنترنت بطبيعتها تهزم نفسها بنفسها، حيث تتطلب آليات مدروسة للرقابة، وتؤدى إلى انعزال البلاد عن الاقتصاد العالمى.

وقد يصلح ذلك بالنسبة لكوريا الشمالية، حيث انقطع الناس هناك عما يحدث فى العالم منذ وقت طويل. لكنه لن يفلح مع الإيرانيين أو الصينيين الذين يحبون الاتصال بالعالم، ويريدون تفاعلا أكثر لا أقل معه.

ويواصل أعداء حرية الصحافة القيام بذلك، بالرغم من علمهم أنهم يمارسون لعبة خاسرة. وفى عام 2001 سألت كوان يو الزعيم الذى كان سيصبح رائعا لو لم يستخدم قوانين القذف وغيرها من الأدوات التى تقمع المنتقدين، عن السبب فى لجوئه إلى ذلك. وقد أقر بأن الرقابة تؤدى إلى نتائج عكسية وقال: «إما أن تستخدم الإنترنت أو أن تكون متأخرا». لكن محامى الحكومة فى سنغافورة يواصلون إصدار الأوامر القضائية ضد الموضوعات الصحفية التى لا تعجب القيادة.

وأشعر بالقلق إزاء مقولات بولينجر التى تدعو إلى دعم الحكومة للهيئات الإخبارية بالرغم من المتاعب المالية الحالية. ذلك أننى أخشى أن يؤدى ذلك إلى المزيد من احتواء الحكومة للصحافة، بينما نحتاج إلى الحد من ذلك. ويحتاج الصحفيون الأمريكيون إلى حماية صورتهم كمستقلين فى الداخل والخارج. كما يحتاجون إلى طمأنة الشعب بأنهم يكبحون انتماءاتهم الشخصية القومية والأيديولوجية والثقافية والدينية عندما يصبحون صحفيين. غير أن الدعم الحكومى يصعب من ذلك.

إنى قلق كذلك بشأن التنظيم الدولى للمعلومات أو جمع الأخبار، حتى لو كان ذلك يحدث باسم الانفتاح. ولذلك أود أن أرى الصحفيين يخوضون الكثير من هذه المعارك بأنفسهم متعاونين مع زملائهم فى الصين وإيران والمائة بلد فيما بينها من أجل المزيد من إتاحة المعلومات والانفتاح.

لكنه كما يقول بولينجر، تقع على الولايات المتحدة مسئولية حماية التدفق الحر للمعلومات الإلكترونية، مثلما تضمن البحرية الأمريكية حرية الملاحة فى أعالى البحار. ولا يجب أن تحارب شركة جوجل معركتها الرقمية وحدها، أو أن تشعر بالقلق من أنها إذا وقفت ضد الرقابة فى الصين، فسوف تستولى مايكروسوفت على أعمالها هناك.

وقد انتقدت دعوة بولينجر إلى عولمة التعديل الأول للدستور الأمريكى، باعتبارها مغالاة فى الشوفينية. لكن احتضان العالم للإنترنت يخبرنا أننا نقف على الجانب الصحيح من التاريخ فى هذا الصدد. لقد وُلد الإنترنت حرا، وعلينا إذا ما استخدمنا عبارات المؤسسين أن نصر على ألا تقوم أى حكومة بإصدار أى قانون يحد من هذه الحرية.
Washington Post



التعليقات