الرهان الإسرائيلي يزداد صعوبة - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرهان الإسرائيلي يزداد صعوبة

نشر فى : الأحد 24 مايو 2009 - 5:10 م | آخر تحديث : الأحد 24 مايو 2009 - 5:10 م

 يحلو لأصدقاء بنيامين نتنياهو تشبيهه بلاعب «البوكر». ويضربون المثل على ذلك، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى يريد التزاما أمريكيا، قبل أن يرمى ورقة «الدولة الفلسطينية»، بأن تكون منزوعة السلاح.

بيد أن الزعيم الإسرائيلى واجه اختبارا استثنائيا فى لقائه الأسبوع الماضى مع باراك أوباما. فالرئيس الجديد ليس من نوع الساسة لاعبى البوكر وعندما يريد القيام بشىء يتجه إليه مباشرة، طارحا أوراقه مكشوفة على الطاولة. وصار هذا الأسلوب المباشر، سمة لأوباما، وغيَّرَ على نحو كبير أساليب الحوار الأمريكى مع إسرائيل.

تقليديا، ظلت العلاقة بين كل من الولايات المتحدة، لعبة سياسية معقدة، يقيس فيها الرؤساء الأمريكيون المدى الذى يستطيعون فيه التحرك من دون إثارة غضب أنصار إسرائيل فى الكونجرس.

غير أن هذا النوع من التحايل لم يكن حاضرا هذه المرة: حيث قال أوباما إنه يريد مفاوضات من أجل إقامة دولة فلسطينية فورا.

وتحدى رئيس الوزراء الإسرائيلى لدفعه للجلوس على مائدة المفاوضات.

وضغط أوباما على نتنياهو، وإن برفق، فى تعليقاته العلنية بعد لقائهما فى المكتب البيضاوى، فقال «لدىَّ ثقة كبيرة فى قدرات رئيس الوزراء نتنياهو السياسية، وأيضا فى رؤيته التاريخية.. كما أن لدىَّ ثقة كبيرة فى أنه سوف يرتفع إلى مستوى الحدث».
وبالمثل، تغلب أوباما على ألاعيب نتنياهو قبيل اجتماع البيت الأبيض.

حيث كان الزعيم الإسرائيلى يسعى لربط التقدم فى القضية الفلسطينية بموقف أمريكى قوى ضد إيران. بيد أن أوباما من اليوم الأول لتوليه منصبه، شرع فى إعلان مواقف أمريكية قوية؛ فيما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية، أو التعامل مع إيران.

وبحلول موعد مقابلتهم، وجد نتنياهو نفسه منضما إلى خطط أوباما من أجل إجراء محادثات استكشافية مع إيران أواخر هذا العام، على الرغم من تخوف العديد من الإسرائيليين من تحديد هذا الموعد.

وحتى يطمئن أوباما إسرائيل وأنصارها، أدلى بالتصريحات الصائبة يوم الاثنين الماضى، تحدث فيها عن أن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب واصفا إياها بأنها «علاقة خاصة» وتعهد بأن «أمن إسرائيل أمر أساسى». غير أنه لم يخف الفجوة الكبيرة بين الموقفين الأمريكى والإسرائيلى بشأن مسألة إقامة دولة فلسطينية.

وسوف تعمل سياسة أوباما خلال الشهور القليلة المقبلة على إيجاد إطار إقليمى لمباحثات السلام، يكون مغريا بما يكفى لاجتذاب نتنياهو المتحفظ. وتريد الولايات المتحدة من العرب أن يبدأوا فى تطبيع العلاقات مع الدولة اليهودية، بغرض منح إسرائيل بعض الفوائد الملموسة السريعة.

وقد وصف الملك عبدالله، عاهل الأردن، هذا التعهد باعتراف دول الجامعة العربية بأنه «حل الثلاث وعشرين دولة». (أى الاثنين وعشرون دولة الأعضاء فى جامعة الدول العربية بالإضافة إلى إسرائيل).

وتعتبر السعودية المفتاح الاستراتيجى فى هذا الشأن. غير أن السعوديين حذروا سرا من أنهم لن يطبقوا أى تطبيع، ما لم تقدم إسرائيل على تحركات مؤثرة مثل تجميد الاستيطان فى الضفة الغربية المحتلة وهو ما يوضح التزامها بــ«خريطة الطريق» من أجل السلام التى كانت قد طرحتها عام 2003.

ومن أجل حل هذا المأزق، تبدو إدارة أوباما مستعدة للضغط بشدة على نتنياهو. ولدى أوباما سلسلة من الخيارات، تبدأ بانتقاد إسرائيل بسبب عدم تلبية شروط خريطة الطريق، وتتصاعد إلى تدابير أكثر تشددا.

وأعرب أوباما بوضوح عن موقفه من المستوطنات، فقال: «أتفق مع رئيس الوزراء فى حقيقة أنه فى ظل خريطة الطريق.. هناك تفاهم واضح على أنه يجب أن نحقق تقدما فى قضية المستوطنات.. ينبغى وقف المستوطنات حتى نستطيع المضى قدما».

ورغبة فى تضييق الفجوة بين المواقف الأمريكية والإسرائيلية، أرسل أوباما مبعوثه للشرق الأوسط، جورج ميتشل، ليجتمع بالفريق الإسرائيلى عقب لقاء المكتب البيضاوى مباشرة.

وكثف ميتشل جهوده للتوسط خلال الأيام التى تلته، مع زيارة الرئيس الفلسطينى محمود عباس لواشنطن الأسبوع المقبل، وذهاب الرئيس أوباما إلى القاهرة أوائل يونيو لإلقاء خطاب تاريخى من جامعة القاهرة، بما سيضفى تأثيرا هائلا على صلته بالعالم العربى.

وهنا سوف تكون مهارات نتنياهو على المقامرة على المحك. فرئيس الوزراء الإسرائيلى يريد من قادة الولايات المتحدة والعالم العربى، التعهد بأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح من دون جيش، ومن دون أن يكون لها سيطرة على مجالها الجوى قبل أن يوافق على بحث تفاصيل إقامة الدولة.

وربما لا يكون نتنياهو مخادعا فى هذا الأمر: فهو لن يشارك فى اللعب، ما لم يتم التوصل إلى صيغة تحمى أمن إسرائيل فى رأيه.

وأدرك نتنياهو أن أوباما سياسى نادر، عندما التقاه فى مارس 2007. وحينذاك، لم يكن هناك من يتوقع أن يكون لنائب ولاية إيلينوى فرصة كبيرة للفوز بالرئاسة، غير أن زعيم الليكود قال لمساعديه: «أعتقد أن هذا هو الرئيس القادم للولايات المتحدة».

الآن يواجه نتنياهو القوة الكاملة لظاهرة أوباما السياسية رئيس يشعر بأمان سياسى كافٍ إلى الحد الذى يمكنه من تجاهل القواعد المعتادة للعلاقة الأمريكية ــ الإسرائيلية، والمضى قدما بإصرار فيما يعتقد أنه صواب.

(c) 2009, Washington Post Writers Group

التعليقات