مقبرة الإمبراطوريات - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مقبرة الإمبراطوريات

نشر فى : الأربعاء 25 فبراير 2009 - 4:49 م | آخر تحديث : الأربعاء 25 فبراير 2009 - 4:49 م

  واشنطن ـ يبدو أن هناك ترددا في الموقف ـ أكثر مما هو ظاهر للعيان ـ في الحرب الدائرة على جبهتين، والتي تطلق عليها واشنطن حاليا "أفباك" (أفغانستان ـ باكستان).

صحيح أن الرئيس باراك أوباما وافق الأسبوع الماضي على طلب البنتاجون إرسال 17 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان؛ لكنه في نفس الوقت أمر بمراجعة إستراتيجية تضمن ألا تسير الولايات المتحدة مغمضة العينين إلى ما يسميه المؤرخون "مقبرة الإمبراطوريات". ولاشك أن الأمر بإعادة انتشار قوات قبل اتخاذ قرار بشأن الإستراتيجية ليس فكرة جيدة، كما بينت تجربة العراق.

بيد أن القوات الإضافية لا تزيد عن نصف العدد الذي طلبه القادة العسكريون الأمريكيون. وقال مسئول كبير في البنتاجون "إن قرار إرسال 17 ألف جندي ليس استباقا لنتيجة مراجعة الإستراتيجية" محذرا من أن أوباما ومستشاره الخاص لشئون المنطقة ريتشارد هولبروك يرغبان في وضع بصماتهما على السياسة.

فقد ورثا ثلاثة مراجعات بشأن أفغانستان: الأولى أعدها ليفتانت جنرال دوج ليوت بتكليف من إدارة بوش، والثانية أعدها الأدميرال مايك مولن، رئيس القيادة المشتركة للأركان، والثالثة من إعداد جنرال ديفيد بيتريوس رئيس القيادة المركزية الذي يشرف على المنطقة.

وسرعان ما أمر أوباما بإعداد مراجعة رابعة ـ مراجعة المراجعات إذا صح التعبير. ويتمثل الخط الأساسي لهذه المراجعة في فكرة أن أفغانستان وباكستان خطران في حرب واحدة، هي مواجهة متطرفي طالبان والقاعدة في كل من البلدين، ومن هنا كانت "أفباك".

ويشرف على هذه المراجعة الأعلى بروس ريدل، أحد كبار محللي وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) السابقين، وهو منتدب لهذه المهمة لمدة 60 يوما من مؤسسة بروكلينجز.

وكجزء من هذه المراجعة يزور واشنطن هذا الأسبوع مسئولون كبار من العسكريين ومن جهازي المخابرات في أفغانستان وباكستان. وقال لي مسئول باكستاني كبير "نحن متفقون على أن هناك جبهة واحدة من كابول إلى كلكتا". غير أنه ليس من الواضح ما سيعنيه ذلك في الممارسة العملية.

وقد دهش مسئولون أمريكيون من إعلان باكستان الأسبوع الماضي أنها بحثت عقد هدنة مع متمردين إسلاميين في منطقة وادي سوات. ووصف مسئولون باكستانيون الصفقة، التي من شأنها فرض الشريعة الإسلامية في المنطقة، بأنها وسيلة لاسترضاء زعماء القبائل وإبعادهم عن ميليشيات طالبان. غير أن المسئولين الأمريكيين متشككون، فهم يقولون إن الحرب تسير على نحو سيء على الرغم من مائة ألف جندي باكستاني منتشرين في الشمال الغربي. ويقول مسئول مهم "مع كل هذه القوة البشرية لم يحققوا تقدما كبيرا".

وتتخوف واشنطن من أن تكون باكستان راغبة في وضع يدها في يد سوات، لتتفادى مشكلات أدبية مع جيش يفضل مواجهة الهند في الشرق عن المقاتلين المسلمين في الشمال الغربي.

وقبل عدة سنوات، وقع تنازل آخر في وزيرستان، عندما وافق الجنرال برويز مشرف على عقد هدنة بدلا من مواصلة حملة فاشلة. ولم يعد هناك تهديد حقيقي في وزيرستان الآن لمقاتلي طالبان والقاعدة إلا من الطائرات الأمريكية التي تصب قاذفاتها فوقهم بدون طيارين.

وفي مقابلة أجريت عبر الهاتف، عندما سئل مولن عن هدنة سوات، قال "من السابق لأوانه التوقع، لكن التاريخ ليس مشجعا. لن يكون الأمر جيدا إذا كان تكرارا لما حدث من قبل".

وقال مسئولون باكستانيون أن حكومة آصف زاردراي مستعدة لمقاتلة الميليشيات الإسلامية، إذا وفرت أمريكا الأدوات والتدريب اللازمين لمكافحة التمرد.

وتضم "قائمة الأمنيات" الباكستانية مروحيات مقاتلة، ومعدات الرؤية الليلية، ومدفعية خفيفة لمنطقة الحدود الجبلية، ومعدات تشويش لوقف بث راديو طالبان، وغيرها من العتاد ذي التكنولوجيا العالية.

وربما يفضل الأمريكيون تعليم أساليب مكافحة التمرد لجيش باكستاني منظم لخوض حرب تقليدية ضد الهند. وهنا تقول حكومة زارداري مرة أخرى أن لديها الاستعداد. ويقول الباكستانيون أن لديهم بالفعل 70 مستشارا من القوات الأمريكية الخاصة لتدريب قوات شرطة حرس الحدود في المناطق القبلية على طول الحدود ـ وأنهم مستعدون للموافقة على ثلاثة أمثال هذا العدد. بل أنهم يتحدثون عن معسكرات تدريب سرية في أمريكا، لتخفيض الوجود الأمريكي في باكستان.

ويعتبر الهدف الواسع لفريق أوباما بالنسبة لـ "أفباك" تحقيق ارتباط إستراتيجي ثلاثي الاتجاه لمكافحة عدو مشترك. وهو ما يعني مساعدات اقتصادية تبلغ مليارات من الدولارات لدعم الاقتصاد الباكستاني المتداعي، ويعني التركيز من جديد على مكافحة الفساد في أفغانستان، وربما يعني ابتعاد الولايات المتحدة عن الرئيس حامد كارزاي قبل الانتخابات الرئاسية الأفغانية في أغسطس المقبل (ما يعقد الموقف أن الفترة القانونية لولاية أوباما تنتهي في مايو).

فهل ستحتاج الإستراتيجية الجديدة قوات أمريكية أكثر من السبعة عشر ألف جندي الذين قرر أوباما الأسبوع الماضي إرسالهم؟ في الشهر المقبل، سوف يصدر هذا الشأن، وسيكون واحدا من القرارات المصيرية بالنسبة لرئاسته.

• © (2009), The Washington Post Writers Group. All rights reserved. Reprinted by permission.

التعليقات