خايف أروح المدرسة - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خايف أروح المدرسة

نشر فى : الخميس 23 سبتمبر 2010 - 10:10 ص | آخر تحديث : الخميس 23 سبتمبر 2010 - 10:10 ص
أخبرتنى أنه بالرغم من فرحته المتجددة كل عام بقدوم العام الدراسى، فإنه بعد أيام قليلة يبدأ العذاب اليومى فى كيفية إقناعه بالذهاب إلى المدرسة، ومقاومته الشديدة لذلك.

ليست هذه الشكوى الأولى للأمهات حول رفض الأبناء الذهاب إلى المدرسة وإعلان كراهيتهم لها، رغم تأكيد الكثير منهم أن المدرسة تكاد تكون مثالية فى نظافتها وتعامل المدرسين مع الأبناء وعدم وجود أى عقابات بدنية على الأخص. إلا أن هناك العديد من الأسباب الحقيقية بالنسبة للأطفال الذين يكرهون الذهاب إلى المدرسة، كما أن هناك درجات من الخوف تبدأ بإبداء الشعور بعدم الراحة حتى البكاء والتبول اللاإرادى كرد فعل للخوف الفظيع الذى ينتابهم.

من أكثر الأسباب التى رأيتها سببان، أولهما: ضعف المستوى الدراسى مقارنة بالأطفال الآخرين والافتقار إلى القدرة على تكوين علاقات اجتماعية.

أتذكر أحد الأطفال فى الصف الخامس الابتدائى وهو يخبرنى عن مشكلته قائلا: «أذاكر أكثر من أى طفل فى الفصل ودائما يوجد من هو أفضل منى» هذا الطفل كان يعانى من اضطراب فى الانتباه، فرغم المجهود الذى يبذله فى المذاكرة فهو لا يحصل مثل زملائه، مما يصيبه بالإحباط، خاصة عندما يتهمه الجميع بالتقصير. هذا الطفل كان لابد أن يفهم مشكلته ويجد إجابة عن تساؤله المستمر حول « لماذا أذاكر ولا أحصل؟»، ونتفق معه على برنامج لتقوية القدرة على الانتباه.

تعتقد الكثير من الأمهات أننى لا ينبغى أن أتفق مع الطفل على شىء وأنه لن يفهم مصلحته، لكن صراحة كثيرا ما أجد الأطفال متحمسين للمساعدة عندما يقتنعون أننى أعمل لمصلحتهم وليس لمصلحة أهاليهم.
صراحة أجد صعوبة فى بدء تكوين علاقة قوية مع طفل لديه مشاكل عديدة مع الأهل، فهو يعلم جيدا أنه أتى إلى هنا بغرض إصلاحه وهو غير مقتنع بالمرة بذلك.

السبب الآخر الشائع لكره المدرسة والخوف منها: هو عدم القدرة على تكوين أصدقاء، وهو ما كانت تعانيه إحدى البنات فى الصف الخامس الابتدائى أيضا، إذ حدثتنى عن كراهية البنات لها فى الفصل وأنهن لا يُعِرنها اهتماما وأن كل يوم تذهب فيه إلى المدرسة هو بمثابة إحباط رهيب تعانيه.

كانت الأم تحاول معالجة الموقف بشراء هدايا قيمة لأصحابها ومحاولة تجميل الفتاة من الخارج وإبهار الأطفال بها، لكن لم تعلمها أيا من مهارات الحياة، لم تناقش معها أسباب ضيق زميلاتها بها، وهو ما كانت تحتاجه تلك الفتاة لتكون صداقات عميقة وتحب المدرسة.

المرحلة الابتدائية خاصة فى سنواتها الأخيرة، من أصعب المراحل على نفسية الطفل، فهو فى هذه المرحلة يدرك موقعه بين أقرانه، وأنا صغيرة فى الصف الخامس الابتدائى كنت أدرك أننى متوسطة فى كل شىء، فى الجمال وفى الذكاء وفى القدرة على تكوين الأصحاب وإبهارهم. لم يكن لدى قدرات فائقة يحتفى بها الآخرون.

لذا فالحديث مع الطفل وفهم مشكلاته من المهم والمفيد جدا فى كل الأوقات وهو ما أؤكد على أهميته فى كل مرة أكتب فيها عن تربية الأطفال، أن نأخذ مخاوفهم بجدية شديدة ونعلمهم كيفية تجاوزها.

من الأسباب الأخرى لكره المدرسة والخوف منها : عقاب المدرسين والتحرشات الجنسية التى يمكن أن يواجهها الطفل فى المدرسة، وهى ليست بعيدة، أتذكر أحد الأطفال فى إحدى المدارس الخاصة الشهيرة تم التحرش به من قبل طفل أكبر منه.

ظهر على سلوكه الانطواء والتبول الليلى اللاإرادى وتدهور أداؤه الدراسى، وكان يبكى قبل الذهاب الى المدرسة. موضوع التحرش لم يخطر على بال الأم نهائيا، إلا بعد أن وجدته يمارس بعضا من اللعب الجنسى مع أخيه الأصغر، فاعترف أنه تعلم ذلك فى المدرسة من طفل أكبر منه. لذا فعلينا ملاحظة أى مشاعر سلبية تبدأ فى الظهور على الطفل تجاه المدرسة، خاصة بعد أن كان يبدى اهتماما بها، فعلينا مناقشتها، مع عدم الإلحاح على معرفة السبب، ووجود علاقة وثيقة بين الطفل ووالديه سيسهل هذه العملية جدا.

 

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات